صفحات العالم

لا حل في أفق الأزمة السورية رغم الجهود الجديدة


روزانا بومنصف

هل بدأت الازمة السورية تسير في المنحى التراجعي وفق الاجتماعات التي عقدها وزراء الخارجية العرب مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في القاهرة وتلك التي عقدها المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان مع الرئيس السوري بشار الاسد؟ ام ان هذه الاجتماعات هي مرحلة او محطة اخرى ولا تختلف عن  الاجتماعات السابقة؟

لم تتضح بعد نتائج هذه الاجتماعات، من المبكر الحكم عليها وفق متابعات المراقبين السياسيين. وفي ظل استمرار مسعى انان لليوم الثاني، فإن احدا لا يرى حلا قريباً. وليس واضحا اذا كان الرئيس السوري يستطيع ان ينشرح ان المجتمع الدولي اقر بضرورة محاورته على رغم مطالبات دولية برحيله، واستطاعته على عادة النظام السوري تاريخيا التمتع بإبقاء مسؤول دولي في دمشق ليومين من اجل الايحاء بمدى استمرار قدرته على التحكم في الامور، او ان يغضب لان مصير الازمة السورية كان يتقرر على طاولة الجامعة العربية بين وزراء خارجية دول لم يعد يكنّ لها النظام اي ودّ وبين روسيا، ولاحقا على طاولة مجلس الامن، بما يعنيه ذلك بالنسبة الى النظام بالذات. ولكن حتى لو كانت اللقاءات التي انعقدت في اليومين الاخيرين تشكل حلقة على طريق بدء المعالجة، فإن الحل يبقى بعيدا في اي حال. فهناك من المراقبين من ليس مقتنعا بأن النظام السوري مستعد لتسوية الازمة اذ انه وفق الاستعدادات التي ابداها امام انان في هذا المجال بدا مرحبا بالجهود لحل الازمة في سوريا كما قال، ولكن يثار تساؤل اساسي لماذا قد يحتاج الى هذه الجهود اذا كان ولا يزال يعتبر ان ما يحصل في سوريا هو عمل ما يسميه “مجموعات ارهابية” ينوي ان يكمل العمل لاستئصالها؟ ثم ان المعرفة الوثيقة بالنظام السوري وطريقة تفكيره ترجح في ضوء ما يعتبره انتصارا حاسما حققه في بابا عمرو واكماله الحملات الامنية في اتجاه ادلب وسواها من المدن بالتزامن مع استقباله انان، انه يلعب اللعبة السياسية التي يقوم بها على طريقة “الصولد”. فاذا كان قادرا على الحسم بعدما كفل له الانتصار في حمص استعادة موقع تفاوضي قوي فان متابعته الحملة الامنية قد تغنيه لاحقا وبعد مدة قصيرة عن اي كلام معه في الشأن الداخلي السوري. واذا كان يشعر بنفسه انه رابح في المرحلة الراهنة وانه يستطيع مراكمة ربحه فلن يكون مستعدا للتنازل او المساومة. فلكي يعتبر نفسه مستعدا للتفاوض يجب ان تقوى المعارضة وتقوي معها موقع انان التفاوضي وحتى موقع الروس التفاوضي لدى الاسد في حال ارادوا الضغط عليه فعلا.

وتاليا فان ما يجري راهنا لا يعدو كونه في رأي المراقبين وحتى اشعار اخر محاولة لكسب الوقت في انتظار تحقيق هذه الخطوات من خلال ابداء حسن نية في التعاون واخذ ورد قد تستمر شهرين او اكثر ما لم تكن المعطيات على الارض مختلفة عما يعلن، ان لجهة طبيعة الانشقاقات داخل الجيش او لجهة الانهيار المالي الذي لم يصل حدود الانهيار الكلي بل بات “شبه انهيار” حتى الآن .

وثمة من هؤلاء من يعتقد ان روسيا نفسها قد تكون في المسار نفسه من خلال محاولتها تأمين المزيد من الوقت للنظام في موازاة السعي الى ترطيب علاقتها بالدول العربية والغربية على حد سواء من خلال اظهار الاستعداد الجدي للضغط في اتجاه ايجاد حل. فهي من ساعدت النظام وفق ما يقول المراقبون المعنيون من خلال “الفيتو” التي استخدمته في مجلس الامن في اتاحة الفرصة امام النظام لشن حملات عسكرية تحظى بغطائها السياسي على حمص. واذا كانت متأكدة من قدرة النظام على الحسم في المدن الاخرى بمساعدة اضافية منها ومن ايران، فقد يكون من مصلحتها انتظار التطورات على الارض، خصوصا ان لافروف قال بوضوح ان بلاده لن تسمح باي قرار يؤمن الغلبة لقوى المعارضة ميدانياً.

ويذكر بعض المراقبين بانه لدى انطلاق الثورة السورية قبل سنة تحدث مسؤولون غربيون واميركيون في شكل خاص وعلى نحو مبكر عن اعتقاد يقارب الجزم بتحول سوريا الى كوريا شمالية اخرى، مسدين النصح للبنان بأن يدرك ذلك من اجل ان يختار في اي موقع سيكون. والكلام على نموذج كوريا الشمالية يعني ان الازمة قد تستمر طويلا مع حصار دولي كعنصر اول واستمرار النظام مدة لا بأس بها نتيجة المحاور الاقليمية والدولية المتداخلة في سوريا كعنصر آخر، وكأنما التدخل الدولي عسكريا كان مستبعدا منذ اللحظة الاولى وليس على غرار ما اضحت اليه الامور في ليبيا لاحقا باعتبار ان ما حصل هناك بات العقبة التي تثار لاستبعاد التدخل العسكري الغربي. وللمفارقة قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم  اخيرا امام حلفاء للنظام في لبنان ان النظام السوري مستعد لان تكون سوريا كوريا الشمالية، في اشارة الى نية ان تبقى بلاده كذلك مدة طويلة مهما كانت الاثمان.

فهل تبدل المعطيات في الايام المقبلة ودخول عناصر جديدة على خط الازمة في سوريا هذه الانطباعات؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى