صفحات العالم

قيادة(حزب البعث) للدولة والمجتمع في سوريا ( من الضرورة الى المضرّة)

 


حكمت الجنيدي

مقدمة لابد منها :

بالأدلة والبراهين الملموسة والمشهودة وبمنجزاته على الصعد الحضارية والمستويات الحياتية كافة وفي المجالين الوطني والقومي , عبر ودلل حزب البعث العربي الاشتراكي الذي و بمبادئه وأهدافه ونظريته التنظيمية يشكل بكل اقتدار سبيلا وعقلاً كاملاً خلاقاً ينقل المجتمع العربي من محيطه إلى خليجه في صراط سليم نحو تحقيق آماله وتطلعاته في بناء دولة الوحدة العزيزة الكريمة التي ينتفي منها كل أسباب الفرقة والضعف والتخلف والجهل والقهر.

أما مسالة علاقة الحزب بالدولة والمجتمع والمعبر عنها بقيادة الحزب للدولة والمجتمع وفق المادة الثامنة لدستور حزب البعث العربي الاشتراكي ,هذه العلاقة ضرورة فرضتها جملة من ظروف ومعطيات موضوعية أملتها الشرائط الثورية العلمية القاضية بالتغيير الجذري للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي المتخلف والظالم في آن و التي جسدتها أهداف ومبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي في سورية وهي مسألة قديمة جديدة أسيء فهمها وتداولها وممارستها من قبل بعض القيادات الحزبية , بنفس المقدار الذي أسيء إليها من قبل أعداء الحزب والثورة ومن يوازيهم من المندسين في صفوف الحزب وماهم من البعث وأهدافه ومبادئه في شيء ولا على شيء , فالمسألة تعود في تاريخها إلى الأيام الأولى لاستلام حزب البعث دفة القيادة في قطرين عربيين متجاورين هما : العراق وسوريا .

إن ضرورة قيادة الحزب للمجتمع والدولة ( ضرورة وحدوية تحررية اشتراكية ) وخصوصاً في مراحله الأولى هي ضرورة ثورية علمية اشتراكية تنموية وقبل ذلك فهي ضرورة تربوية ثقافية نابعة من أعماق وصميم الثورة الإنسانية الأممية الجامعة التي قادها النبي محمد ( ص ) وفق دستور قرآني لا يأتيه الباطل من خلفه أو شماله فيه بينات من الهدى والفرقان كتاب مكنون شرحه وفصله ومن لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، نطق بالحق والصدق على طريق العدالة الإنسانية والحرية والمنعة وهل (المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار) إلا م أعمق و أرقى تجليات الاشتراكية التي لم تستطع الحركات والأحزاب الثورية الاشتراكية عبر تاريخها من الارتقاء إلى مستواها حتى اللحظة التاريخية المعيشة الآن

وهل المبدأ أو القاعدة الفلسفية الثقافية الفكرية المعرفية الإنسانية المتعلقة بالسلطة والقيادة في أي مجتمع والتي قال فيها القائد الأممي الحكيم الخليقة الإسلامي الراشدي الإمام علي ( ع ) : ( كما تكونون يولى عليكم )والمقولة الأرسطية نسبة للفيلسوف ( أرسطاطاليس ): ( البنية الفوقية تفرزها البنية النحتية والعكس صحيح ) وهي المعروفة بالعلة الأرسطية التي بنت الحضارة اليونانية العظيمة يوما ًو التي سيطرت وحكمت الأرض .

ألم تشر أدبيات حزب البعث العربي الاشتراكي إلى أن فكره ومنطلقاته هي منطلقات عربية إسلامية محمدية إنسانية كونية عبر إشاراته إلى الحركات الاشتراكية الثورية عبر التاريخ منذ الحركة الثورية الاشتراكية المحمدية والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار مروراً بحركات ثورية انعتاقية من الظلم والجوع والاستبداد كحركة المقنع اليماني وحركة القرامطة وحركة الزنج وحركة العيارين والفتيان وغيرهم وحركة أبي مسلم في من حركات كثيرة في العصرين الأموي والعباسي كان أخرها ثورة الحسين ( ع ) في كربلاء والثورة الإسلامية الإيرانية والثورات .

ألم يكن حزب البعث العربي الاشتراكي ولم يزل وسيبقى حركة مستمرة ذاتية ثورية علمية ضد الفرقة والتجزئة العربية التي غذاها ويغذيها الإقطاع وفكره الرأسمالي المعادي للاشتراكية والوحدة معها وهي مصالح الجماهير الكادحة والمظلومة في المجتمع والأمة .

كان من إبداعات بل من مزايا الحزب في أدبياته وفلسفته العظيمة عن بقية الأحزاب العربية التحررية الثورية التقدمية أنه ربط بين النضالية القومي الوحدوي والاشتراكي الإنساني ربطا أبرز بالتداعي المنطقي والفلسفي المحتوى التحرري والديمقراطي الصحيح الذي يتيح لكل فرد من أفراد الأمة أن يمارس حريته في الاعتقاد والفن والتعبير والكلام بحرية تامة ولا غرو إن جاء ذلك واضحا وصريحا لا لبس فيه في مبادئ الحزب و في دستوره ,

ليعطي كل إنسان حقه قبل أن يجف عرقه من العمال وملك الفلاحين وحراث وحراس الأرض وزراعيها الذين كانوا عبيدا عند الإقطاع البائد وأقرانهم المتمثلين بالرأسمالية والبورجوازية التجارية والصناعية و.. و.. , وحتى الثقافية منها التي نرى بل نعاني من تغلغلها كالسم في جسد الحزب والثورة والمجتمع والدولة معاً في ظل شعارات حق أريد بها باطلاً من التشارك والتشاركية و التكامل والتكاملية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية وما شابه وما إفرازات الواقع الاقتصادي والاجتماعي وحتى الثقافي المعيشي الذي تئن تحت وطأته الدولة والمجتمع معاً لدليل على زيف وخبث هذه الشعارات المسمومة المناهضة للبعث وثورته الوحدوية الاشتراكية الديمقراطية والمغلفة بالعسل لتذكرنا بقولة عمرو بن العاص يوما ً : ( إن لله جنود من عسل ) .

إن حزب البعث العربي الاشتراكي العظيم جاء رداً على مسائل ثلاث : الفرقة والديكتاتورية والعبودية ,وذلك من خلال طرحه للوحدة والحرية والاشتراكية والتجزئة وربطاً وثيقاً وعضويا ً بين النضال من أجل الوحدة والنضال من أجل الاشتراكية بمعنى أن كل خطوة بخطوها ويحققها على الأرض هي خطوة ضرورية جدلية تؤدي إلى بل تحقق أوتوماتيكيا وبالتداعي المنطقي إلى الانعتاق الشعبي والقومي من كل أشكال التسلط والقهر وكبت الحريات والمعبر عنها بالحرية والديمقراطية وجعل من أجل ولأجل تحقيق وذلك مبدأ وضرورة هي : قيادة الحزب والمجتمع والدولة في أن بغية تحقيق التحويل الاشتراكي فقال بضرورة تطوير الدولة ثورياً وديمقراطياً من أجل مساهمتها الفعالة والجدية في التحويل الاشتراكي وذلك في مؤتمره القومي السادس ( 5 ــ 23 ) عام 1960 وهو أول مؤتمر قومي يعقد بعد استلام الحزب للقيادة في قطرين عربيين مهمين هما العراق وسوريا .

ثم يجيء المؤتمر القطري الخامس ( 8 ــ 4 ) عام 1971م في سورية عقب الحركة التصحيحية ببضع أشهر قليلة ليؤكد دور الحزب في قيادة الدولة والمجتمع من خلال الخطط والبرامج التي تضعها مؤتمرات الحزب مؤكداً على ضرورة المحاسبة الصارمة للمسيئين والمستغلين سواء أكان من الحزب أو الدولة ( الحكومة ) والسؤال هنا ألا تعني المحاسبة الصارمة للمسيئين هو تدخل الحزب مباشرة بالدولة ( الحكومة ) وإلا فماذا يعني وجود قيادات حزبية من مستويات شتى من الحلقة ( الخلية ) فالفرقة والشعبة فالفرع و على مستويات القطاعات المدنية والعسكرية معاً .

ولكن الذي صار أن الذي جرى في سورية بعد قيام الجبهة الوطنية التقدمية وإحداث مجلس الشعب والإدارة المحلية وقوانين الاستثمار وما شابه , أنه جلبت معها القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية من المناهضين لثورة البعث الاشتراكية إلى دائرة القرار والسلطتين التشريعية والتنفيذية وصدمته مع مبدأ وضرورة قيادة الحزب للدولة والمجتمع منذ تأسيسهما وانطلاقتهما ، تم استغلال وانتهاز هذه القوى غير البعثية وغير القومية الاشتراكية جملة من التغيرات والتطورات والتحولات الدولية على الساحتين السياسية والاقتصادية والأمنية سقوط الاتحاد السوفيتي إلى المنظومة الاشتراكية ثم حربي الخليج الأولى والثانية ثم احتلال العراق والمشروع الأمريكي الصهيوني بامتياز ( الشرق الأوسط الجديد أو الكبير على غرار ونسق ونهج (سايكس بيكو) بل أسوأ وأخطر بكثير منه ,وجملة ما يجري على الساحة العربية ويمارس من ضعضعة القائم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي , وجملة الصراعات في المنطقة والعالم على النفوذ والاحتلال والسيطرة ثم بروز المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها وثقافة العولمة البغيضة حاكمة مطلقة على العالم وبقوة السلاح واختطاف هيبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وزرع الفتن والقلائل والحروب مابين وداخل الدول ذاتها في أكثر من مكان في أوربا وآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية و ما يجري عل ساحتنا العروبية في مشرقه ومغربه من فتن وحروب وفساد ، لتستغل القوى الرأسمالية والإقطاعية والرجعية هذا الذي جرى ويجري في المنطقة والعالم لتنقض على الحزب والثورة ومنجزاتها على مدى ستين عاماً .

واستغل أيضاً وبشكل سيء ووقح ( اقتصاد السوق الاجتماعي ) وجعل منه أعداء الثورة والحزب أداة خفية وأسلوباً ناعماً و شكلاً من أشكال الانقضاض على الحزب والثورة ومنجزاتهاعلى صعد ومناحي الحياة كافة,يعضده الفساد الاداري والمالي وغياب المحاسبة المنتجة والفعالة عت فعل شيء يذكر, وتفاقمت البطالة واتلرشوى وهدر المال العام والبيروقراطية والمحسوبية وكل أشكال الفساد الذي أتى على المنظومة القيمية والأخلاقية في المجتمع السوري,فاستغلت القوى التي تتربص بالبعث والثورة الدوائر لتنقض كما نرى ومن داخل الحزب والمجتمع على الحزب والمجتمع معا تتويجاً لحراكها الذي لم ينقطع منذ حركة الأخوان المسلمين في سوريا تلاها الحصار الاقتصادي الأوربي الأمريكي على سوريا في عقد الثمانينيات من القرن المنصرم , فالحصار الأمريكي والغربي عموماً على سوريا حالياً أدوات تطويع و تركيع وتطبيع لسوريا مع مشروع العولمة الامبريالي الصهيوني بامتياز.

نعم استغل هذا الاقتصاد واستعمل بأساليب وفلسفات مغرضة شتى سلاحاً تدميرياً للحزب والثورة وبالتداعي المنطقي أيضاً إلا شكلاً و أداة من أدوات إجهاض دور الحزب في القضاء على قيادة للدولة والمجتمع المبدأ الذي تطالب به القوى المعادية للحزب منذ نشأته وليس الآن فحسب .

والانقضاض دفعة واحدة وفي آن على منجزات الحزب وثورته الاشتراكية على الصعيد الاقتصادي الاجتماعي الذي تشهده وتدافع عنه جماهير الشعب من العمال والفلاحين والطلبة والمثقفين الثوريين والعسكريين وصغار الكسبة .

إن الوضع الاجتماعي الاقتصادي لجماهير العمال في سورية في ظل التطبيق المنقوص والسيئ لاقتصاد السوق الاجتماعي , وضعهم في حال صراخ و اشتكاء واضحين لم يستطع القانون حمايتهم وإبعاد شبح الفقر والعوز عنهم في ظل تراخي قوانين الحزب والحركة التصحيحية ومجاملة رجال المال والأعمال و مشاركتهم في قيادة واقتصاد واجتماع البلد إلى درجة لم يعد بمقدور الحزب والدولة ومباشرة من وضع حد لمثل هذه القوى الاقتصادية السياسية بطبيعتها والمعادية أصلاً لمبادئ وأهداف حزب البعث في الوحدة والحرية والاشتراكية الأمر الذي جعل من الكثير من الطبقة العاملة ومن الفلاحين الانضمام إلى صفوف الحركات الإسلامية الرجعية في الساحة العربية في ظل ابتعاد الحزبيين الثوريين ومنهم البعثيين ذوي التقاليد النضالية العريقة والأصيلة عن الحزب ولانكفاء في بيوتهم فينظرون بحرقة وأسئ على ما يجري على هذه الساحة العربية من مشرقها إلى مغربها ، يضاف إلى ذلك غياب وضعف الأحزاب الشيوعية العمالية المؤمنة بالاشتراكية العلمية عن فعل أي شيء إلا التزلف ومجاملة الحكومات و السلطات حيثما تكون للفوز ببعض النفوذ الشخصي والفردي لقادتها وإغواء قواعدها بالجدوى المرحلية لهذه المكاسب الضيقة والذي لا أراه إلا تسويفاً احتيالا صريحين على قواعدهم , الأمر الذي زاد في طين بلاء وعوز العمال والفلاحين بلة أنكى وأدهى .

الديار

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى