صفحات العالم

لماذا تقصف ليبيا النفطية، وتهادن سوريا البعثفاشية؟!

 


رزاق عبود

منذ انتفاضة درعا البطلة، التي تحولت الى انتفاضة، وهبة سورية عامة في كل المدن، والقرى، والقصبات في البلد، واشترك في التظاهرات، والاعتصامات، والاضرابات ملايين السوريين من مختلف الفئات، والطوائف، والقوميات، والاديان، والطبقات. وانظم اليهم، ولو بخجل، الكثير من المثقفين، والفنانين، والصحفيين. تحت ضغط التهديد، والتخويف من الفوضى، وسيطرة الاخوان المسلمين. رغم الهجمات المروعة، التي شنتها قوى الامن السورية بكل تنظيماتها، وجيش الحرس القديم على المواطنين العزل، والتصاعد المستمر لعدد الشهداء الى المئات حسب اكثر التقديرات تواضعا. وبلغ عدد المعتقلين عشرات الالوف. حيث امتلئت السجون السورية، واقبية قمعها مما اضطرها بين الحين والاخر “لاطلاق سراح” مجاميع معينة لتوفير المكان لاعتقال مجاميع اخرى، ثم تعيد اعتقال ممن اطلقت سراحهم، وهكذا. اضافة الى عشرات الالاف من المطاردين، والمصابين، والمهجرين، والنازحين، وهذا يحصل لاول مرة في سوريا، داخل وخارج الوطن. لكن الانتفاضة مستمرة. الامر الذي ميز رد الفعل الرسمي السوري عن سابقيه التونسي، والمصري هو المناورة، والمراوغة، والادعاء بالاصلاحات، التي كانت “على الطاولة” ولم ينفذ منها أي شئ حتى الان! مما يكذب ادعاءات ابواق النظام. فاذا كانت مطالب المتظاهرين صحيحة، ومشروعة، ومعقولة، و”القيادة فكرت بها، ولكن تاخرت باعلانها”، فلماذا اذن تواجه المظاهرات بالحديد، والنار، والمقابر الجماعية؟ ولماذا تتاخر “القيادة” اكثر، وتفسح المجال “للعناصر المتأمرة” لتقود المتظاهرين؟! ولماذا لم يستطع هذا الجيش العرمرم من العساكر، والشرطة، والمخابرات، وقوى الامن القضاء على “العصابات المسلحة التي تقتل المتظاهرين”؟ ولماذا لا توجه القوات المسلحة النار ضد “العصابات” بدل ان توجهه لصدور العزل من الشباب، والاطفال، والنساء؟

منذ خمسين عاما، وهم يبنون “جيش التحرير” فلماذا لا يوجه هذا الجيش المسلح حتى الاسنان لتحرير الجولان بدل “تحرير” الساحات، والشوارع، والجوامع، والمدارس، والجامعات السورية من المطالبين بالحرية، ومحاربة الفساد، والديمقراطية، وحقوق الانسان؟

الغريب، ليس غريبا ابدا على الامبريالية! ان كل هذه الجرائم، التي ميزت رد النظام البعثي مثل اطلاق النار على المتظاهرين، اعتقال، وقتل الاطفال، واحتلال المدن، وقصف المناطق السكنية، ومداهمة دور العبادة، وخطف، واغتصاب النساء. وهو امر لم يحصل في الاقل في رد بن علي، ولا مبارك رغم كل جرائمهما. الامبريالية الامريكية لا زالت صامتة، وساكتة عن جرائم النظام الفاشي الحاكم في سوريا. لان ما يهمها ليس حقوق الانسان السوري، او حقوق الانسان في ما يسمى الوطن العربي. فقد تجاهلت حقوق الشعب الفلسطيني لاكثر من نصف قرن، ولا زالت. بل لان النظام السوري لايشكل خطرا على اسرائيل، ولا ينوي مهاجمتها، وهو نفس التطمين، الذي قدمه احمدي نجاد في ايران لتمتنع امريكا، وحلفائها في اوربا عن دعم حركة الاصلاح الايرانية، رغم كل الضحايا ورغم كل ادعاءات الدعم الفارغة.

في ليبيا، ومنذ اليوم الاول للانتفاضة دخلت قوات الكوماندو البريطانية، والفرنسية، وغيرها ل”حماية” العاملين في ابار النفط الليبية! في حين ان الانتفاضة بدأت في بنغازي، بعيدا عن ابار النفط في الصحاري الليبية. وحثوا المتظاهرين المسالمين على التسلح. بعد ان تعهد لهم من فرض نفسه قائدا للشباب الليبي المنتفض ضد الارعن القذافي باستمرار ضخ النفط، وبارخص الاسعار. ورغم تخويف القذافي بالقاعدة، كما يفعل زميلة صدام الصغير في اليمن فان امريكا سكتت عن جرائمهم كما سكتت عن احتلال السعودية، للبحرين، وسحق انتفاضة الشعب البحريني البطل. لا ننسى ان النظام السوري ايد الاحتلال السعودي للبحرين مقابل السكوت عن جرائمه ضد شعبه. ان الجرائم، التي يرتكبها القذافي، وكتائبه امر هين جدا بما ترتكبه قطعات بشار الاسد، والبعث السوري في سوريا البطلة. وما يعلنونه من “اجراءات” و”عقوبات” ضد رموز النظام السوري ماهي الا نكات تافهه في مجالس عزاء الشعب السوري ومقابر ابنائه الجماعية.

لماذا لم تتدخل الجامعة العربية مثلما هبت، وطالبت بقصف ليبيا؟ وهل تختلف الديكتاتورية في سوريا، عن الديكتاتورية في ليبيا في شئ ما؟ لماذا لم تسارع الجامعة بطلب التدخل الدولي مثلما فعلت عندما غزا صدام الكويت؟ ام ان قصف سوريا المستسلمة ليس مهما مثل تدمير العراق الخطر على اسرائيل، واحتلاله، وتحييده؟

وهل اليمن بعيد عن الحدود السعودية؟ لماذا تدخلت في البحرين بحجة الاغلبية الشيعية، والدور الايراني، وفعلت نفس الشئ في اليمن لدعم صالح ضد الحوثيين على اساس انهم شيعة، ومتواطئين مع ايران؟ ان النظام السوري متحالف رسميا مع ايران، وان الصبغة الطائفية للنظام السوري غير خافية، رغم انه قتل من العلويين ما لم يفعله أي نظام سابق في سوريا. فلماذا لايخيف هذا التحالف العرب، وامريكا فتسارع بقصف النظام السوري؟!

ان النفاق الامريكي، والاوربي بلا حدود، وان الصمت العربي مخزي كالعادة لانه تابع لنفس المنافقين. لكن الشعب السوري، الذي كان اول من طرد المستعمرين في المنطقة، واول من اقام جمهورية في الدول العربية. لن يكف، ولن يتوقف حتى تتحقق كل امانيه، واماله، ومطالبه.ببناء نظام ديمقراطي تعددي. ان الشعب السوري شعب واحد، وليس شعوبا، كما بدأ بعض المزايدين، وعرابي النظام الطائفي المحاصصي في العراق يرددون، ويكتبون، لتفتيت وحدة المنتفضين، ولصب الماء في طاحونة النظام المتهرئ. فالملايين تردد: “الشعب السوري ما ينذل”. ونحن نثق بارادة هذا الشعب الذي يقف اعزلا امام جيوش القمع، والقتل الهمجي امام انظار العالم الذي يدعي التحظر!

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى