صفحات الثقافةفواز القادري

كوابيس حلب/ فواز قادري

 

 

 

حلب تباد وأنت تتفرج

 

تنام وتتألم

تستفيق وتتألم

كيف تخرج من رأسك مدينة بكاملها؟

نمتَ على كوابيسها.

بطعم الدم هذا الصباح.

 

*

 

حلب صرخة بوسع الكون

بلادي ليست حطاماً فقط

تتفتت كقطعة خبز يابس

 

بلادي تتناثر كالهباء

وأنا أتفرج ولا أفعل شيئاً

لا أملك يدي ولا أتحكم بالريح

فمي صرخة لا تُسمع

عيناي وحدهما تريان وتنزفان

أرى أتعذب ولا أفعل شيئاً

ولكي لا أختنق مثل الصغار

مع كل دمار ومذبحة

تتنفس وتغيّر هواءه القصيدة.

 

*

 

صرخة أمّ في فمها رصاص مصهور:

حلب الآن العلامة والقيامة والصليب

حلب الصراط فلا تستعجل الهزيمة

لمن يمشي ومن يموت ومن يحيا.

 

*

 

حلب تنام ولا تستفيق

تحت حطامها الشاسع

ينام الصغار ولا يستفيقون

ضمائر العالم نامت مع الموتى ولن تستفيق

الشاعر وحده يتقلب في الكابوس

لا ينام ولا يستفيق.

 

*

 

عن لا أحد أكتب

عن عالم يتفرج

وحلب تلفظ أنفاسها في الكابوس

عن غربان بلا قلوب تتفرج

عن قطط الحارات والعصافير

وعن جثث بلا ملامح في الأكفان

للأشباح أكتب صراخ الصغار الأخير

يتنفسون قبل الموت

يتطاير الغبار من أفواههم

ولا يتحرك حجر في الحطام.

 

*

 

حلب تحت المقصلة

 

من يرى المشهد جنائزياً على فواجعه؟

كما يراه موت خرافي ولا يصدق ما يرى

خرافي كدمعة طفل يبحث عن أبويه تحت الركام

نرى بعيون الأحجار التي تكتم أنفاس الصغار

بعيون الصرخات التي تفتت دخان الحرائق وأسوار الخداع

بعيون حليب يصبغ التراب بالنوايا البيض

نرى الاغتصاب والتجويع والحصار

الطائرات بقلبها الأسود الحقود

وسنرى معجزة الشارع الشعبي ينهض

حلب ما زالت تنبض تحت الركام.

 

*

 

على حلب وأخواتها

أنفق الناس الكثير من الأرواح

الدمعة قفاز القلب المعطوب

كيس ينابيع الأوجاع الشفاف

وجوه تكاد تنساها فتذكرك بها المصائب

شارع يلملم الذكريات عن الأرصفة

ويضعها في جيب الغريب الخلفي

شحاذ أخرس يبتهل بالدموع

الدمعة لها أقرباء كثر ومعارف

أينما ذهبت تجد لها أسرة في العيون الحزينة

وأنا أنفقت أغلب ما ادخرت

عندي دمعتان صالحتان فقط للفرح

وأحتاج اليوم إلى بكاء بشرفات

بكاء هادئ لكي لا تلفظ مع الروح

 

أحلامها وسكانها حلب.

 

*

 

صرخة الشاعر الدامية:

هل ينام من جرحه ضفتان؟

وبركان دمه نهر لا يتوقف.

 

*

 

صرخة حلب العالية:

تحاصرني الدنيا وما فيها

يداي مرفوعتان ووجهي إلى الحائط

وخلفي العالم فرقة إعدام تضحك.

 

 

 

* شاعر من سورية يقيم في ألمانيا

ضفة ثالثة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى