بيسان الشيخصفحات سورية

“لا يسعدنا ولا يشرفنا”


بيسان الشيخ

لم يعرف ان عقوبة التحرش اللفظي في لبنان تستدعي تدخل قوة خاصة من الجيش وإنزال أعضائها عقاباً جماعياً بالمتحرش (المفترض) ورفاقه حتى صدر ذلك خطياً عن القيادة العسكرية نفسها. فهذا هو المسوغ الذي تم تقديمه بعد اقتحام مجموعة من عناصر الامن والجيش شققاً سكنية لـ 72 عاملاً سورياً ومصرياً وانهالوا عليهم ضرباً وركلاً وامطروهم كلاماً عنصرياً ومهيناً لاربع ساعات متواصلة، ثم هددوهم ان هم تحدثوا للاعلام.

لم يعرف الشباب سبب الاعتداء عليهم ولم يكلف احدهم نفسه عناء التفسير او اشهار مذكرة تفتيش او توقيف، حتى ان بعض الضحايا اشهر وثائق اقامته الشرعية ظناً انها قد تحميه من الاهانة، كما لو ان الاعتداء مقبول في حال الاقامة غير الشرعية. قيادة الجيش رأت نفسها مضطرة لتبرير ما حصل، سيما وانه بات امراً متكرراً بعدما تناقلت وسائل الاعلام الحدث وطالبتها منظمات دولية بفتح تحقيق جدي ومحاسبة المذنبين. لكن العذر الاقبح من الذنب جاء بأن الشباب يتحرشون بفتيات الحي ونسائه. عجباً! هذه الحمية كلها اذاً دفاع عن المرأة في بلد لا يمنحها حقوقها، ولا يمنع عنها الاغتصاب الزوجي، ولا يوفر فيه رجال الامن والجيش نفسهم عابرات السبيل من سيل لعابهم!

وجه أول للمشكلة أن الجيش في لبنان مؤسسة لا يطالبها احد بتفسير او تبرير عن أدائها أو عدمه، لا بل قد تكون المؤسسة العسكرية الوحيدة في العالم التي يحميها الشعب ولا تحميه. فاذا استثنينا الحدود الجنوبية التي صادرها «حزب الله»، لا تزال اعتداءات النظام السوري مستمرة على الحدود الشمالية وتوقع جرحى وأضراراً بممتلكات المواطنين، وحري بالجيش الذود عن العرض والشرف هناك، وليس استعراض قوته في ازقة بيروت وعلى اجساد المستضعفين.

وجه آخر للمشكلة، هو العنصرية السافرة المتجذرة في السلوك اليومي والتي ما عادت تتوارى او تتجمل. فالاعتداء الجسدي على العمال السوريين تزامن مع اعتداء لفظي على عمال آخرين من الفيليبين والنيبال مسافرين عبر مطار بيروت، فخر السياحة اللبنانية. ذاك ان قامت موظفة بالسخرية منهم على مكبر الصوت واسكاتهم لأنه بحسبها «ممنوع الكلام على الفيليبينيين والنيباليين».

هذا كله ولبنان بلد هجرة بالدرجة الاولى، اعداد المغتربين فيه تفوق اضعاف المقيمين، ما يعني ان العمالة الاجنبية ليست مفهوماً غريباً عن البيئة المحلية أو يفترض انها ليست كذلك. إلا أن الشوفينية اللبنانية تأبى ان تسوي بين ابنها المهاجر الى الخليج او البرازيل او استراليا واولاد الآخرين المقيمين على ارضها. فهؤلاء لا يُعدون بنظرها كونهم مجرد آلات بناء وطبخ وتنظيف.

… ومع جزيل الشكر لخدمات مطار بيروت، وللرجولة المستيقظة في بواسل الوطن، لا يسعدنا ولا يشرفنا ما قمتم به. الرجاء الامتناع عن اي اعتداء لفظي أو جسدي، وخصوصاً ليس باسم المرأة.

نلفت انتباهكم الى ان البلد بات مجهزاً بوسائل مراقبة.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى