بدرالدين حسن قربيصفحات سورية

لادراسة ولا تدريس حتى يرحل الرئيس


بدرالدين حسن قربي

استخدام المدارس لأعمال إنسانية وإغاثية في حالات الكوارث أمر معروف، واستخدام صالاتها وملاعبها وساحاتها لنشاطاتٍ اجتماعية أمر مألوف.  أما جديد الاستخدام مما لايعرفه أحد من العالمين، بجعلها مراكز اعتقالٍ وتعذيبٍ وقمع وقتل للآلاف، فهو ابتكار يسجل (خص نص) للنظام السوري، وشاهدُنا في ذلك مئات المباني المدرسية وعشرات الآلاف من الناس على امتداد البلاد، التي استخدمها خلال العطلة الصيفية.

ومن ثم، فمع أول يوم دراسي في هذه المدارس أو المعتقلات لافرق، وقف طلابها وجهاً لوجه أمام مدارس غير المدراس، وساحات غير الساحات، فكل ذرة تراب فيها معفّرة بكرامة مواطن، وكل باب في غرفها شاهد صامت، وكل مقعد في فصولها  كرسي اعتراف، وكل حائط فيها يشهد على الاعتداء والضرب والتشبيح.  ومن ثمّ فكل مافي المدرسة أمكنةً وزوايا ومتاعاً وأثاثاً يصرخ: مدرستكم ياأطفال وياشباب، لم تعد مدرسة فيها تتعلمون وحسب، بل أصبحت بفعل المقاومين مكاناً للقهر يسام فيه السورييون سوء العذاب، وسجناً فاشياً للممانعين الجدد يذاق فيه متظاهرو الحرية والكرامة الذل والهوان.  لقد خُطفت براءة مدرستكم، وسُرقت بهجتها، ككل شيء في هذا الوطن، يوم زجّ فيها بالأهل والأقارب والأعمام وأبناء الحارة والأصحاب، وأصبحت فصولها أمكنة للقمع، ومقاعدها كراسي إذلال للأب والأخ والصديق، عليها يهانون ويضربون.

رأى الطلاب الأطفال فيهم واليافعون ببصرهم وبصيرتهم أن مدارسهم غدت سجوناً، وباحاتها أمست ساحات إعدام، وجدرانها لمّا تزل لوحاتٍ لشعارات قبحٍ وبجاحة بالولاء المطلق لحزب محنّط وعائلة مقدسة، فانقلبوا إلى احتجاجات وتظاهرات منادين: سوريا بدها حرية، والشعب السوري مابينذل، والموت ولا المذلّة.

تذكّر منهم من تذكّر مقولة السيدة شعبان مستشارة الرئاسة السورية إبان الثورة التونسية والمصرية هي أن الشعب العربي (السورييون طبعاً عرب) لاينسى ولايُهمل، وهاهو يبرهن أنه قد تجاوز حكامه، وحاله يقول: لقد أمهلناهم طويلاً، ولم يعد ينطلي علينا أي تصرف يفرّط بحقوقنا.  واسترجع منهم من استرجع قصص آلاف الشهداء أطفالاً ونساءً ورجالاً على امتداد أرض البطولات، وعشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين ممن مرّ الكثير منهم على مدارس، قضى النظام السوري بفعل مسيرة التحديث والتطوير للقيادة الشابّة، أن تكون معتقلات ومراكز تعذيب، فكانت شعاراتهم التي صرخوا بها، ولوحاتهم ولافتاتهم التي حملوها تعبيراً عن معاناتهم وعذابهم وتضحياتهم: مقعدي ملوث بدماء إخوتي وعلى كتابي صورة قاتلهم فهل بعد هذا أدرس في مدارسهم، لن أداوم في مدرسة اعتقل فيها أبي وعذب فيها إخوتي وأخواتي، لن أكون بأمان في مدارسكم بعد أن قتلتم معلمي.

رفَض الطلاب الدوام مالم يسقط النظام، فهتف بعضهم في المظاهرات حاشدين: لادراسة ولاتدريس حتى يسقط الرئيس، وبعضهم صرخ: لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الخسيس.  وأدرك الآباء والأمهات معنى ماقصده أولادهم بالتمام، فخرجوا في التظاهرات مع فلذات أكبادهم مؤكدين: لايشرفنا إرسال أولادنا إلى مدارس هي معاقل تعذيب للأهل والقرابة والعشيرة، ولن يكون هناك دوام قبل إسقاط النظام.

بالمناسبة، إن خروج مظاهرات طلابية غاضبة في عدد من المدن والمناطق السورية يوم الأحد والاثنين الماضيين، وقيام قوات الأمن والشبيحة بالرد عليها بالرصاص الحي، تسبب باستشهاد خمسة أطفال وعدد من الكبار، واعتقال الكثير من المواطنين.  يسجل للنظام السوري حقيقةً أنه استطاع أن يجعل من مدارس التربية والتعليم قواعد اعتقال وتعذيب، وأماكن قهر لعشرات الآلاف من السوريين وإذلالهم، والنيل من كرامتهم وإنسانيتهم، كما يسجل له قمعه وتوحشه وفظائع قتله للآلاف خلال الأشهر الستة الماضية بكل قواته ودباباته وأسلحته.  وإنما يُسَجّل أيضاً للشعب السوري الأبي بكل فئاته ديناً ومذهباً وطائفة نساءً ورجالاً، عاملاً ومثقفاً وطالباً وأستاذاً، أنه انطلق في ثورته على طريق لارجعة فيها حتى سقوط النظام.

http://www.youtube.com/watch?v=N2CpdLeCHKY&feature=related

http://www.youtube.com/watch?

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى