صفحات الناس

كيف تكون سائحاً في سوريا؟/ زينب ترحيني

 

 

 

أقلّ من 15 يوماً فصلت بين تصريحين مرّا سريعاً في نشرات الأخبار والمواقع الإخبارية. الأوّل هو تصريح معاون وزير السياحة السوري، يقول إن بلاده استعادت 30 في المئة من خسائرها السياحية، وذلك بفضل التوجّه نحو السياحة الداخلية في المناطق الآمنة، وإقامة المشاريع المتوسطة والصغيرة، خاصة في المحافظات.

الثاني هو تصريح منسقة الشؤون الإنسانية لحالات الطوارئ في مجلس الأمن التي خرجت الأسبوع الماضي رافعةً صوتها بأن أزمة إنسانية عميقة واقعة في سوريا وليس هناك من يسمع. وممّا قالته السيدة «لقد شاهدتُ بحكم منصبي أسوأ ما يمكن لبشر أن يقوم به»، وأنّه «منذ شباط/فبراير الماضي تضاعف عدد المحاصرين ليصل إلى 422 ألف شخص، والقيود المفروضة على وصول المساعدات ما زالت قائمة».

على موقع وزارة السياحة السورية، الدنيا ربيع. كلّ شيء على حاله، ولا كأنّ غيمة مرّت فوق البلاد. في آخر أخبار موقع الوزارة: «تمديد فترة تقديم العروض لاستثمار مواقع الشواطئ نظراً للإقبال الشديد من السادة المستثمرين»، ومعلومات عن الندوة الفكرية التي أقيمت في ايطاليا نيسان /أبريل الماضي ضمن يوم السياحة السوري (بعنوان «حرية أو إرهاب»)…

وبعيداً عن البدائية التي تطبع الموقع والنقص في تحديث أخباره، فما يلفت هي القدرة على الاستمرار ببثه أخباره الصغيرة بينما البلاد داخلة في حرب لا أفق لها. وكذلك الإبقاء على خاناته المقدّمة للقارئ عن سياحة دينية وأخرى علاجية.

وهذا ربما تشرحه الورقة التي أعدتها وزارة السياحة والتي أدرجتها على الموقع بعنوان «أهم أولويات عمل وزارة السياحة في المرحلة القادمة»، تحدد أن جهود الوزارة في المرحلة المقبلة ستتركّز على «تنشيط أنواع المنتجات السياحية كافة، وتشجيع السياحة الداخلية والدينية..»، مشيرةً إلى أنّه من نقاط القوة البدء بتبسيط إجراءات ترخيص المشاريع السياحية.. يضاف إليه إعلان عن استثمار مواقع الشواطئ، أي خصخصتها وفتحها باباً للاستفادة، بالكوميسون وبالمضاربة العقارية على حد سواء، وهو بيت القصيد من خلف كل الكلام المنمق، والذي لولا ذلك لكان جنوناً خالصاً. وهذا «نشاط» يحدث حتى في أعتى مناطق الاشتباكات، كتلك التي تخص الدائرة المحيطة بدمشق، فكيف إذا تعلق بالساحل الذي يهرب إليه السوريون؟ وهكذا تكون الاستفادة مزدوجة: تلميحاً إعلامياً ودعائياً إلى أمان وازدهار المناطق التابعة لسلطة النظام السوري، وبزنس.

وفي مقابل الـ30 في المئة الخاصة بوزارة السياحة السورية، تقف أرقام على الخطّ «السياحي» المعاكس: أعداد اللاجئين السوريين إلى خارج البلاد وصلت الى 4 ملايين لاجئ، وفق تصريح المفوض السامي لشؤون اللاجئين في آذار/مارس الماضي بينما هم 7.6 ملايين نازح داخل البلد. وهناك أكثر من 220 ألف قتيل سقطوا منذ اليوم الأول لبدء الحراك السوري. لا جديد. هذه الأرقام معروفة ومحفوظة ومكرّرة، لكن لا بُدّ من استعادتها مقابل تلك الأرقام عن الازدهار السياحي الذي عوض الخسارة، ومقابل تصريح على هذا القدر من البلاهة (الظاهرة).

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى