صفحات العالم

لماذا صمت بوتين عن مقتلة جنوده في دير الزور؟

 

 

 

رأي القدس

قال موقع «بلومبيرغ» إن القوات الأمريكية قتلت عددا كبيرا من المتعهدين الروس في سوريا الأسبوع الماضي معتبرا ذلك أول اشتباك عسكري بين الدولتين منذ الحرب الباردة. وحسب الموقع فإن هذه المعلومات الخطيرة تم نقلها عن مسؤولين أمريكيين وروس مطلعين على الموضوع. وجاء في الخبر أن حوالي 200 مرتزِق، معظمهم من الروس ماتوا في العملية الفاشلة على القاعدة الأمريكية في منطقة دير الزور القريبة من حقول النفط الغنية التي يسيطر عليها المقاتلون الأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة. وقد شككت مصادر في الخارجية الروسية بصحة هذه المعلومات ووصفتها بـ»الكلاسيكية والمضللة».

تمتلئ هذه الواقعة بمجموعة من الألغاز تبدأ من ادعاء الجيش الروسي عدم علاقته بالهجوم على القاعدة الأمريكية وهو أمر يصعب تصديقه، بالنظر إلى الحجم الكبير للهجوم، وإلى مشاركة هذا العدد الهائل من الجنود الروس والمتعاقدين معهم، وهو ما جعل وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس يعتبره أمرا «محيرا».

وسيكون من الصعب التصديق أن مئات الجنود الروس الذين (حسب ألكسندر لونوف وهو مدير منظمة مرتبطة بالكرملين) كانوا من المحاربين السابقين على الجبهة الأوكرانية، قرروا أن ينقلوا نشاطهم العسكري إلى سوريا بمحض إرادتهم، وأن يفتحوا بمحض إرادتهم معركة لانتزاع حقل غاز في دير الزور من القوات الأمريكية.

مثير للسخرية أكثر أن وزارة الدفاع الروسية تجاهلت مقتل هذا العدد الفظيع من المتعاقدين والجنود الروس واكتفت باتهام واشنطن باستخدام «وجودها غير الشرعي في سوريا للسيطرة على الثروات الاقتصادية»، وبعد ذلك بأيام اعلنت شركات نفط روسية بدء عملها لاستكشاف احتياطيات النفط والغاز في سوريا وخصوصا قبالة الشواطئ.

بدوره اعتبر النائب والدبلوماسي الروسي السابق فلاديمير فرولوف مقتل مئات الجنود الروس «فضيحة كبرى» و«لكن موسكو ستتظاهر وكأن شيئا لم يحدث»، وهو ما حصل بالفعل، وذلك لأن الاعتراف بهذه المقتلة الفظيعة يستوجب الإجابة على أسئلة لا حد لها، ابتداء من التساؤل عن سبب زج القيادة الروسية بهذا العدد الكبير من جنودها، او الميليشيات المحسوبة عليها، في هذه المعركة، وعن سبب ادعائها عدم معرفتها بهجوم بهذا الحجم، وعن عدم قيامها برد فعل يتناسب مع هذه المجزرة، وانتهاء بتورط موسكو الشنيع في حماية أحد أكثر الأنظمة إجراما في العالم.

هذه الخلفية تعطي معنى اضافيا لتلطي روسيا وراء نظام الأسد وإيران في موضوع إسقاط الطائرة الإسرائيلية مؤخرا، فتحميلها المسؤولية للطرفين اللذين تشملهما برعايتها تشير من ناحية للأمريكيين وحلفائهم الإسرائيليين إلى انها قادرة على الرد (وإن من وراء الكواليس)، لكنها، من ناحية أخرى، تبقي رأسها خفيضا بعد ضربة دير الزور الكارثية العسكرية، التزاما منها، على الأغلب، بقوانين أحجام وحوش الغابة، وحفاظا على سمعة الرئيس فلاديمير بوتين المقبل على انتخابات رئاسية جديدة.

ولذلك فعلى الجنود الروس أن يموتوا بصمت كي لا يعكروا على القيصر حفلة تنصيبه رئيسا من جديد.

رأي القدس

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى