صفحات سورية

مؤتمر أنطاليا والعمق التركي

 


لقمان محمد

إن تسونامي الشعوب الذي اجتاح ويجتاح الدول العربية، فتحت الباب أمام مرحلة جديدة للتغيير نحو الحرية والكرامة والنظام الديمقراطي ودولة المواطنة. إن الشعوب التي ثارت وتثور في المنطقة ضد أنظمتها القمعية الحاكمة، فرضت نفسها كقوة أساسية في حل ومعالجة قضاياها. لهذا فإن القوى العالمية وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي تريد أن تضع مخططاً جديداً للمنطقة، بدلاً من الأنظمة الديكتاتورية التي كانت حليفتها في الماضي. ففي هذا الإطار أسند لتركيا دوراً أساسياً.

أما تركيا التي رفض برلمانها قرار دعم القوات الأميركية لإسقاط نظام الديكتاتور صدام، فلم يكن لها دوراً في شكل العراق الجديد. لهذا فهي تحاول تلافي هذا الخطأ الذي ارتكبته في الحالة السورية. حيث يقولون الساسة الأتراك ” بأن القضية في سورية، هي قضية تركيا الداخلية بامتياز ” ومحور تفكير هؤلاء الساسة هو ” إذا لم تقم تركيا بإدارة الأزمة السورية، فإن كل مخططاتها في المنطقة ستكون ضرب العدد صفر “. هذا إن دلّ على شيئ، فهو يدل على العمق والدور الأستراتيجي لتركيا دولةً وحكومةً في المستقبل السوري عامة والأكراد خاصة!!! الذي بدء مع اجتماع استنبول ويستمر مع مؤتمر أنطاليا…

إن شعوب سورية التي متظاهرة بشكلٍ سلمي من أجل حريتها وكرامتها، وتطالب بإسقاط النظام منذ شهرين ونصف، قد دفعت وماتزال تدفع ثمن ذلك من دماء شهدائها الأبرار. وحيث كان رد النظام على مطالب وحقوق الشعوب المشروعة هذه بشراسة، القمع والتعذيب والقتل.

بما أننا أمام نظامٍ يُعدُّ من أشدّ الأنظمة السلطوية القمعية الأمنية، حيث يستخدم كافة الأساليب والسبل الوحشية لقمع المتظاهرين، نظام لايتوانى عن قتل وتعذيب الأطفال، على أيدي قواته الأمنية وشبيحته المافياوية، نظام لايعرف سوى لغة الرصاص والدبابات والقصف، هذا يعني أنه هناك تحديات صعبة تفرض تضافر الجهود على كافة شعوب سورية وأطيافها،خارجاً وداخلاً عامةً، والكورد خاصةً.

إذا المعارضة – بكل أطيافها الاثنية والدينية والمذهبية والفكرية- وبدون استثناء، أمام مسؤولية تاريخية، التي تحتّم الوحدة، عن طريق توحيد الأهداف السياسية والاسترتيجيات، حتى يتمكن من إسقاط النظام. وهذا ماهو ناقص في مؤتمر أنطاليا، الذي فيه دور الكورد ضعيفاً جداً، لأن سياسة حزب العدالة والتنمية تتطلب ذلك، والتي تتجسّد في مقولة طيب أردوغان في خطاباته أثناء جولاته الأنتخابية ” ليس هناك في تركيا شيئ اسمه القضية الكردية، بل بعض مشاكل أخوتي الأكراد. وتركيا شعب واحد، لغة واحدة، وطن واحد “.

مع اندلاع التظاهرات وانتشارها في أغلب الجغرافية السورية، كان موقف أنقرة هو تقديم النصائح والاستشارات للنظام البعثي، عن طريق موفديها الدبلوماسيين والأمنيين. وذلك عن طريق اجراء بعض الاصلاحات. على عكس ماصرّح به أردوغان أثناء الثورة الشبابية المصرية، حيث طالب مبارك بالتنحي، والسبب في ازدواجية الموقف التركي هو ماأسلفته في الأعلى عن رؤيتها للأزمة السورية هو أنه شأن تركي داخلي.

إذاً،إذا كانت تركيا دولة وحكومة ترى الوضع والشأن السوري، هو شأن تركي داخلي، فهل ياترى ليس لها عمق في مؤتمر أنطاليا؟؟؟

سأترك الجواب لقسم من مقالة الكاتب والصحفي المعروف جنكز تشاندار في زاويته من جريدة راديكال التركية تحت عنوان ” صواب تركيا في سورية ” وذلك بتاريخ 28-05-2011 –

“” تركيا تعلم ماتقوم به في سورية. إلى حد أنها في هذه الأيام ستجمع أطراف واسعة من الموقعين على (اعلان دمشق)من المعارضة السورية في أنطاليا. طبعاً من بينهم جماعة الاخوان المسلمين في سورية أيضاً. كما هو معروف بأن المرشد العام الجديد للاخوان المسلمين في سورية رياض الشقفة، قد أخذ مكان البيانوني الذي كان قد بقي لفترة طويلة على رأس الجماعة، في المؤتمر الذي تمّ عقده في استنبول.

إن حزب العدالة والتنمية هو أقرب تنظيم سياسي يشبه الاخوان المسلمين في سورية. وكلكم نظر، إن تركيا تمسك بيدها الأوراق التي ستضع أسس النظام في سورية مستقبلاً. تركيا تحاول أن تصطفي بشار من الذين من حوله، وبدون أن تقطع الأمل منه، وتخضعه للمعالجة بالصدمة ويخطو خطوات نحو التعددية الحزبية والديمقراطية من جهة، ومن جهة أخرى في حال انهيار النظام، فإنها تضع أسس النظام الجديد الذي سيحل محله فوق أراضيها.

حسب الموقع الجيوبوليتيكي لتركيا، وحسب المرحلة التاريخية التي نمرّ فيها، هذه هي السياسة الصحيحة “”

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى