صفحات العالم

مئة دير ياسين في سوريا


علي حماده

طوال عقود طويلة، مثّلت مجزرة دير ياسين التي ارتكبتها عصابات الهاغانا الصهيونية عام ١٩٤٨ بحق المدنيين الفلسطينيين الآمنين، رمزا للوحشية والاجرام والابادة الجماعية لشعب اعزل بهدف تصفيته. وقد ظلّت شهادات مجزرة دير ياسين، تلك القرية الوادعة في فلسطين في مخيلة الملايين، باعتبارها اقصى ما يمكن ان يصل اليه الاجرام المنظم، ونحن العرب نبكي دير ياسين ونقدمها دليلا على إلغائية المشروع الصهيوني في فلسطين.

بالامس قدم بشار الاسد نموذجه في الوحشية والاجرام والابادة الجماعية بحق شعب اعزل، متخطيا بذلك مشهد دير ياسين، وملتحقا بجدارة استثنائية بنماذج الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية التي شهدتها كل من البوسنة ورواندا، حيث جرى ضم الاغتصاب والذبح وتقطيع الاعضاء واحراق الاحياء الى القتل بالرصاص وقذائف المدفعية والدبابات. وكما حصل في المجازر الكبرى التي شهدها العالم، كانت حمص ومناطق اخرى من سوريا على موعد مع التاريخ الاسود للاجرام المنظم. قُتل الاطفال وذبحوا امام امهاتهم، ثم اغتصبت النساء وذبحن في حفلات من الهذيان الاجرامي الصاخب.

مجزرة كرم الزيتون لم تكن الاولى خلال اثني عشر شهرا خلت، لكنها كانت فريدة من نوعها لجهة شمول الاغتصاب والذبح والتمثيل بالجثث عددا كبيرا من النساء والاطفال في آن واحد ومكان واحد. حصل كل هذا والمبعوث الاممي العربي كوفي انان يتفاوض وبشار الاسد على حل لوقف حمام الدم في سوريا. حصل كل هذا ولم يجف بعد حبر الاتفاق الروسي – العربي الذي وقعه وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف. جرى كل هذا والعالم المسمى حرا، يمعن في التهرب من مسؤولياته في حماية الشعب من قتلة الأطفال ومغتصبي النساء في سوريا. كل هذا والعالم المسمى حرا ينظر في موضوعة التدخل العسكري وتداعياته. كل هذا والضغط الاسرائيلي في اروقة القرار في واشنطن يعمل بلا كلل لحماية النظام في سوريا واقناع الادارة الاميركية بالتمهل في سياستها ازاء نظام الأسد. لقد حصل كل هذا في وقت سمع فيه السوريون بخبر مفاده ان جمعيات ومنظمات اسرائيلية تعمل على تنظيم حفل موسيقي تضامني مع السوريين، أسوة بالحفلات التي كانت تنظم في الماضي تضامنا مع جائعي اثيوبيا والصومال او ضحايا رواندا!

لقد ارتكبت عصابات الهاغانا مجزرة دير ياسين وغيرها من المجازر في فلسطين، ومثلها ارتكب آل الاسد مجزرة كرم الزيتون وعشرات المجازر الاخرى، فهل نسينا احدى اكبر المجازر في تاريخ سوريا، وقد حدثت في حماه قبل عقدين؟

بناء على ما تقدم نسأل: اين الفارق بين الاسد الاب والابن وبين مناحيم بيغين وارييل شارون؟ سؤال وجيه.

و نستنتج ان قاتل اطفال سوريا لا يواجَه بالديبلوماسية بل بالحديد والنار وحدهما.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى