صفحات العالم

لبنان ساحة خلفية في حرب سوريا

علي حماده

قيل لنا ان محركات تشكيل الحكومة العتيدة برئاسة الاستاذ تمام سلام قد اديرت. لكن يبدو ان المحركات التي اديرت ما كانت كفيلة بتحريك العربة، فالوضع اللبناني عالق في عنق الزجاجة. وأي مبادرة سياسية او خطوة ذات معنى غير ممكنة في الوقت الحاضر ما دام لبنان صار ساحة خلفية للصراع الدائر في سوريا، ويمكن بقليل من “الجهد” ان يتحول ساحة موازية للساحة السورية في الوقت الذي يتورط فيه “حزب الله” اكثر فاكثر في الدماء السورية وفق اجندة طهران القائمة على اعتبار انهيار “الجسر السوري ” كارثة لا يمكن تعويضها، حتى بـ”حزب الله” الذراع العسكرية والامنية في لبنان، لكون الاخير سيمسي “ماردا” مسلحا بآلاف الصواريخ، من غير ان يتوافر له عمق استراتيجي حيوي.

اذا سوريا مشتعلة بحرب ايرانية – روسية مستميتة لانقاذ نظام انتهى عمليا وبقي كماكينة حرب. في المقابل، وعلى الرغم من هزال المعارضة السورية، وتخبطها. وعلى رغم ضعف التزام القوى الدولية والعربية الداعمة للثورة (في ما عدا قطر والسعودية) بمساعدة “الجيش السوري الحر” قياسا على الدعم الايراني والروسي المهول للنظام، فإن النجاحات الميدانية التي حققها تحالف النظام – ايران – روسيا في الآونة الاخيرة غير كافية للقول ان انقاذ بشار صار ممكنا. فالمسار العام المتجه نحو اقتلاع نظام بشار بكل رموزه لم يتغير. وحدها الكلفة ارتفعت. اليوم مئة الف قتيل… وربما لن تنتهي الازمة بأقل من مئة وخمسين او مئتي الف قتيل. هذه ضريبة الدم العالقة برقبة بشار والايرانيين والروس.

في لبنان كل ما يحصل مشهد جزئي من الحرب في سوريا. واحداث عبرا الاسبوع الماضي كانت ايضا جزءا من الصراع الاكبر بمشهدية محلية. وهنا بيت القصيد: لا تغيير حقيقياً في المعادلة اللبنانية، ولاحكومة، ولا انتخابات، ولا مؤسسات عاملة جديا. وفي الاثناء، يواصل الاحتقان المذهبي ارتفاعه المطرد في كل مكان على خلفية غطرسة “حزب الله” المتزايدة، ومتابعته تكسير مقومات الكيان اللبناني: فالحرب الاستباقية في سوريا تسير معها جنبا الى جنب حروب استباقية صغيرة في الداخل في اتجاهات عدة. ولعل تجربة صيدا خير مثال على هذه الحروب الاستباقية المخابراتية التي نتحدث عنها. وتكن اهمية تجربة صيدا في انها اماطت اللثام عن حجم تبعية مفاصل امنية وعسكرية رسمية وارتهانها مباشرة بـ”حزب الله”، مما يتطلب من الاستقلاليين وقفة جدية لمنع وقوع ما تبقى من الدولة بيد نقيضها. و الخطوة الاولى تكون بفرض اعادة اشرف ريفي الى موقعه في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، فهناك الحاجة اليه اكبر.

اختصاراً: المعركة في لبنان كبيرة وطويلة جدا، ولن تنتهي إلا بنزع سلاح “حزب الله”… وسينزع!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى