صفحات الثقافة

لا شك أنه حزن حقيقي/ شِن هاوبو

 

 

طوكيو

في طوكيو،

هنالك غِربان،

بقدر ما هنالك شاهداتُ قبور،

لكنَّ الغربان محظوظةٌ،

حتى لو كانت المقارنةُ غير ذلك.

كثيرٌ من الغربان،

وأرجلُ نساءٍ عاريةٌ.

شوارع ملأى بزهر الكرز المتساقط،

وعلى بتلاته الباهتة،

أرجلٌ بيضاء،

وأحذيةٌ سود.

رقعة شطرنج

أطيرُ عائداً إلى بكّين،

أنظرُ،

طبقةٌ رفيعةٌ من بياضٍ فوق المدينةِ،

ثلجٌ.

رقعة شطرنج.

ولكن من يلعب الشطرنج معي؟

لا أحد،

أنا والشمس الدامية الغاربة،

نراقب بعضنا،

عبر لوح التزلّج.

شيء ما يحدث في العتمة

هنالك شيءٌ لا أستطيع أن أرى له أثراً في النهار،

فقط حين تأوي إلى النوم،

أرى كم هي حزينة،

من عيونها المغمضة.

الحزن في النوم،

لا شك أنه حزنٌ حقيقيٌّ،

أنا جزء من حياتها في وضح النهار،

لكنني لا أستطيع دخول نومها،

بعينيّ، أراقب كم هي حزينةٌ بعيونها المغمضة،

شيءٌ ما يحدث في عتمة روحها،

لكنني مرميٌّ في الضوء.

أُختان

ملكتها الصّغيرةُ حبلى،

لا أدنى فكرة بذارُ مَن تكون،

ربما هو الذكر الأسود الذي يقفز إلى الحديقة الخلفية،

عند منتصف الليل،

وربما لا.

لا تعرف كيف تولّد القطط،

تشعر أنها غدت جدّةً.

بعد لحظة تكتشف أنها، هي أيضاً، حبلى

بالطبع تعرف بذار مَن.

تسأله على الهاتف “أُبقيه أم لا؟”.

تنظر إلى القطة التي كانت يوماً ابنتها،

الآن يبدين أختان أكثر.

في اليوم التالي تذهب إلى المشفى لتجهض،

مستنزَفةً تعود إلى البيت،

ما زالت تحتاج أن تطعم قطتها، الأم الجديدة.

لن تعودا أختين بعد الآن.

خطة أبي

في1967،

ذهب أبي إلى مكانٍ غريب،

ليبدأ مهنة المدرسة المتوسطة.

في نهاية كل أسبوع،

استطاع أبي أن يعود إلى البيت،

ويأخذ معه أشياء للأكل،

خضارٌ مملحةٌ، جزرٌ جاف

ومخلل خيار.

وليمنع شركاء سكنه من السرقة،

كان لأبي خطة محكمة،

كل مرة يفتح فيها طعامه،

يبصق فيه بضع حفناتٍ ملء فمه من اللعاب.

الضوء الأخير

ها أنت تتبدّد

فَراش الوقت الأبيضُ

يتطاير من جسدك

الراهبات من الكنيسة

حول سريرك

يردّدن الترنيمات بحنان

مثل تهويدات الأطفال

ولكنك لا تسمعهنّ

روحك المبدّدة تتخثّر عصفوراً ذهبياً

يطير بجناحين مفتوحين

روحك تمضي نحو الأعلى

الوقت يمضي نحو الأسفل

عنقود من فَراش أبيض

يطير ويتشابك

تحت أجنحة العصفور الذهبي

عندها فقط

فراشة بيضاء

تغادر شرنقتها

وتقف ببرودٍ

على وجهك

الترنيمات

تصبُّ

في ذلك الضوء الأخير.

 

* Shen Haobo 沈浩波 شاعر صيني من مواليد عام 1976، وهو أحد أبرز شعراء “ما بعد السبعينات” وشاعر مؤسس لحركة “نصف الجسم السفلي” التي تسعى للتمرد على المحظورات التي كبّلت المحتوى والشكل الشعريين في الصين.

يعتبِر شن هاوبو أن الأدب الصيني ما زال يعاني من حالة وهن، بسبب ما يقول إنه “التأثير الدائم لـ 1989” وهي مرحلة مظاهرات الطلاب في ساحة “تيانانمن”، إذ يرى أن “حالة السيطرة التي تلت 1989 كانت صفعة على وجه الكتّاب الذين صار كثير منهم في السجون، وحين أطلق سراحهم بعد خمس سنوات وجدوا شيئاً آخر يفعلونه غير الكتابة، خصوصاً أن السوق وقتها كان قد بدأ بالازدهار وكثير من الناس اختاروا التركيز على هذا”. صدرت له مجموعات شعرية عديدة، آخرها بعنوان “مُرني أن أصمت” وتحظى كتابته بإشادات نقدية في بلاده.

** ترجمة: عمرو كيلاني

العربي الجديد

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى