صفحات الحوار

لينا هويان الحسن: قسمتي الروائية تميل إلى النصّ الصحراوي

 

 

حاورها: محمد حجيري

لينا هويان الحسن روائية سورية مقيمة في لبنان، آخر روايتها “نساء والماس” عن دار الآداب، وتتمحور حول سير نساء دمشقيات برزن في المهاجر الأوروبية والأميركية، وحول الطبقة البورجوازية السورية في دول الاغتراب في مطلع القرن العشرين. أيضاً تستعد احدى شركات الانتاج لتحويل روايتها “سلطانات الرمل” الى مسلسل تلفزيوني. وكان لـ”المدن”معها هذا الحوار…

– هل يمكن الاستناد إلى ثقافة الجسد لكتابة رواية أو نص أدبي؟

* لا غنى عن الجسد وثقافته في كتابة النص الأدبي، على أن يأتي ذلك ضمن سياق النص، من دون الوقوع في مطب “الاقحام أو الافتعال”. عالم الرواية شاسع، يبيح للكاتب اختبار كافة أدواته، أساليبه، مواضيعه. لا يمكن أن تنفصل ثقافة الجسد عن النص الروائي، العلاقة وثيقة منذ زمن سحيق، مع البدايات الأولى للأدب سواء في الملاحم أو في السّير. ثقافة الجسد حاضرة في كتاب ألف ليلة وليلة بشكل مكشوف، ولم يُكتب في الوقت المعاصر أي نص عربي يمكن أن يجاري جرأته.

– لماذا كل عناوين روايتك موجهة الى النساء، هل لأنك تناصرين قضيتهن، أم صدفة، أم لدواعي التسويق؟

* أختار مواضيعي التي تنسجم مع إحساسي بإنوثتي، بشعور “المرأة” داخلي، من دون أن أتحيز للمرأة على حساب الرجل، لا أحمّل نصي مقولات نسوية فجة أو مباشرة، كل ما هنالك أنه لدى اختياري لعناوين رواياتي لا أغفل حقيقة أن العناوين “المؤنثة” جذابة أكثر للقارئ، فمن حق النص علينا أن نختار له اسماً جميلاً جذاباً ليُقرأ.

– برأيك هل ستزدهر الرواية السورية بعد الأحداث الأليمة والحرب التي عاشتها وتعيشها بعد الثورة؟

* بالشهية ذاتها التي تغذي الأدب من الذاكرة، فهو أيضاً يتغذى من الدماء، يقتات من التحولات والتبدلات والمتغيرات، من الطبيعي أن يستلهم الكاتب مما يدور حوله. أنا شخصيا لم أكتب هذا النوع من النصوص، لكن ثمة الكثير من النصوص كُتبت من وحي الأحداث، رغم أنها نصوص مستعجلة وحماسية تخلو من أي رؤية موضوعية، إضافة إلى أنها متواضعة في قيمتها الفنية، لكنها مستلهمة من الأحداث التي تدور في المنطقة.

– هل استطعتِ الموازاة بين مرحلة الرواية البدوية او التي تتحدث عن البداوة والرواية المدينية؟

* يمكننا القول أني في طريقي إلى معادلة معقولة بين العالمين، أمتلك ذاكرتين، صحراوية، ومدينية، سبق واستلهمت النصف الأول من ذاكرتي وحياتي، وها أنا استلهم ذاكرتي المدينية، لكن ذلك لا يعني بالمطلق أني سأركن طويلاً في العالم المديني، فللصحراء سطوة كبيرة على قلمي، وأخمن أن القسمة بين العالمين ستكون دائماً لصالح النص الصحراوي. أمكنتنا الاولى تظل أثيرة وقريبة من الوجدان الأدبي أكثر من الأماكن الاخرى التي قد نعيش بها.

– اتفقت مع احدى الشركات على تحويل رواياتك “سلطانات الرمل” إلى مسلسل، هل سيؤثر هذا الأمر في طريقة كتابتك الروايات؟

* فكرة المسلسل أمر طارئ على الرواية، وأثق في جمال الأبطال على الورق أكثر بكثير من جمالهم على الشاشة، لكني وجدت أن تحويل “سلطانات الرمل” إلى مسلسل، سيساهم في انتشارها أكثر. باختصار، قررت أن أخوض هذه التجربة، رغم مخاطرها. واليوم يصعب على كاتب مقاومة اغراء تحويل نصه إلى عمل بصري يشاهده مئات الألوف. وفي المقابل سيغامر بحصر الأفق الخيالي للنص الروائي على الشاشة الصغيرة. بالتأكيد لن أكتب نصوصي المقبلة تحت سطوة فكرة تحويلها إلى مسلسل، النص الأدبي يستحق اخلاصنا لأنه الأبقى، فالعمل الدرامي لا يستمر مجده أكثر من موسم واحد.

– هل شعرت بالغرور بعدما كتبت أسماء روائية معروفة عن روايتك؟

* انتابني شعور حقيقي بالفخر، بيني وبين نفسي، من حقي أن أفرح بما يُمكن أن يُكتب عن رواياتي، فأنا لست هاوية أو طارئة على عالم الأدب، كتبت روايتي الاولى وأنا لم ازل على مقاعد الدراسة الجامعية، صدرت روايتي الأولى العام 1998 وفي رصيدي عشرة كتب بين الرواية والكتب التوثيقية عن حياة البدو.

– كم تستفيدين في الكتابة من كونك تنتمين الى ما يسمى “الجنس اللطيف”؟

* بالعكس، كان ذلك حاجزاً بيني وبين الناقد أو القارئ، مجتمعنا العربي اعتاد محاصرة الأنثى، فما بالك إذا كانت كاتبة؟ للأسف هنالك نمط من العاملات في مجال الأدب ساهمن في تشويه صورة المرأة الكاتبة، كتبن نصوصاً رديئة وتمت مجاملتهن فقط لأنهن ينتمين للجنس اللطيف. لكن هذا الأمر عانيت منه مؤقتاً، فكما كان يقول لي أبي دائماً: “لا يصح إلا الصحيح”، مع الوقت راكمتُ أعمالاً عدة صمدت لأنها تُقرأ، لم أنتظر الحظ أبداً، كل ما وصلت إليه بسبب مثابرتي العنيدة، واشتغالي المخلص في عالمي الروائي.

– هل لديك طقوس خاصة في الكتابة؟

* لست من الكتّاب الذين ينتظرون الوحي، أصلاً الرواية لا تكتب بفضل الوحي، إنما تُكتب بعد بذل جهد كبير من مناوشة الموضوع الذي يفترض أن تتمحور حوله الرواية. أحب الشتاء، حالما أقرر الكتابة أمارس ما يشبه سباتاً شتوياً، مثل ذلك السبات الذي تلجأ إليه بعض الكائنات في الطبيعة، أدخل كهفي، وأستمتع بخلوتي مع ذاكرتي ومخيلتي، تتضخم عاطفتي، وأكتب.

لا أكتب في أوقات متأخرة في الليل، إنما أفضل الصباح، لا أدخن، أشرب القهوة باعتدال، لا أسمع الموسيقى كثيراً، وطبعا لا أشاهد التلفزيون، ومنذ سنتين تقريباً لم يعد هذا الجهاز موجوداً في حياتي.

– هل لديك نصائح خاصة للكتابة؟

* أن تكون حقيقياً، ألا تفتعل نصك، وموضوعك، أن تنجز الصفحة تلو الصفحة وانت متشوّق للمزيد. لا عيب أن تدرس فكرة النص مسبقاً، يُفترض ألا نباشر بعملية الكتابة إلا بعد أن نبني الهيكل العظمي للنص في مخيلتنا، وإلا فإننا نغامر بتضييع وقتنا على نص قد لا يكتمل، وهذا أمر وسبق أن حدث معي.

– أي الكتب المعروفة يشكل مصدر إلهامك في مسيرتك الروائية؟

* في العموم، أنا مغرمة بالادب اللاتيني، ماريو بارغاس يوسا هو “أستاذي”، وأيضاً كتاب “ألف ليلة وليلة”.

-هل تقرأين روايات الآخرين أثناء كتابة روايتك؟

* أقرأ ما أكتبه، أعيد قراءته مرات ومرات، لا اقرأ أي نصوص أخرى قد تشوّش علي، فقط أكتفي بمطالعة الصحف اليومية التي أتابعها عادة.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى