صفحات سوريةغسان المفلح

ليسمح لنا بعض رفاقي.. إلى رفيقي فاتح جاموس.. الشعب تعلم

 


غسان المفلح

‘قتلى من أكثر من جهة’ هذا ما أجاب به رفيقي فاتح جاموس عندما سألته محاورته في تلفزيون الأورينت، عن اعداد الشهداء والقتلى في المدن والبلدات السورية المنتفضة لكرامتها ووضعها المعيشي، فرفض مصطلح الشهداء. وأنا لست متمسكا بتجييش الدماء البريئة للذين سقطوا وهم عزل يواجهون الرصاص بصدورهم، لكن من أين استقى الرفيق فاتح أن القتلى من الطرفين؟ الآمنة والآمن من أين استقى الرفيق فاتح هذا المصطلح؟ هل من يوميات الانتفاضة؟ أم من مفاهيم أخرى؟

ثم قال ‘ان ما تحتاجه سورية هو حوار بعيدا عن التهييج وتنسيق عمل سلمي آمن حقا.. حوار مع من ولأجل من؟ آمن حقا، عبارة رددها رفيقنا أكثر من مرة في لقائه هذا، رفض ضمنا تسمية ما يحدث بأنه انتفاضة أو ثورة، وتحدث بشكل مستفيض عن عدم توفر المعطيات، هذا ملخص عما دار في هذا اللقاء الذي تبرأت منه الهيئة القيادية لحزب العمل الشيوعي الســـوري في الخارج، باعتبار أن الرفيــــق فاتح قيادي معروف في هذا الحزب، وقضى أكثر من ثمانية عشر عاما في سجون النظام السوري، وهذا في الواقع أخطر ما في المقابلة، وأخطر ما في خطاب الرفيق عموما، أنه ناتج عن تاريخ نضالي لا يشق له غبار في سجون النظام، مما يجعل خطابه أخطر من خطاب مثقفي النظام وإعلامييه والناطقين باسمه من سوريين ولبنانيين.

آمن حقا وكأن الشعب السوري ممثل بأهالي درعا وحمص واللاذقية ودوما والصنمين ودير الزور والقامشلي وعامودا والمعضمية وحرستا، أذكر هذه المدن لأنها تعبر عن ملايين من السوريين، الذين خرجوا مبدعين شعارات سيخلدها تاريخ سورية، كلها تنذر بتغيير غير آمن يحمله هذا الشعب وشبابه، الذين أصروا على نبذ العنف ونبذ الطائفية. عجيب أمر رفيقنا، كنت اتوقع منه رغم معرفتي بموقفه من قضية التغيير السلمي الآمن، وكنت قد كتبت عدة مقالات عن هذه القضية حتى قبل ثورة تونس، أقول فيها إن الحديث عن موضوعة التغيير السلمي الآن يحركها معارضو النظام، كل على هواه، وهي تحمل ضمنا مقدمة كبرى خطيرة، يكررها النظام في خطابه، أن الشعب السوري متخلف ولا يصلح للديمقراطية، ثم يستخدم بعض المعارضين والمثقفين النموذج العراقي، لتخويف الناس من مجتمعهم، كنت أتوقع أن يستمر علمانيو النظام الجدد في تنظيراتهم لدعم العسكر والفساد، خوفا من الإسلاميين وأن يقوموا بالتنظير في هذه المرحلة، لكنهم صمتوا وهذا يستحق الاحترام، أما رفيقنا فاتح فقد ارتكب مغالطة كبيرة، سواء برغبة منه أم بعدم رغبة، بأن وظف تاريخه النضالي من أجل إدانة ما يجري من انتفاضة. هذا العتب على الرفيق طرحته هنا لأنه يلامس موضوعا سوريا شائكا، وهو موضوعة الفتنة الطائفية والمؤامرة التي يطرحها النظام كغطاء ايديولوجي للقتل المتعمد لشباب سورية. هنالك من لا يريد أن يصدق ما كنا نقوله دوما ونكرره الآن والدماء السورية أثبتته بالملموس، ان الفتنة في سورية إن حدثت فإن سببها سيكون النظام وكتلته التاريخية وليس الشعب السوري.

عندما يرفع شعبنا الكردي شعارات سورية وهي نفسها في درعا ودير الزور، معنى ذلك أن النظام يريدها أن تتحول إلى فتنة لا هذا الجيل من الشباب الذي كرس بالدم وحدة السوريين الوطنية ومطلبهم بالحرية والكرامة. والدليل في احداث اللاذقية لم يعد هنالك وسيلة إعلام واحدة تشكك بأن من فتح النار على الناس ومن أراد أن يحولها لاشتباك طائفي، هم عصابات النظام وأجهزته الأمنية وليسوا الشباب المنتفضين.

ومن سقطوا هم شهداء يا رفيقي لماذا اعتبرت من سقطوا في تونس ومصر شهداء وهنا قتلى ولنا عودة.

 

‘ كاتب سوري

القدس العربي

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى