صفحات الناس

“لا أعرف لماذا أعادونا”: ترحيل وإبعاد الأردن للاجئين السوريين

 

 

 

ملخص

رغم تاريخ الأردن الممتد إلى عقود من الضيافة، والذي أكسبه سمعة دولية كأحد أكبر البلدان المستضيفة للاجئين في العالم، إلا أن الأردن ومنذ عام 2014، وخاصة في عامي 2016 و2017، يؤذي تلك السمعة عبر ترحيل اللاجئين السوريين بإجراءات مستعجلة. تقوم السلطات بترحيل اللاجئين – بما في ذلك الإبعاد الجماعي لأسر كبيرة – دون منحهم فرصة حقيقية للطعن في ترحيلهم، ولا تأخذ بعين الاعتبار حاجتهم إلى الحماية الدولية. في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2017، رحلت السلطات الأردنية شهريا نحو 400 لاجئ سوري مسجل، إضافة إلى حوالي 300 ترحيل غير منظم يبدو أنها طوعية للاجئين مسجلين. يقدر أن 500 لاجئ غيرهم يعودون شهريا إلى سوريا، ولا يُعرف إلا القليل عن ظروف عودتهم.

ارتفعت عمليات الإبعاد الجماعي والترحيل الفردي للاجئين السوريين في منتصف عام 2016 ومرة ​​أخرى في أوائل عام 2017، وفقا لمنظمة إنسانية دولية. في الوقت الذي تستمر فيه عمليات الترحيل الفورية للاجئين الأفراد، لوحظ انخفاض حالات ترحيل الأسر الممتدة بحلول منتصف عام 2017. مع ذلك، قال لاجئون وعاملون في المجال الإنساني الدولي لـ هيومن رايتس ووتش إن أفراد الأسرة يختارون بشكل متزايد العودة “الطوعية” بعد ترحيل مُعيل الأسرة.

قال عاملون في المجال الإنساني الدولي إنهم يعتقدون أن ارتفاع معدلات الترحيل، بما في ذلك الارتفاع الحاد في حالات الترحيل، مرتبط برد السلطات على هجمات مسلحة، سواء كرد مباشر على الهجمات المسلحة نفسها، أو كزيادة عامة في التدابير الأمنية في جميع أنحاء المملكة بعد الهجمات. يشمل ذلك هجوما على القوات الأردنية بالقرب من منطقة الركبان الشمالية الشرقية في يونيو/حزيران 2016، الذي أسفر عن مقتل 7 أشخاص، وهجمات في مدينة الكرك الجنوبية في ديسمبر/كانون الأول 2016، أسفرت عن مقتل 19 شخصا. أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” (ويُعرف أيضا بـ “داعش”)، مسؤوليته عن الهجومين. ولم تقدم السلطات الأردنية أدلة على تورط أي من المرحلين في أي من هذه الهجمات، ولم تزعم علنا ​​تورطهم فيها.

قابلت هيومن رايتس ووتش 35 لاجئا سوريا في الأردن، إضافة إلى 13 سوريا عبر الهاتف، رحّلتهم السلطات الأردنية مؤخرا إلى سوريا. قال الذين رحلتهم السلطات، أو الذين يعرفون أو يتواصلون مع آخرين تم ترحيلهم، إن السلطات لم تقدم أدلة كافية على ارتكابهم لمخالفات قبل ترحيلهم. كما لم يمنح المسؤولون الأردنيون أي فرصة حقيقية للاجئين السوريين للاعتراض على ترحيلهم، أو التماس المساعدة القانونية، أو مساعدة “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” (مفوضية اللاجئين) قبل ترحيلهم.

“ناصر”، أب لثمانية فروا من سوريا في فبراير/شباط 2012 بعد أن جرحت ابنته خلال هجوم، هو نموذج عن الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش ولم يُبلغوا بأسباب ترحيلهم. كان يعيش في إربد حيث كانت ابنته تتلقى العلاج لحروقها. رُحل ناصر وعائلته بأكملها، بما في ذلك والديه، زوجته، أطفاله، و2 من أشقائه وأسرهما، في عام 2015. قال إن “دائرة المخابرات العامة” استدعته مرتين، هو وأباه البالغ من عمر 75 عاما (والذي يعاني من إعاقة عقلية شديدة)، إلى مركز التوقيف التابع لدائرة المخابرات العامة في إربد، لكنهم طرحوا عليه أسئلة عادية فقط، مثل مكان عمله وعدد أبنائه. في وقت لاحق، استدعوه للمرة الثالثة:

حضرت ولم يسألوني أو يقولوا لي أي شيء. احتجزوني، قيدوا يديّ، أبقوني في الاحتجاز ليومين. بعد يومين، وتحديدا في الساعة 10 صباحا، طلبوا أن أتصل بعائلتي ووالدي وأقول لهم أن يحضروا إلي في مركز احتجاز [إربد] الجنوبي. وبمجرد وصولهم، وضعونا في حافلة وأعادونا على الفور. رُحّل والدانا أيضا، إضافة إلى عائلتي أخويّ.

لم أتدخل في ما لا يعنيني. كان لدي وثائق من مفوضية اللاجئين وكان لدينا هويات أردنية. أثثت منزلا، وكل متعلقاتي ما تزال هناك. تعرضت للنهب. دمروني، أقسم أنني لم أفعل شيئا، لو فعلت لما جادلت في الأمر. ولكن ليس لدي أي فكرة عن سبب إعادتنا. تعرفون الوضع في سوريا. الغارات الجوية والحرب والموت، وليس هناك علاج ليدي ابنتي المحترقين هناك.

يحظر “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، والأردن طرف فيه، الإبعاد الجماعي “في كل الأحوال”. ويعتبر حظر الإبعاد الجماعي شرطا من شروط الإجراءات القانونية الواجبة، أي أن ظروف كل شخص يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل الإبعاد، بغض النظر عما إذا تم انتهاك مبدأ عدم الإعادة القسرية. الأردن ملزم أيضا بمبدأ القانون الدولي العرفي المتمثل بعدم الإعادة القسرية للاجئين إلى أماكن قد يتعرضون فيها للاضطهاد، أو تعريض أي شخص لخطر التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

رغم أن الأردن استضاف بسخاء أكثر من 600 ألف لاجئ سوري، العديد منهم لمدة 6 سنوات، ورغم عدم كفاية الدعم المقدم من قبل المجتمع الدولي، إلا أن ذلك لا يبرر الإبعاد الجماعي غير القانوني وإعادة اللاجئين إلى خطر الاضطهاد والتعذيب الشديد، وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان. تدعو هيومن رايتس ووتش الأردن إلى وقف الإبعاد الجماعي للاجئين السوريين، وإعطاء السوريين الأفراد المشتبه بكونهم يشكلون تهديدات على الأمن القومي فرصة عادلة للطعن في الأدلة ضدهم، والنظر في خطر التعذيب وغيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان قبل إعادتهم إلى سوريا.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى