صفحات الرأي

لماذا تقتل الدولة العربية مواطنيها؟/ شريف مراد

 

 

استيقظ المصريون يوم الجُمعة الموافق 21 (أبريل/نيسان) الماضي على واحدة من أبشع المشاهد المُصورة التي رأوها مُنذ نهاية عام 2013؛ حيث تداولت القنوات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي مقطعا مُصورا لبعض الجنود يرتدون زيّ الجيش المصري الرسمي، وهم يقتادون بعض المواطنين المدنيين المصريين إلى أحد الأماكن النائية؛ ثم يقومون بتصفيتهم جسديًا؛ باعتيادية مثيرة للدهشة والرعب.

جاءت بشاعة هذه الحادثة لتعيد إلى الذاكرة كل مشاهد المذابح الجماعية-مثل ما حدث في رابعة-، وحوادث الإخفاء القسري والقتل والتصفية الجسدية خارج إطار القانون التي أصبحت مصدر قلق للجميع في مصر تقريبا.

وفي تعليقه على هذه الحادثة كتب المفكر السياسي عزمي بشارة مشيرًا إلى ما حدث في هذا التسجيل المُسرب -إن صح- بأنه ليس مجرد إرهاب رسمي ضد مواطنين مدنيين عُزل؛ ولكن الدلالة الأهم هو أن ما حدث يُعد تفريغا لفكرة الدولة من معناها وإلغاءً جذريا لبُناها الصلبة والأساسية؛ أي مؤسساتها الأمنية والقضائية.

وفي سياق عربي أوسع؛ فإن هذه المشاهد الدموية ذات الطابع الأبوكاليبسي ليست بالجديدة على الشارع العربي؛ فحوادث القتل الفردي والجماعي -التي مارسها النظام السوري ضد المدنيين- أصبحت تملأ سمع وبصر العالم كله؛ وهو أمر ليس بعيدا ممّا يحدث من انهيار واسع لبُنى الدولة وارتفاع وتيرة العُنف على أسس طائفية وعشائرية في اليمن وليبيا، وأخيرا مشهد الدولة العراقية وتحولها لمليشيات طائفية تُحارب وتقتل على الهوية.

أمام هذا التفاقم الجنوني للعنف السياسي في المجال العربي-الدولتي على وجه التحديد؛ نجد أنفسنا مَدفوعين إلى التساؤل عن التاريخ الذي أوصلنا للحظة العربية الراهنة، للكشف عن الجذور التاريخية الموّلدة لحالة العنف-الدولتي العربي؛ ما الذي وَلّد في بنيّة الدولة العربية كل هذا العنف تجاه مواطنيها؟

لخطاب والسُلطة

يشير المفكر عبد الإله بلقزيز(1)  إلى أن التحليل السياسى بشأن العُنف والسُلطة السياسية، ينطلق دائمًا من بديهية تحليلية أساسية، وهي أن قوة أي دولة وبرهان قدرتها على السيادة “لا يقتصر على ما لديها من قوة مادية وقدرتها على مُمارسة العنف وحسب؛ بل إن قيام أي سُلطة سياسية يحتاج إلى عدة عوامل مرتبطة بأساس الاجتماع السياسي لتحقق السُلطة لنفسها قدرا من القبول والرضا الجماعي بها”.

مضيفا أن أهم هذه العوامل هو “الخطاب”؛ فمفهوم الخطاب من المفاهيم الأساسية في الاجتماع السياسي الحديث، وهو مرتبط بطبيعة الدولة الحديثة -على وجه خاص- بشكل عضوي؛ إذ إن الخطاب هو ما يُضفي على مؤسسات الدولة ومُمارستها المعنى والمخيال السياسي في وعي الجماهير، وهو أداة تواصل الدولة مع المجتمع وما يسمح لها بالتغلغل في النسيج الاجتماعي وإعادة تشكيله(2)، فالخطاب هنا هو حضور الدولة في وعي المواطنين، حضورها كمؤسسة سياسية جامعة، وكأنظمة وقوانين ومؤسسات حديثة تتجاوز بقوانينها وأنظمتها ومؤسساتها الرسمية الأمنية والمدنية، ما عداها من مؤسسات فرعية وجماعات أهلية وأعراف اجتماعية تقليدية (3).

إن القوة والعُنف وحدهما لا يضفيان الشرعية على خطاب الدولة ، وإن كانت القوة المادية عاملا مهمًا، وإنما هي على النقيض؛ فغالبا ما تتجلى القوة المادية للدولة كحالة استثناء (رويترز)

بيد أنه؛ وكما أسلفنا، فإن القوة والعُنف وحدهما لا يضفيان الشرعية على خطاب الدولة ولا على مُؤسساتها التي تُمثل وجودها المادي؛ وإن كانت القوة المادية عاملا مهمًا، وإنما هي على النقيض؛ فغالبا ما تتجلى القوة المادية للدولة كحالة استثناء والتي هي -بتعبير جورجيو أغامبين- تُمثل “حالة الفراغ القانوني الخطابي للسُلطة”(4).

حيث تتعرض الدولة وصورتها وسُلطتها لشرخ أو لرفض اجتماعي وسياسي ملموس وهذه في جملتها لحظات انتقالية عابرة؛ أما الأصل؛ فهو أن العنف قلما يُسفر عن نفسه في يوميّات الدولة إلا بأشكال رمزية أو معنوية؛ حيث يصبح العنف المادي-الدولتي نادرًا، وتقل الحاجة إليه بسبب استبطان المجتمع لشرعية وجود الدولة وتشبعُه التدريجي -كذلك- بالقيم المدنية الحديثة القائمة على فكرة القانون(5).

ما يقودنا في التحليل الأخير إلى أن العلاقة بين شرعية الدولة وخطابها هي علاقة عكسية مع ممارسة العُنف وحالة الاستثناء.

شرعية الدولة

في كتابه الفذ “المحنة العربية: الدولة ضد الأمة ” يُقَسم الدكتور “برهان غليون” شرعية الدولة ومن ثم وجودها إلى ثلاث مستويات:

المستوى الأول؛ هو الوجود التقني والإداري للدولة، وهو المُحدد لشرعية الدولة الإجرائية، وهو المرتبط “بمدى كفاءة السُلطة في تنظيم الحياة العامة وكل ما تستخدمه الدولة الحديثة من طرق حكم وأنظمة مراقبة وسيطرة وأجهزة إدارية وأشكال بيروقراطية داخل هذه الأجهزة “(6)، وهنا تكون شرعية الدولة شرعية إجرائية فقط، مرتبطة بمدى الكفاءة التقنية لجهاز الدولة ككل في تأدية مهامه التي ادّعاها لنفسه.

المستوى الثاني؛ وتظهر فيه الدولة كانعكاس للمجتمع وهو المرتبط بالشرعية السياسية، فتتحدد شرعية الدولة السياسية بقدر “تعبيرها عن برامج ومصالح القوى الاجتماعية المنتظمة داخل المجتمع، سواء أكانت هذه القوى نخبا عامة، أو طبقة وسطى، أو تحالف طبقات، أو شعبًا، أو تحالف شعوب متعددة “(7).

المستوى الثالث؛ هو الشرعية الأخلاقية للدولة، أو بتعبير آخر أيديولوجيا الدولة (8) والمقصود بها -بحسب ما يوضحه غليون- “هو الغايات السياسية والرسالة الحضارية والتاريخية التي تحاول الدولة تجسيدها وتقديم الوسائل للوصول إليها وتعبئة قوى المجتمع وراءها” (9).

ويضيف المفكر السياسي برهان غليون أنه “إذا كان من الممكن لمجتمع ما أن يستورد أنماط التنظيم التقني والإداري مثلا -كما فى التحديث العثماني أو في تأسيس محمد علي للدولة المصرية- أو تبديل الفاعل الاجتماعي والسياسي المؤسس والمحرك للدولة -كاستبدال نخبة أو طبقة حاكمة بأخرى-؛ فإن أخلاقية الدولة أو أيديولوجيتها لا يمكن أن يكونا نابعين إلا من منظومة القيّم والمصالح التي تحرك أغلب قوى المجتمع؛ وإلا تحولت الدولة إلى أداة استعمارية بالمعنى الحرفي”(10) وتدخل في تناقض عميق مع الجماعة السياسية، وتبدأ في فقدان شرعيتها الأخلاقية والسياسية في آخر الأمر.

تاريخ من الانهيار

في سياق تأريخه لتاريخ الدولة العربية الحديثة، يشير الدكتور بشير موسى نافع (11) إلى أن نهاية حقبة الستينيات -بما حملته من هزيمة عسكرية وأيديولوجية هائلة للنُظم العربية- “مثلت انعطافة مهمة في تاريخ الدول العربية القصير والمضطرب، ومنذ تلك اللحظة التاريخية بدأت الدولة تخسر من شرعيتها على المستويات الثلاثة”.

حيث تم التخلي تدريجيًا عن الشرعية الأخلاقية والأيديولوجية(12)، بدءًا من تبني مَشاريع الوحدة والتحرر والقضية الفلسطينية، فخلال العقود التالية؛ لم يستمر إخفاق الدولة في الحفاظ على الحقوق العربية فحسب؛ ولكنها ذهبت إلى توقيع اتفاقيات سلام مع الدولة الإسرائيلية وتبادل السفراء معها، ودخلت حركات التحرر القومي في معاهدات التنسيق الأمني  مع خصمها الأساسي ورمز الاستعمار فى المنطقة؛ لتبدأ الشرعية الأخلاقية للدولة العربية -المُعتمدة بالأساس على الخطاب القومي والأيديولوجيا القومية- في التآكل(13).

ويضيف بشير نافع(14) “أنه على صعيد الشرعية السياسية، فمنذ نهاية الثمانينيات كان أن شهد العالم تحولات سياسية وأيديولوجية واسعة النطاق، بانهيار الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية والسياسيات الجماعاتية ونظام الحزب الواحد التي فقدت جاذبيتها؛ لتحل محلها قيّم الديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية، وازدادت المُطالبة بالحريات السياسية” وتداول السُلطة بشكل سلمي وحقوق الإنسان من الداخل ومن الخارج.

وهو ما تزامن مع ظهور شرائح اجتماعية عربية أخذت تتسع بالتدريج مع الوقت بفعل التقدم في وسائل الاتصال والانفتاح على العالم في الخارج واستمرار الأزمة السياسية فى الداخل (15) تطالب بحقها في المشاركة في السُلطة والتدخل في إدارة جهاز الدولة الذي يتدخل قسرًا فى حياتهم العامة والخاصة. كان ذلك نتيجة واضحة لبدء انكشاف فشل الدولة في تحقيق تقدم -ولو صغير- على صعيد التمثيل الشعبي والتعبير عن إرادة المُجتمع والحفاظ على قدر مُعتبر من الشرعية السياسية.

وفي الوقت الذي كان فيه أبناء فشل دولة ما بعد الحرب على الاستعمار والثورة القومية التحررية على اطلاع بتجارب التنمية في دول شبيهة بدول العالم الثالث -بفضل تطورات تقنية غير مسبوقة في عالم الاتصالات وانتقال المعلومات والمعرفة- تحقق طفرات اقتصادية وسط توجه حثيث لبناء أنظمة إقليمية متعاونة ومتضامنة اقتصاديًا وسياسيًا(16).

واستنادًا على طرح د.برهان غليون(17) كانت قدرة الدولة العربية الإدارية على تلبية متطلبات سياسات التنمية وأحياناً الحاجات الضرورية للإنسان العربي، وخلق سياسات عادلة في توزيع الثروة، وخلق الفُرص والتشغيل والقضاء على البطالة ومحاربة الفقر ونشر الأمن، تنحدر بصورة مُضطردة؛ مضيفا أنه “وبالتزامن مع ذلك أخذت الطبقة القابضة على القرار السياسي والمقدرات الاقتصادية في البلاد تضيق وتصغر، مُسجلة أعلى معدلات الفساد البيروقراطي والإداري؛ لتُصبح الدولة نفسها عبئا على المجتمع؛ وليست قاطرة تحديثية تقوده إلى الأمام”.

إجمالا؛ يُمكن القول إن تاريخ الدولة العربية -منذ نهاية الستينيات- كان تاريخا من الانهيار والتآكل على مستوى الوجود وعلى مستوى الشرعية، وبداية الافتراق بين الدولة العربية الحديثة وبين المجتمعات العربية .

نقل الحرب إلى داخل المدينة

مثلت تلك الإخفاقات لدولة ما بعد الاستعمار على المستوى الأيديولوجي والأخلاقي والسياسي، المُحدد الأساسي لعلاقتها بالجماهير منذ الثمانينيات، فحتى اللحظة الحالية لم تعد تتورع الأنظمة عن محاولة تفكيك قُدرة المجتمع على الحشد والتعبئة والتنظيم السياسي بشكل دائم ومستمر، والاعتماد في الحكم على الاستبداد القانوني أو على القوة العارية فقط(18).

تشرح الكاتبة حنا ريشة(19) بتوسع ماهية التحول العنيف للدولة داخل مُدنها الرئيسة، “ذلك  أن المُدن التي تشكل عصب الدولة الحديثة ومساحة تجليها كسُلطة، أصبحت مُهددة فى نظر الدولة بتلك الجماهير الغاضبة التى صارت تمثل تهديدا دائما للأنظمة طالما في وسعها أن تحتل بسرعة الشوارع والمجال السياسي، وأن تتطلع إلى المطالبة بالحكم ما لم يتم قمعها على نحو دائم ومُنتظم”.

تضيف حنا (20) أنه لم يعد في وسع الأنظمة أن تتسامح مع أي اعتراض؛ لأن “المجال السياسي في هذه الدول هش ويمكن احتلاله بقوة الحشد وحده. في حين أن احتلال المجال السياسي في الأنظمة الديمقراطية الراسخة يحتاج إلى مقومات ثقافية واقتصادية واجتماعية” يندر أن تتوفر في حشود غير مُنظمة.

فالسمة الأساسية التى تسم الأنظمة الاستبدادية هي سعيها الدائم العنيف لاحتلال المجال السياسي من دون وجود مقومات لاحتلاله غير القوة العارية؛ مما وَلّد حالة عالية من العنف الرمزي والمادي في الفضاء العربي ما بعد الاستعماري.

عُنف غير مَسبوق

الدولة الحديثة بشكل عام قائمة على ممارسة قدر من العنف تجاه مواطنيها(21)؛ ولكن،عندما تتمتع دولة ما بقدر كافٍ من الشرعية، تصبح أقل ميلاً لاستخدام وسائل العُنف، التي تمثلها في نظام الدولة مؤسسات الأمن والاستخبارات والبوليس والقضاء والجيش. ولأن الخطاب، خطاب الدولة، هو أحد أهم وسائل تعزيز الشرعية، تلجأ الدولة عادة للخطاب من أجل حراسة هذه الشرعية وإعادة توليدها. في المقابل، ما إن تستشعر الدولة تآكل شرعيتها، وتصاعد التحدي الشعبي لوجودها، تتراجع أهمية الخطاب والتسويغ الناعم للسُلطة، وتبادر الدولة إلى نشر وسائل القمع والسيطرة القهرية(22).

لم تشهد الدول العربية ثورات شعبية أو انتفاضات استهدفت وجود الدولة ذاتها بالشكل الجذري للثورات كالثورة اللينينية والخومينية(23). عرفت الدول العربية بطبيعة الحال انتقالات من نظام حكم إلى آخر، بفعل انقلابات عسكرية في بعض الدول، أو انتفاضات شعبية قصيرة ومحدودة في دول أخرى؛ ولكن كيان الدولة نفسه لم يكن محل جدل أو في موقع الاستهداف(24).

منذ ما بعد هزيمة 1967، لاسيّما منذ ثمانينيات القرن الماضي، أخذ المجال العربي يشهد درجات متصاعدة من العنف والقمع الدموي، مع تراجع قوة الدولة الخطابية والأيديولوجية وتأسيس -في المقابل- لحالة دائمة من الاستثناء، تُشكل -في جوهرها- آليات الحكم والحداثة في المنطقة العربية، والتي لم تتردد الدولة العربية في استخدامها وإدامتها للحفاظ على وجود لم يعد له من شرعية كافية، ومواجهة معارضات سياسية أو غضب شعبي ظاهر وملموس. ولعل سوريا والعراق ومشهد الانقلاب العسكري في مصر وما تلاه، وقبل ذلك الجزائر كانت أبرز محطات العنف واسع النطاق خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي .

وبحسب المؤرخ والمفكر السياسي د. بشير موسى نافع (25) فهذه دولة صارت تعرف معرفة يقينية أنها لم تعد تتمتع بأدنى قدر من الشرعية ولا أي قدرة على إنتاجها كما في السابق، وتدرك أن وجودها واستمرارها بات غير ممكن، بدون قهر وإخضاع شعبها. ولذا؛ فإن المرجح تصاعد مستويات عنف الدولة، وليس تراجعه.

المصادر

1الدولة والمجتمع: جدليات التوحيد والانقسام في الاجتماع العربي،د.عبدالإله بلقزيز2المصدر السابق3الدولة العربية وتهافت خطابها المدني، عبد الرحمن الوايلي4حالة الاستثناء، جورجيو أغامبين، ترجمة ساري حنفي،مدارات للأبحاث والنشر5الدولة والمجتمع: جدليات التوحيد والانقسام في الاجتماع العربي،د.عبدالإله بلقزيز6المحنة العربية: الدولة ضد الأمة، د. برهان غليون7المصدر السابق8المصدر السابق9المصدر السابق10المصدر السابق11نهاية الطريق لمسيرة الدولة العربية الحديثة، د.بشير موسى نافع12المصدر السابق13المصدر السابق14المصدر السابق15المصدر السابق16المصدر السابق17المحنة العربية: الدولة ضد الأمة، د. برهان غليون18نهاية الطريق لمسيرة الدولة العربية الحديثة، د.بشير موسى نافع19مقاربة للأسباب التي تدفع الشباب إلى الالتحاق بداعش،حنا ريشة20المصدر السابق21الدولة والمجتمع: جدليات التوحيد والانقسام في الاجتماع العربي،د.عبدالإله بلقزيز22المصدر السابق23نهاية الطريق لمسيرة الدولة العربية الحديثة، د.بشير موسى نافع24المصدر السابق25المصدر السابق

ميدان

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى