صفحات العالم

لا رهان على اللقاء الأميركي – الروسي الجديد

 

هل يعفي الإبرهيمي نفسه من مهمته؟

    روزانا بومنصف

حين اعلن مسؤولون روس قبيل زيارة الموفد العربي الدولي الاخضر الابرهيمي لروسيا بعد زيارة قام بها لدمشق قبيل نهاية السنة المنصرمة عن لقاء جديد مرتقب بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ونظيره الاميركي وليم بيرنز والاخضر الابرهيمي في منتصف الشهر الاول من السنة الجديدة، كانت الآمال عالية بعض الشيء على ان ثمة ما يطبخ بين واشنطن وروسيا في ملف الازمة السورية لكي يصار الى استكماله. لكن مقاربة الاجتماع الدولي المرتقب غدا الجمعة تغيرت كليا في رأي مصادر ديبلوماسية على اثر الخطاب الذي القاه الرئيس السوري بشار الاسد مطلع الاسبوع ونسف من خلاله مبادرة جنيف وجهود الابرهيمي القائمة عليها من خلال رفضه للمرحلة الانتقالية والحكومة بصلاحيات كاملة كان يشدد عليها الابرهيمي. ولم تعد هناك رهانات فعلية على تلاق اميركي روسي من اجل حل قريب بل باتت الاسئلة تتمحور حول ما اذا كانت هناك عودة الى الوراء والى البدايات الخلافية بين روسيا والولايات المتحدة والغرب عموما حول مقاربة الوضع السوري وما الذي سيكون عليه البديل من اتفاق جنيف الذي تمسكت به روسيا في شكل خاص، وما هو الوقت الذي يمكن ان يستغرقه التوافق على افكار جديدة بين الجانبين وتاليا مع القوى الاقليمية الاخرى. وهل قومت كل من روسيا واميركا والدول الاقليمية الوضع السوري في ضوء المستجدات الاخيرة خصوصا انها لا بد اطلعت سلفا على مواقف الرئيس السوري ورفضه اتفاق جنيف من الابرهيمي وليس من الاسد فعليا في خطابه الذي القاه مطلع الاسبوع ام هي ستجري تقويما مشتركا لهذه المستجدات؟ كما ان هناك من يسأل اذا كان الابرهيمي سيكمل مهمته في السعي الى ايجاد حلول ام انه سيستقيل كما فعل سلفه كوفي انان بعدما لمس فشل محاولته في هذا الاطار على رغم استبعاد البعض لجوء الابرهيمي الى هذا الخيار اواستبعاد عدم الضغط عليه دوليا من اجل بقائه في موقعه لما للاستقالة التي يمكن ان يقدم عليها، في حال وردت في حساباته، من صدى سلبي محتمل على الفشل المدوي للمجموعة الدولية في الاتفاق على مقاربة موحدة للازمة السورية وانهاء معاناة الشعب السوري. ذلك علما ان مواقف الابرهيمي التي تلت تسلمه مهماته حفلت بتقديره صعوبة ما سيواجهه في ما اعتبره مهمة “شبه مستحيلة” يقوم بها في الموضوع السوري.

وتقول المصادر ان الاجتماع لن يكون في افضل الاحوال الا تعبيرا عن اظهار رغبة القوى الكبرى في ايجاد حل للازمة السورية وبذلها جهودا على هذا الصعيد نظرا الى انه يثقل عليها جدا الظهور على نحو لامبال او التراجع عند اي عقبة بما فيها العقبة التي تمثلت اخيرا بموقف الرئيس السوري ورفضه اي مبادرات تستبعده عن السلطة وتاليا اظهار عجز عن متابعة المساعي في هذا الاطار بغض النظر عن قدرتها وارادتها في التوصل الى شيء ما ام لا في المدى المنظور. كما ان الحركة الدولية الناشطة مع الابرهيمي او من خلاله تصب كلها في خانة تأكيد فكرة اهتمام القوى الكبرى وبذلها الجهود المطلوبة الى حد اعتبار مصادر عدة ان مهمة الابرهيمي هي تعبئة الفراغ الدولي والاقليمي على هذا الصعيد حتى اوان التوافق الاقليمي والدولي ونضوج الوضع السوري ميدانيا. وهو الامر الذي لم يحصل حتى الان.

وتاليا فان لا تطور مهما متوقعا من اللقاء الاميركي الروسي مع الابرهيمي بل ان التوقعات تزايدت في المقابل على اطالة امد الازمة السورية في ضوء التطورات الاخيرة. فالرئيس السوري وفقا للمصادر نفسها خرج الى العلن بعد اكثر من ستة اشهر من اجل ان يرفض ما سبق ان سكت عليه اي اتفاق جنيف ومن اجل ان يعطي قوة دفع لاتباعه ومؤيديه ويعطيهم زخما ويدحض فكرة خروجه من السلطة اواحتمال تنحيه. كما انه بدا واضحا رهانه على عامل الوقت وعلى استباق اللقاءات الاميركية الروسية المرتقبة عل في التطورات المقبلة وفي اي اتفاق اميركي روسي جديد ما يمكن ان يبقيه في السلطة لاسباب ما نظرا الى ان الوقت يمكن ان يكون لصالحه اذا استطاع ان يصمد وفق ما يظهر من رهاناته الدائمة على الوقت. يضاف الى ذلك رهانه على المخاوف الاميركية والاسرائيلية من الاسلام “الارهابي” وفق ما يدرج افرقاء المعارضة، كما رهانه على تسويق كل من حلفائه الروس والايرانيين لافكاره او لمقترحاته في اطار مساعدته على كسب الوقت على غرار ما فعل وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي الذي قال سفير ايران في مصر انه سيبحث مع الرئيس المصري مقترحات الاسد في حين ان زيارات صالحي الى دول المنطقة كانت مقررة من اجل تسويق الافكار الايرانية للحل في سوريا. وهو سعى في الايام التي تلت خطابه ان من خلال اصداره مرسوما بانشاء مركز لتطوير المناهج التربوية او الدعوة الى اقرار البرنامج السياسي “لحل الازمة السورية” وفق ما اوردها في خطابه الى تثبيت ستاتيكو لا يبدو منتصرا فيه بل مستمرا على رغم ما يعنيه ذلك من احتمال مضاعفة عدد الضحايا السوريين الذين سقطوا حتى الآن.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى