صفحات سوريةناهد بدوية

لم يكن موتك مواتيا لنا


ناهد بدوية

    غسان تويني، ليس غريبا أن نرثيك في عمق التراجيديا- المقتلة السورية الحالية، فأنت من شُبهت بأبطال التراجيديا الاغريقية”، وقد كنا جزء من مآسيك الكثيرة الخاصة والعامة.

    كما ليس غريبا أن نرثيك في عمق الفرحة – الثورة السورية الحالية، وأنت أحد خطاطي ذاكرتنا الديمقراطية، وعملاق صحافتنا العربية. كنت أستاذنا في حرية الصحافة والرأي، وجزء من ذاكرتنا الثقافية ورمز للانفتاح وتجدد الأفكار.  تلك الذاكرة الديمقراطية التي يحاول أن يمحوها المستبد، تماما كما يحاول أن يقتل المستقبل بقتل أطفالنا. فالذاكرة والمستقبل ألد أعداء الاستبداد، لأنهما يعملان باستمرار، بحكم طبيعتهما، على تحطيم عملية تأبيد اللحظة- السلطة الراهنة. لذلك اعذرنا لم يكن موتك مواتيا لنا، فموتك فقدان لذاكرة تهتف معنا في ساحات الحرية.

    من أول كتاب من مؤلفاتك كنا نصرخ معك “اتركوا شعبي يعيش” و”قبل أن يدهمنا اليأس” حاولنا معك “نزهة العقل” وقمنا معك ب”قراءة ثانية في القومية العربية” ولم نتورط في ال”حوار مع الاستبداد”  فعندنا ليست “الجمهورية في إجازة”  بل في حالة موت سريري منذ عار الوراثة.

    وفي النهاية أحزن معك لأننا حلمنا بأن تكون “البرج ساحة الحرية وبوابة المشرق” فهذا احتمال تم اغتياله، ولم تكن تقوى عليه بيروت الرقيقة أمام سنابك الظلمة. نرثيك أيها المثقف الانسان الحر وندعوك إلى الاحتفاء معنا ب “سورية ساحة الحرية وبوابة المشرق”. نعم ندعوك، لأننا لن ندعك تموت. فموتك غير موات لنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى