صفحات العالم

كل ما يطلبه الشعب السوري هو حقوقه الأساسية

 


سايمون كوليس

أوحى وزير الخارجية السوري في 22 يونيو (حزيران) الحالي بأن بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية تحرض على الفرقة في سوريا. بينما في واقع الحال نحن نسعى لما هو عكس ذلك. حيث اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 20 يونيو واتفقوا على أن «السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في سوريا على المدى الطويل يكون عبر الانتقال السلمي للديمقراطية المبنية على الوحدة الوطنية واحترام حقوق جميع المواطنين».

وأكد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ وغيره من الوزراء الأوروبيين على أن السبيل الوحيد لهذا الاستقرار يكون عبر عملية سياسية. وطالبوا مجددا السلطات السورية بإجراء حوار وطني حقيقي ذي مصداقية يشمل الجميع، والمضي في إصلاحات سياسية دون تأخير.

كما أكدوا أن البدء في هذه العملية يتطلب أن توقف السلطات السورية العنف، وتتوقف عن اعتقال وترهيب المواطنين السوريين، وتفرج عن كافة المعتقلين الذين لهم صلة بالمظاهرات إلى جانب غيرهم من السجناء السياسيين الذين ما زالوا في السجن رغم العفو الذي صدر مؤخرا.

إن العفو الثاني الذي أعلن عنه الرئيس الأسد في كلمته الأخيرة يعرض فرصة للإفراج عن شخصيات مثل كمال لبواني، والذين لم يتم الإفراج عنهم بموجب العفو الأول. وآمل جدا أن تنتهز هذه الفرصة.

كما قال السيد المعلم أيضا إن عقوبات الاتحاد الأوروبي تستهدف سبل معيشة المواطنين السوريين. بينما واقع الأمر أن المشكلات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد السوري اليوم ناتجة عن انهيار السياحة والاستثمارات، والانخفاض الكبير في التجارة العابرة وفي ثقة المستهلكين. هذه المشكلات هي نتائج مباشرة ومتوقعة للطريق الذي اختارته السلطات السورية لمعالجة الأزمة، وذلك بلجوئها للاستعانة بالأجهزة الأمنية لوقف المظاهرات السلمية بالقوة. والعقوبات الموجهة التي فرضها الاتحاد الأوروبي حتى الآن تستهدف 30 شخصية و4 مؤسسات، لهم صلة بالعنف الذي تمارسه السلطات السورية ضد شعبها. ولا يمكن اتخاذ ذلك ذريعة لإلقاء اللوم على جهات خارجية بسبب المشكلات الاقتصادية التي تواجهها سوريا الآن.

لقد أسعدني سماع مطالبة السيد المعلم جميع الدبلوماسيين في سوريا أن يكونوا موضوعيين ويرسلوا تقارير عما يشاهدونه. وقد استجاب الدبلوماسيون البريطانيون لعرض لزيارة جسر الشغور في 20 يونيو. كما دأبنا على المطالبة بالسماح لوكالات إغاثة إنسانية دولية ووسائل الإعلام الدولية ودبلوماسيين بزيارة مناطق أخرى وقعت فيها أعمال عنف في سوريا، مثل درعا وحمص وتلكلخ وتلبيسة والرستن وبانياس، حيث وردت أنباء عن سقوط قتلى بين المدنيين السوريين خلال المظاهرات في هذه المدن. ويشير تقرير للأمم المتحدة إلى أن ما يفوق 1,000 مواطن سوري قتلوا في سوريا خلال الشهور الأخيرة، بينما تم اعتقال ما يربو على 10,000 شخص. هذا رد غير متكافئ نهائيا مع حركة مظاهرات سلمية في الغالب.

ما شاهده الدبلوماسيون في جسر الشغور يظهر هجوما شنه مسلحون على نقطة عسكرية سوريا ومبانٍ حكومية أخرى. ونحن ندين العنف من كافة الأطراف، ونطالب المتظاهرين في سوريا بالمحافظة على الطبيعة السلمية للمظاهرات. لكن حق قوات الأمن بالدفاع عن أنفسهم لا يمكن أن يبرر إطلاق النار على متظاهرين غير مسلحين. والسبيل الوحيد لضمان إرسال تقارير موضوعية حول الوضع المعقد عادة في سوريا يكون بالسماح بزيارة المناطق دون عراقيل.

لدي انطباع، منذ أن زرت سوريا لأول مرة قبل ما يفوق ثلاثين عاما، بأن الشعب السوري مستقل معتزّ بنفسه ويرحب بالأجانب. وغالبية السوريين الذين أعرفهم لا يريدون تدخلا أجنبيا، وهذا ليس ما تنتهجه بريطانيا. لكنهم يريدون أن يعرفوا بأن سائر العالم يقف إلى جانبهم في صراعهم الحالي السلمي لأجل الحصول على نفس الحقوق والفرص الأساسية التي يتمتع بها الشعوب في كل مكان، والتي يطالب بها حاليا شعوب المنطقة.

* السفير البريطاني في دمشق

الشرق الأوسط

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى