صفحات سورية

كيف تصبح مؤهلا لحلبة الاتجاه المعاكس في دقيقتين بدون معلم!!


أحمد عمر

بشّرتنا فضائية التبن الرسمية، بسقوط رئيس جماهيرية الجزيرة جزاء تغطيته الإعلامية ‘النكراء’ للاحتجاجات في سورية وعرضه الصور الملفقة في ‘استوديوهات قطر’ بيكتشرينغ، واستضافته خريجي معهد غوانتانامو ‘للإرهاب’ أمثال عبد الحكيم بلحاج ونلفت إلى إنّ الإشارة إلى تخرجه من سجون غوانتانامو من قبل فضائيات التبن مغازلة صريحة لدادا أمريكا وتضامنا مع بابا معمر! وانتظرنا، أن تنقلب عناوين برامج الجزيرة من ‘الشريعة والحياة’ إلى ‘العلمانية والحياة’، أو ‘الاشتراكية والحياة’ أو ‘البعث والحياة’ ومن ‘الاتجاه المعاكس’ إلى ‘الاتجاه الوحيد الأوحد’ وبلا حدود إلى ‘إنما للحرية حدود وسجون ومعتقلات بلا حصر’.

وظهر وضاح خنفر في يوم ‘الخلع عن العرش’ في الحصاد الإخباري وانتظرنا أن يعتذر، عن الخداع الذي تعرض له مدة سبعة أشهر وأنه ذهب ضحية ‘شهود عميان’، وانه يبوس القدم ويبدي الندم على غلطته في حق الغنم والتيوس، وسيلتحق بدورة تدريبية في فضائيات التبن والمطر ليتعلم أبجد هوز الإعلام على يدي الإعلام ‘المقاوع’، لكن خنفر – ووجهه وضاح وثغره باسم – ظهر ليقول انه استقال بعد خدمة ما يقارب ‘مدتين رئاستين’ على عتبة عصر الثورات العربية. أما وصف فضائيات التبن بالمقاومة فيوحي بأنها تذيع ليل نهار أغاني التحشيد وأناشيد التعبئة ضد العدو الإسرائيلي وليس ضد الشعب المطالب بالحرية!!

شرح الكلمات الصعبة:

المقاوعة: مقاومة + ممانعة = الأبد

بدون معلم

يعتقد معتقدون أنّ حلقة الاتجاه المعاكس السابقة، والتي صار اسما بطليها مرفوعين على لافتات المظاهرات السورية؛ هي كفارة عن الحلقة التي قبلها، والتي جمعت جنرالا من عهد أحمد سعيد مع إعلامي من طراز ‘اف سكستين’، وأنّ محمد العبد الله، سجين الحرية السابق، والمنفي اللاحق، والمكلوم بأبيه الذي سجن مرات متتالية بسبب كلمة، وأمه التي ماتت حسرة من غير أن يودعها، وأخيه المطارد، صال وجال، وطلب النزال وهو يرفرف كالفراشة ويلسع كالنحلة ويغرد كالبلبل ويحلق كالصقر. اجتمعت في الحلقة بدائع الكوميديا وروائع التراجيديا. المرح تبدى في سرعة بديهة العبد الله وتعليقاته الذكية والساخرة، وانشغال ضيفه -الذي قد يصلح ضيفا كريما لبرامج أخرى مثل وزنك ذهب – بأناقته وصورته على الشاشة وتمترسه وراء دشمة واحدة هي المؤامرة. تمنيت لو حلّ محله أحد الأبواق الثلاثة اللبنانية: الأصلع الدجال، أو الأشقر الدجال أو الايعر الدجال حتى نتمتع بعرض سجالي فكري وإعلامي فاتن.

وقد حاولت أن استفيد من الحلقة في وضع وصايا سبعة للمتقدمين إلى حلبة الاتجاه المعاكس، ولنتصور قائد الاوركسترا فيصل القاسم وهو يعزف على الاوكورديون طارحا هذه القضية: هل نحمد الله على نصف الكأس المملوءة بالماء أم نجلد الذات على نصفها الفارغ؟ من الذي افرغ الكأس؟ هل هي إسرائيل أم أن المياه المقدسة تبخرت على نار الفساد وبطش الذين طغوا في البلاد؟ لماذا كأسنا مثقوبة من الأسفل ومقفلة من الأعلى بالشمع الأسود ؟ أليس الأفضل أن يكون لكل مواطن كأسه التي يشرب بها الذل بعد سبع عشرة موافقة أمنية؟ ما الأقوى على الرأس: الفأس أم الكأس، الم يقل الشاعر:

وما زالتِ الكأسُ تَغْتالُنا … وتذهبُ بالأوَّلِ الأَوَّلِ. أسئلة اطرحها على… ضحية وجلاد:

اولا: اهجم، بوعزيزي الضحية، دائما واطلب رفعا للحجب الالكتروني على الماء والهواء واطلب إباحة الحريات وإطلاق اسر الغيوم في السماء ثانيا: لا تغضب، فالغضب جمرة تحرق صاحبها، ويفضل أن تشفق على خصمك الجلاد، وقبّل صلعته إن أمكن وتبرع له بالكأس التي يدافع عنها عسى أن يتسمم بها ثالثا: السخرية أفضل جواب لبضائع إعلامية بالية مثل: المؤامرة، الامبريالية، إسرائيل.. التي لا يسمح للشعوب العربية بالتظاهر ضدها خوفا من المندسين؟

رابعا: تجنب الشخص الذي أمامك وانشغل بمذهبه الفكري أو السياسي الآسن. خامسا: حاول تلخيص القضية في مثال الشعوب العربية المنكوبة التي تسبح في أحواض زينة السلطان المعاصر وتستخدم للأكل عند اللزوم.

سادسا: عزيزي الجلاد، لا تنهض لمصافحة خصمك الضحية من غير حزام أمان. سابعا: اشترط ‘عزيزي الجلاد’ استخدام كراس ليس لها عجلات أو موتدة جيدا! لا يخطرن للقارئ أنّ الناصح – الذي هو كاتب السطور – يمكن أن ينجح في الفوز بالاتجاه المعاكس على جلاد ما، أصلع أو أشقر أو أيعر، فإذا ظهر لي خصم الجلاد المصري الذي هدد المنصف المرزوقي بقطع لسانه، كنت سأخرج له لساني له قائلا : تفضل.. ثم أتبرع بأطول أصابعي .. هدية مع اللسان.

شرح الكلمات الصعبة: ‘اليعار صوت المعزاة’.

تحولات الدنيا والآخرة

ظننت، ظلما، أنّ فراعنة الأرض العربية أقوى من القدر، ثم تبيّن أنّ دوام الحال من المحال، والدنيا لا تثبت على حال ، هكذا قالت الأمثال، وجرت الأحوال. ودليل ذلك أنها (أي القناة) صارت تقلل التشخيص وتكثر من مفردة الوطن واسم الجلالة، بل إن قناة الدنيا صارت تنافس قنوات الآخرة، بدليل نقلها خطبة البوطي من الجامع الأموي التي غفلت عنها فضائية نور الشام الدينية، لكنه كان اغرب نقل فضائي، فقد راحت الكاميرا تتجسس على هيئة البوطي وسمته – الذي هاجم قناتين فضائيتين زرقاوتين في خطبته! – و وتتحسس عينيه ولحيته وجبينه وركوعه وسجوده، وتحدّق في سبابته عند التشهد، في شخصنة من نوع جديد، على خلاف كاميرات القنوات الدينية التي تنقل الخطب بوقار ونمطية، ويبدو أنها تريد أن تقول للنظارة أنها اتقى قناة في الأرض؟ بقي أن اعبر عن سخطي على حجب الاتحاد الأوربي قناة دنيا تراجيدي، قناتي المفضلة.

مرصد نساء سورية

تقيم دول عدة مهرجانات دورية للضحك من غير طرائف او نوادر او دنيا تراجيدي، وتكتفي مؤسسات هذه الدول بالإضحاك بالتعدية بجراثيم الضحك الصوتية والتهريج، لكني من الذي يعتقدون أنّ الإكثار من الضحك بدون سبب يميت القلب وان الابتسام يحييه. وقد أضحكني بوليفار نساء سورية في حديثه للدنيا تراجيدي عندما ساوى جرائم قتل الشرف بجرائم قتل الخطأ الطبي للأطفال! ورأى أن آباء الأطفال المقتولين بأخطاء طبية أولى بالانتقام من قتل القريب قريبته الخائنة! وإذا طبقنا قاعدة سبارتاكوس نساء سورية، بآلة القياس هذه، سنجد أن اشتعال حرب طروادة كان بسبب إجراء باريس عملية استئصال اللذتين (لذته ولذة هيلين)، وأنّ كازانوفا كان اكبر جراح عاطفي وجنسي عرفه التاريخ، وان أساف أستأصل وردة الشرف لنائلة من غير الم.. أما القول أن الأنظمة الاستبدادية تفضل توزيع قضية الحرية إلى حريات فرعية مثل: الوطن، المرأة، البيئة، الحيوان.. فهو من ألف باء تمديد الاستبداد، فهي تفضل تحويل معركة الاستبداد السياسي إلى استبداد ديني أو استبداد اجتماعي، أو ‘استبداد طبي’ من النوع الطروادي.

كاتب من كوكب الأرض

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى