صفحات الناس

للمرة الأولى.. فيلم داعشي بنهاية سعيدة وملونة/ هزار الحرك

 

 

يسوق فريق “ملهم التطوعي” اثني عشر طفلاً وطفلة، وسط الصحراء بخطى ثقيلة، ترتج فيها الأرض تحت وقع نعالهم القاسية، وعلى وقع موسيقى تنذر بمصير يبعث في النفس بعض الخوف.

يرتدي الفريق بشبابه وشاباته بزات سوداء، غطت قبعاتها رؤوسهم وملامح الوجه، إمعاناً في خلق جو يوتر المشاهدين، ويستنفر حواسهم، يحمل كل واحد منهم في يده أداة لا تستطيع عدسة الكاميرا إزالة اللبس عن هويتها، غير أنها هي أيضاً وبالطريقة التي يحملونها، لا تنذر بمصير مطمئن، لأطفال صغار، يسيرون قربهم كحملان وديعة، وهم يرتدون ملابس رثة قديمة.

ثم يصطف فريق “ملهم” وأمامهم الأطفال منكسين رؤوسهم، يصوب كل عضو في الفريق فوهة الأداة التي يحملها على رأس الطفل الواقف أمامه، فتُحبس الأنفاس بانتظار اللحظة القادمة، ثم تنفجر الأدوات في رؤوس الأطفال ووجهنا.

قنابل من الأوراق والشرائط الملونة، وكعصا الساحرة في قصة ساندريلا، تقلب بلمح البصر ألوان المشهد بأسره، فيظهر أعضاء الفريق بزيهم الأزرق، يبث في الروح صفاء لا ينقطع، ويظهر الأطفال فرحين وقد ارتدوا ملابس جديدة وجميلة، وبعد نفاد ذخائرهم الملونة، يتقافز الجميع بفرح طفولي، كادت الحرب التي يحيونها أن تهزمه.

لم يكن المشهد التمثيلي السابق، لعبة صبيانية قام بها فريق “ملهم” التطوعي، بغية الترفيه أو قتل الوقت، وإنما إعلاناً عن انطلاق حملتهم  #بسمة أمل5، لتأمين ملابس العيد والهدايا، وإقامة بعض الفعاليات الترفيهية لرسم البسمة على وجوه الأطفال السوريين داخل سورية وبلدان اللجوء.

اختار الفريق لحملته فكرة صادمة، باستحضار جرائم داعش، التي باتت الشغل الشاغل للعالم، أفراداً وجماعات وحكومات ووسائل إعلام، مستفيداً مثل داعش من قوة الصوت والصورة والمؤثرات وتقنيات التصويروالحبكة الدرامية، على أمل أن يلفتوا الأنظار، إلى حقيقة أن هناك 5 ملايين طفل سوري، محرومون اليوم من أبسط حقوقهم الرئيسية، أي أن هناك 5 ملايين طفل سوري، لن يعرف العيد طريقاً إليهم، يقبعون في واديهم السحيق من الآلام والتشرد والفقدان.

مغامرة جازف بها فريق “ملهم” التطوعي، تستنفر ذكريات مرعبة عن ضحايا قضوا بأكثر السبل مأسوية، غير أنها لا تلبث أن تتحول إلى رسائل لطيفة وملونة، تخبر العالم بأن هناك جرائم أخرى ترتكب على سطح هذا الكوكب، لا تبعد سوى كيلومترات عن ساحات جرائم داعش، ينبغي أن تستحوذ على اهتمام العالم أيضاً، وأن هناك أطفالاً بأحلام بسيطة قابلة للتحقق بحفنة دولارات، وأن السوريين مصرون على تنظيف كل هذا القبح المحيط بهم.. حتى النهاية.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى