صفحات العالم

لا فرق بين سوريا وليبيا القذافي


طارق الحميد

منذ تصريح رئيس وفد اللجنة العربية من دمشق عن ودية اللقاء الذي جمعهم مع بشار الأسد سقط ما يزيد على سبعين قتيلا سوريا على يد قوات النظام، وفي يوم الجمعة الماضي وحده كان هناك خمسون قتيلا!

الوفد العربي الخاص بمبادرة الجامعة تجاه سوريا لم تنطلِ عليه حيلة النظام الأسدي، وهي قبول المبادرة ثم تفريغها من مضمونها، حيث أصدرت الجامعة العربية بيانا مساء الجمعة تستنكر فيه استمرار القتل بسوريا من قبل النظام، الذي بدوره فقد صوابه ورد على البيان، أمس، ببيان يعلن فيه استغرابه من البيان العربي! وحرب البيانات هذه تعني بالطبع فشل المبادرة العربية، وفشل النظام الأسدي بالتقاط تلك الفرصة، وتلقين الجامعة العربية درسا، كما ذكرت بإحدى المقالات من قبل، واليوم فإن على الجامعة العربية نفسها أن تلقن النظام بدمشق الدرس المستحق، ليس لأننا في لعبة استذكاء، أو فرد عضلات، بل من أجل حقن الدم السوري من نظام يريد البقاء بالحكم ولو بقتل الشعب.

على الجامعة العربية الآن أن تعود إلى استخدام اللغة التي يفهمها النظام الأسدي جيدا، وتفعيل الخيار الوحيد المتبقي تجاه النظام بسوريا، وهو ليس أمرا جديدا؛ بل قامت الجامعة بتنفيذه من قبل بحق نظام القذافي بليبيا، وهو تجميد عضوية النظام الأسدي بالجامعة والاعتراف بالمجلس الوطني السوري، ومطالبة مجلس الأمن باتخاذ ما هو لازم لحماية المدنيين بسوريا. على الجامعة فعل ذلك اليوم ليس انتقاما من النظام الأسدي، بل من أجل عدة أمور مهمة؛ أولها هو حماية المدنيين السوريين من آلة القتل، وثانيها لكي لا تكون الجامعة العربية مزدوجة المعايير حيث تصدت للقذافي قبل أشهر، بينما تبدو اليوم وكأنها تشتري الوقت لنظام الأسد، ولكي لا تكون الجامعة أيضا شريكة لحزب الله والنظام الإيراني بالدفاع عن الأسد، خصوصا أن وزير خارجية إيران قد أعلنها صريحة على صدر صحيفتنا قبل أيام بأن طهران مع إعطاء الأسد فرصة، والأمر الآخر هنا هو أن تحرك الجامعة المطلوب، بتجميد عضوية النظام الأسدي والاعتراف بالمجلس الوطني السوري، يعد بحد ذاته خطوة ضامنة لكي لا يخرج بيننا من جديد من هم مثل صدام حسين، أو معمر القذافي، أو بشار الأسد، فهذا دور الجامعة العربية، وعليها أن تقوم به اليوم، وأكثر من أي وقت آخر.

فبفشل المبادرة العربية – الفاشلة تماما – تكون الجامعة، وتحديدا بعض الأعضاء فيها، قد أعطت النظام الأسدي الفرصة الألف، ولكن لا حياة لمن تنادي، وبالتالي فإن عليهم اليوم استغلال كل فرصة متاحة لحماية المدنيين السوريين. فالجميع اليوم بات على قناعة تامة بأن لا أمل بالنظام الأسدي، ولا أمل بأي إصلاحات يعد بها، فهذا النظام لا يجيد إلا لغة التنكيل الوحشية.

وعليه؛ فقد حاول النظام بسوريا التذاكي على الجامعة، لكنه وقع في شر أعماله، وبالتالي فإن الكرة، وهي من نار، باتت بيد الجامعة التي عليها أن تتذكر جيدا أن لا فرق اليوم بين النظام الأسدي ونظام القذافي البائد.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى