صفحات الثقافة

“كل شيء عن هاني درويش”/ أحمد ندا

 

 

وكأن الفجيعة بموت هاني درويش لم تزل طازجة حتى اليوم. في نهاية تموز/يوليو 2013، رحل هاني فجأة، تاركاً هول الصدمة في نفوس أصحابه وزملائه ومن عرفوه. كنا نبحث في حضوره الفايسبوكي الأخير عن عزاء، أو عن كلمات وداع. كلماته الأخيرة في فايسبوك: “بس ايه رايكم في العفن؟ ايه رايكم في اليأس؟ كل ما نوصل للحظة صفر القاع الوجودي، نطلع من العدم بأمل”.

قبل أيام، ظهر تصميم، في صفحات مقربين من درويش، يظهر صورته بالأبيض والأسود، وكلمات ملونة: “كل شيء عن هاني درويش”، ليتساءل الجميع، هل هو كتاب جديد عن هاني درويش؟ هل هو كتاب جديد له بعد “إني أتقادم: مسارات شخصية في أحراش القاهرة”؟ لنكتشف أن الصورة، هي إيذان بإطلاق موقع أرشيفي لما كتبه هاني وما كتب عنه.

الصحافي والشاعر محمد أبو زيد هو صاحب المبادرة والمشروع، بحسب الكاتب ياسر عبد اللطيف، أحد الأصدقاء المقربين من الراحل هاني درويش الذي كان أحد الكتّاب الأساسيين في “المدن”.

يقول عبد اللطيف: “إن جهد محمد أبو زيد في الموقع شخصي تماماً، هو من جمع المواد، وأرشفها، مجموع ما كتبه في الصحف المصرية واللبنانية، إلكترونية وورقية.. جمع أبو زيد المواد من مصادرها، وصنف المقالات تصنيفاً نوعياً، حتى تدوينات هاني درويش في “فايسبوك”. مثلاً كتاب “إني أتقادم” لن يكون على الموقع بصورته في الكتاب. ولا الكتاب المزمع صدوره قريباً “أيام الملل الثوري”، المقالات مصنفة في محاور أخرى، وهو أيضاً استأذن ناشرة هاني درويش، كرم يوسف مديرة دار “الكتب خان”، والكتب منوه عنها كأغلفة”.

جهد “قديسين” هو ما يقدمه أبو زيد في موقع هاني درويش، لكنها ليست انجازاته الأولى، يقول عبد اللطيف: “أبو زيد يفعل ذلك دائما، في ملفات الكتّاب الصحافية التي كان ينجزها لموقع الكتابة. ففي الملف الخاص عني، جمع أبو زيد كل ما كتب في الصحف عني وأهداه لي مرقمناً، رغم أن الكثير منه كان ورقياً، حتى أن بعض المقالات لم أكن أعرف عنها شيئاً”.

فوجئ إذن المقربون من هاني درويش، ومنهم فريق التحرير في “المدن”، الذي كان هاني واحداً من أسمائه الأولى، ونجومه من لحظة إطلاقه. فوجئ الجميع بالموقع، دون ضجيج أو وعود مؤجلة.

محمد أبو زيد الشاعر الهادئ العامل في صمت، من دون انتظار لتقدير مادي أو معنوي، المتفاني والمحب لما يفعل، يقول لـ”المدن”: “الموقع يأتي امتداداً لفكرة الملفات التي بدأت في موقع الكتابة، وكان الغرض منها جمع تراث الكتاب المصريين، كل ما كتب عنهم، جل ما كتبوا، وأعتقد أننا قدمنا ملفات مهمة في هذا الصدد عن أحمد يماني، وإيمان مرسال وعلاء خالد وياسر عبد اللطيف وأحمد طه وإبراهيم فرغلي ومصطفى ذكري وغيرهم، وكان الغرض بالفعل أن تفيد هذه الملفات كل دارس للأدب أو محب أو من يريد أن يعرف ماذا قدمت هذه الأسماء، خصوصاً جيل التسعينيات”.

ويضيف: “أردت في ما بعد أن أحول كل ملف إلى موقع، لكن كان ذلك صعباً لأسباب عديدة، ففكرت في عمل ذاكرة افتراضية لعدد من الكتاب الراحلين، الذين لا أرشيف كبيراً لهم في الإنترنت، وكان الصديق الشاعر ياسر عبد اللطيف هو صاحب فكرة أن نبدأ بأسامة الدناصوري وهاني درويش”.

سيرة هاني وكتابته، دفعت أبو زيد –بمحبة- لأن يبادر، يقول “لماذا هاني درويش؟ لأنه يستحق، لأنه لم يلق التكريم الذي يستحقه، لأن الموت خطفه مبكراً قبل أن نحتفي به، لأنني اكتشفت بينما أبحث في تراثه، مبدعاً وكاتباً وناقداً فنياً وأدبياً رفيعاً، وباحثاً في المكان، ومحللاً سياسياً”.

بحسب أبو زيد أيضاً، “قدمت موقع أسامة الدناصوري منذ حوالي سنة، وأعتقد أنه اشتمل على كل ما كتبه، وما كتب عنه ـ في حدود ما وقعت عليه يداي، وخلال أسبوعين سيظهر موقع هاني درويش الى النور.. الموقع بدأت العمل فيه منذ أكثر من عام، استغرق الأمر وقتاً للحصول على جل ما كتب، وما كتب عنه”.

لم يغب هاني درويش عمن حوله، وحسابه الفايسبوكي ما زال نشطاً، كأنه مازال بيننا، وأصدقاؤه المقربون يخرجون منه كلماته واشتباكاته مع الحياة والصحافة والكتابة والثورة. الصحافي المحب للحياة إلى النفس الأخير، الحار في تحليلاته وكتاباته، حرارة الشغف بما يفعل. أيام قليلة وسيكون ميراث هاني درويش متاحاً لمن سمع عنه ولم يقرأه، أو قرأه ولم يكتف بما قرأه. أيام وتنتقل حرارة هاني إلى الفضاء الإلكتروني تامّة، ليعرفها الجميع، بجهد مؤسسي يقوم به الشاعر والصحافي محمد أبو زيد منفرداً.

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10156988036952802&set=a.10156988056807802&type=3&theater

المدن

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى