صفحات سورية

لاتعبثوا بانتفاضتنا فهي السبيل نحو التغيير

 


صلاح بدرالدين

منذ عقود والشعب السوري ينتظر اللحظة الراهنة بفارغ الصبر لقد قدم التضحيات الجسام وبذل الغالي والرخيص وتصدرت حركته الوطنية المعارضة صفوف الكفاح من أجل التغيير الديموقراطي السلمي ولم تنطفىء جذوة النضال أمام كل التحديات وفشل نظام الاستبداد بكل أجهزته الأمنية القمعية وقوانينه العرفية الطارئة ومعتقلاته وزنازينه وأوكار مخابراته من اسكات صوت الشعب كماعجز بكل مخططاته وأساليبه المدعومة من امكانيات الدولة برمتها من وضع الحد لطموحات شعبنا العزيزة لنيل الحرية واستعادة الكرامة ورفض المذلة والخنوع وذهبت مؤامراته الخبيثة الهادفة لاثارة العنصرية والطائفية والاقتتال والفتنة بين مكونات الشعب السوري على مبدأ – فرق تسد – أدراج الرياح وظل الوطنييون في كل المناطق والمواقع صامدين ثابتين على الهدف الرئيسي وهو ازالة الاستبداد يدا بيد وكتفا الى كتف متحابون متضامنون متآلفون عربا وكردا وأرمنا وتركمانا ومسيحيين وجميع المكونات الأخرى الكبيرة منها والصغيرة هذه الصورة الجميلة وهذا الاصطفاف النوعي الراهن المتجسد الآن بقدرنا التاريخي المعبر عن كينونتنا وحاضرنا ومستقبلنا وطموحات أجيالنا وأعني بذلك انتفاضتنا الوطنية السلمية الجماهيرية الشاملة التي تجتاز الآن عتبة الشهر الرابع لتتحول بجدارة الى حاملة المشروع الوطني للتغيير باتت الآن في أدق الظروف وأخطرها وفي مواجهة العديد من التحديات الداخلية والخارجية وأحوج ماتكون الى الالتفاف الايجابي من حولها والأخذ بأيدي الشباب من قادتها الميدانيين ودعم مسيرتها بكل السبل والمساهمة النزيهة فكريا وسياسيا وثقافيا وميدانيا في تصليب عودها وانارة الطريق أمامها ومدها بكل مايساعد على تطوير وتعزيز برنامجها وصحة أدائها وتصقيل شعاراتها وسلاسة انتقالها لموقع البديل مابعد الاستبداد لقيادة دفة السفينة في المرحلة الانتقالية القادمة ومن أجل تحقيق ذلك لابد من الاشارة الى المظاهر السلبية المتزايدة مؤخرا التى لا تعيق المسيرة فحسب بل تشكل بيئة مؤاتية لنمو وتفاقم أسباب الردة والثورة المضادة واذا كانت تحديات مواجهة النظام واضحة ومن الأولويات فان أبرز مؤشرات التحديات الداخلية في الوطن وفي الصف الوطني بالخارج يكمن في :

أولا – ماتمارسه قيادات الأحزاب والتنظيمات التقليدية العربية والكردية وغيرها من أفعال وما تتخذه من مواقف ان كانت بشأن عملية التواصل مع أدوات السلطة بأشكال مختلفة وعدم القطع معها بخصوص مشاريع ومبادرات معبرة عن تكتيكات عفى عليها الوقت تحت مسميات – الحوار الوطني – وعدم الحسم حولها بل التمايل بين كلمتي – نعم ولعم – في كل عرس سلطوي وما أكثرها في هذه الأيام انتقالا الى فضاءات اللعب بالألفاظ كرفض التحاور مع النظام والدعوة الى التفاوض معه وتأييد الانتفاضة ولكن عدم تبني شعارها الوحيد وهدفها الأساسي وهو اسقاط النظام ناهيك عن عدم المشاركة في التظاهرات التي تقام كل يوم جمعة باشراف ورعاية المجالس والمنسقيات الشبابية .

ثانيا – قيام مجموعات وأفراد خاصة من دمشق وحلب ( المدينتان الوحيدتان اللتان لم تشاركا فعليا وبالشكل المأمول حتى الآن في المظاهرات الاحتجاجية ) بانتحال اسم المعارضة السورية وطرح المبادرات الانقاذية والتحاورية والتفاوضية وهي معرضة للاستثمار من جانب السلطة واستخدامها لضرب الانتفاضة وتفتيت قواها وتقسيم فاعليتها للاستفراد القمعي بها هنا وهناك .

ثالثا – محاولة البعض ممن شاركوا في حراكات خارجية مثل اجتماع استانبول ومؤتمر التغيير في أنتاليا ولقاء بروكسل للظهور بمظهر ليس تمثيل الشعب السوري فحسب بل تمثيل الانتفاضة وقيادتها أيضا في حين يعلم القاصي والداني أن تلك الاجتماعات كانت بمثابة تظاهرات وطنية صادقة توقفت بمجرد اعلان بياناتها الختامية وما يحصل في الخارج من نشاط ماهو الا تحت عنوان دعم الانتفاضة وخدمتها والمساعدة في تحقيق هدفها الرئيسي وهو اسقاط النظام عبر كسب الرأي العام العالمي وتزويد محكمة الجنايات الدولية ومنظمات حقوق الانسان بالوثائق والحقائق حول جرائم النظام وقد كنت مشاركا بقوة في مؤتمر أنتاليا الذي كان غنيا بمضمونه وكان لي الشرف بالتحدث باسم المكون الكردي ولكنني ذكرت على مسمع الجميع أننا هنا لانمثل كل الشعب السوري من العرب والكرد ولانمثل الانتفاضة بل نعبر عنها ووظيفتنا هي تقديم الدعم والخدمات ليس الا .

رابعا – لست من الرأي الداعي الى اعتبار تلك النشاطات الخارجية الثلاث حتى الآن أو بعض المسميات في الداخل والخارج كاعلان دمشق أو التحالف الوطني الديموقراطي أو الأحزاب الكردية التي كانت في الاعلان وغيره من المجموعات بمثابة قوى موازية للانتفاضة أو متعادلة معها أو في موقع الند لها بل علينا وبعد احترام كل ماذكر وتقدير تضحيات معظم مكوناتها رؤية المرحلة الراهنة بكل جديدها وقراءة سليمة لتقديماتها وحقائقها ومن أهمها عجز قيادات التنظيمات التقليدية عن التغيير رغم محاولاتها أواشعال الانتفاضة أو الالتزام بشعار اسقاط النظام وظهور جيل الشباب المنتفض وما يتمتعون به من قدرات قيادية وفكرية وثقافية وما يتسمون به من بعد نظر سياسي كل ذلك مايهدد نظام الاستبداد بصورة عملية وهذا لايعني أبدا اغفال دور الخبرة التاريخية لدى الأجيال الأخرى وضرورة امتزاج القديم بالجديد بصورة طبيعية للتوصل الى مانصبو اليه من قدرات في مواجهة النظام وليس من العدل أبدا بل غير مسموح به أن يفكر البعض في اختطاف الانتفاضة أو استثمارها لأهداف ذاتية وحزبية ضيقة أو التسلق عليها .

خامسا – بسبب تعددية المجتمع السوري ومشاركة مختلف المكونات الوطنية في الانتفاضة السلمية على مستوى المناطق والمدن والبلدات ولأن للمناطق خصوصياتها القومية والثقافية والاعتبارية مثل المناطق الكردية التي شهدت تنظيما دقيقا لفعالياتها وأليات مناسبة مثل الهيئات والمجالس والتنسيقيات المؤتلفة المتعاونة فانني أخالف رأي البعض في التمثيل المركزي الشديد لكل التنسيقيات في الوطن بل أرى ومن أجل تسيير العمل بسلاسة واتقان وأمان أن تتمتع المناطق المنتفضة ببعض اللامركزية وخاصة المناطق الكردية التي تنسق مع كل المناطق الأخرى ومن حقها التعبير عن نفسها بكل حرية وبمفهومها وثقافتها وحتى بلغتها لأننا نلحظ وبأسف بالغ محاولات – تغييب – المكون الكردي من الحالة الانتفاضية وتهميشه من المعادلة الوطنية السورية اعلاميا وتمثيليا ان كان من جانب الأصوليين بفرعيه من علمانيين واسلاميين وبتناغم واضح مماثل من جانب بعض الفضائيات العربية وخاصة الجزيرة والعربية على وجه الخصوص .

نحن السورييون جميعا بكل المكونات والأطياف والتيارات والثقافات أمام التحديات الجسام في معركة فاصلة قد تتطور فصولها وتتبدل معادلاتها وقد تطول أوتقصر ومن واجبنا مناقشة الحاضر واستشراف المستقبل ومن حقنا قول مانراه مناسبا ومفيدا ومن واجبنا احترام الرأي الآخر مهما كان مخالفا وبذلك وحده سنتلمس طريق الصواب .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى