صفحات العالم

قوات «حفظ سلام» مصرية في سوريا؟

 

 

رأي القدس

نشرت وكالة «تسنيم» الإيرانية خبراً نسبته إلى مصدر عسكري سوري «رفيع المستوى» في دمشق تحدث فيه عن مشروع جاهز لاستقدام «قوات حفظ سلام» مصرية إلى سوريا فور الانتهاء من «تحرير» مدينة حلب، وبحسب المصدر والوكالة فإن هذا المشروع جاء بطلب من القيادة المصرية.

المصدر اعتبر المشروع تعبيراً عن «التحولات العميقة في الموقف المصري» وبأنه نتيجة لتحقق «كل هذه الانتصارات على الأرض» وسينفذ بعد الانتهاء من العمليات العسكرية في حلب «وتحريرها بالكامل»، وأن معظم القوات التي ستشارك هم من حلفاء النظام السوري وروسيا وستكون من الصين وأرمينيا والصين.

في اليوم نفسه نشرت صحيفة لبنانية موالية لإيران معلومات جديدة عن تطور التعاون العسكري ـ المصري الذي قد يصل إلى انتشار قرابة 200 خبير أمني وضابط مصري على غرف العمليات والجبهات العسكرية، وكذلك في قاعدة حميميم الروسية في طرطوس على الساحل السوري.

يجيء هذا بعد أنباء متضاربة عن وجود طيّارين مصريين في مطار حماه، وسبقتها تصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في التلفزيون البرتغالي في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي حول «دعم الجيوش الوطنية في ليبيا وسوريا والعراق»، كما سبقتها زيارة لرئيس فرع الأمن القومي السوري علي مملوك ولقاؤه رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية خالد فوزي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

تسير أنباء التدخل العسكري المصري في سوريا على خلفيات وتطوّرات عديدة في الوضع العالمي والإقليمي تعطي لهذا التقارب دفعاً ومعنى.

أهمّ هذه التطوّرات ربما هو انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وهو اتجاه في السياسة الأمريكية يتقارب مع المنظور الاستراتيجي لروسيا في المنطقة العربية مما يجعل انضواء قيادة السيسي تحت المظلة الروسية ـ الأمريكية الجديدة أمراً مقبولاً وقابلاً للتشجيع.

التطوّر الثاني الذي فتح الشهيّة على التواجد على الساحة السورية هو عملية «درع الفرات» التركيّة، فالواضح أن القيادة المصرية تعتبر أنقرة الحاضن السياسي لخصمها الوجودي (جماعة الإخوان المسلمين) في المنطقة العربية، وبالتالي فإن امتدادها السوري سيكون شكلاً من أشكال التوازن مع التواجد التركيّ، ودليلاً، في نظر القيادة المصرية، على وزن مصر الإقليمي بحيث يكون وجودها السوريّ تأكيداً على امتلاكها أوراقاً عديدة في الساحات العربية، كما هو الأمر في ليبيا التي يحظى جنرالها خليفة حفتر برعاية عسكرية وسياسية وأمنية مباشرة منها.

الحماس الذي تبديه روسيا والنظام السوري وإيران هو لأسباب مختلفة، وقد تكون متناقضة، فروسيا تعتبر مصر جائزتها الكبرى ضمن الدول «السنّية» العربيّة لأن التحالف معها يخفف من النظرة إليها كحليفة إيران الشيعية وسوريا التي يقودها رئيس علويّ ضد الأغلبيات السنّية في العالم الإسلامي، فيما ترى إيران إلى القاهرة كحليف كبير ضد السعودية ودول الخليج، ويعتبرها النظام السوري بطاقة تأمينه للخروج من حصار الدول الأوروبية والعربية وتبييض صفحته الموشحة بصفحات الإبادة والتهجير والتدمير.

يحفل هذا الحلف المستجدّ بالكثير من التناقضات، فتشكيل قوّات «حفظ السلام» من حلفاء للأسد وروسيا وإيران بالتحديد والتعريف، يخرج هذه القوّات سلفاّ من أطروحة «حفظ السلام» ويجعلها ألعوبة دوليّة هدفها إعادة تطبيع حال النظام السوري مع المجتمع الدولي، كما أن دخول السيسي مع إيران وميليشياتها الشيعية في حلف ضد «الإرهاب الإسلامي» مرّة، وحلف «الممانعة والمقاومة» (مما يردّده «حزب الله» ذو الوزن الكبير في لبنان وساحات المجابهة السورية)، مرة أخرى، يجعل الحديث عن «وحدة سوريا» المزعومة في خبر كان، كما أنّه يلبس السيسي عباءة جديدة لن يقبلها الشعب المصري.

تذهب التنظيرات الاستراتيجية لبعض المحللين المصريين والعرب إلى الحديث عن أن سوريا هي عمق مصر الاستراتيجي، والغرابة في الموضوع هو أن الوصول إلى عمق مصر الاستراتيجي يمرّ بفلسطين، وليس على جثث أهلها وحصار جغرافيتها.

القدس العربي

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى