إبراهيم اليوسفصفحات سورية

مابعد إسفين -مؤتمراستنبول الأخير-و-الضحية جلاداً-

إبراهيم اليوسف
أسئلة كثيرة، يتركها لقاء استنبول لقوى وتجمعات المعارضة في سوريا، بعد مرورأكثر من عام، على اشتعال وطيس الثورة السورية الكبرى التي وحدت الشارع السوري، على اختلاف فسيفسائه وقواه، ليكون ذلك رداً على يد الفرقة التي أجهزت على وحدة الشعب السوري، خلال عقود متتالية من الفساد، والاستبداد، والاستئساد.
لقد صارواضحاً جداً، منذ انقسام –مؤتمر الإنقاذ في استنبول- تموز2011-بين الداخل والخارج، خلال انقلاب حامل وديعة الداخل الطافحة برائحة الشهيد مشعل التمو، وتم استفزاز المكون الكردي السوري، من خلال ردود أفعاله، ومن التزم بإملاءات الطرف التركي المضيف،وهي نفسها ردود أفعاله التي هيمت على أدائه، خلال الأشهرالماضية، لتكشف عن ظمأ سادي، مخبأ في جبة القانون والعدالة لدى هذا الأنموذج، قوامها تضخيم الذات، وتقزيم الآخر، ورفضه ما لم يتحول إلى مصفق، وشاهد زورله، ويبدو الاستشهاد-هنا- بالرجل الثمانيني وهويجدد حياته القانونية، بالزواج المتأخر،غيرالمتكافىء مع السياسة، نظراً لأنه لايختلف البتة عن كثيرين من خصومه الذين سجنوه، فهوبالرغم من دفاعه عن الديمقراطية، فقد كان الوجه الآخرللاستبداد الذي يتنطع لمحاربته، وكنت والشهيد مشعل التموقد منحناه جائزة رمزية باسم” قامشلي” مع آخرين منهم الراحل النزيه د. عصام الزعيم في العام2004- وهل أدل على حقيقة معدنه من أنه كان يقف في وجه عدد من الناشطين الكرد الراغبين في الانتساب إلى الهيئة الحقوقية التي كان يرئسها- بدعوى الخوف من زيادة نسبتهم..!،وهوإذ يحتج على المجلس الوطني السوري في مؤتمرلقاء قوى المعارضة الأخير، فليس إلا لدافع ذاتي، حيث لم يتم ترئيسه للمؤتمر، لأنه الأكبرسناً، وإذا كان هذا حال من دخل السجن في عهدي الأسد الأب والابن، وهو الذي يقف ضد المطلب الكردي، أينما كان، فإن الأمرليذكربحال سواه من متنكري حقوق الشعب الكردي، حتى وإن اختلفت الأسماء فكان مرة” سميرنشار” وأخرى” جورج صبرا” أو غيرهما، لافرق.
كيمياء الرؤية السياسية لدى كثيرين، ممن تشربت منظومة التفكير لديهم بآفة النقيض المربي-وهو في هذا الحال نظام الاستبداد ومتشظياته- لم ينج من مصيدته الدبقة الشيوعوي، والقوموي، والإسلاموي، مادام كل منهم أسيرالنسخة الملفقة من المعادلة الوطنية، لا الفعلية، وكان مضطراً في ظل هيمنة الفكرالمزورأن يحاكي الجلاد، في الكثيرمن طروحاته، حتى يستطيع أن يشكل لنفسه الغطاء الذي يسمح له بمواجهته، من خلاله، وهوما كان يشكل عامل طمأنينة كبرى لدى الجلاد الذي استطاع أن يستمرعبركل تلك العقود من الظلامية والظلم.
تلك الخلطة الكيميائية،من الذهنية الأحادية، السادية، المتفرِّدة، تحكمت بالكثير من الأشخاص الملتحقين ب”هيكل” بناء المجلس الوطني، فكانت المغذِّي الرئيس لهم، من دون أن يكون لهم، ولأحزابهم، حضورفاعل، منذ بداية الثورة وحتى الآن، ميدانياً، وهو ما سيتناساه كثيرون-كممثل إعلان دمشق- الذي جاء لاستنبول، وتونس وكأنه فاتح، أشعل الثورة، بأصابعه العشر، مع أن أعداد من يمثلهم هذا الإعلان دون الكرد لايتعدى الثلاثمئة شخص في سوريا، كلها، وهوأقل من أعداد فريق كرة سلة، أو قدم عادة، ولاأقولها إساءة إلى الإعلان الذي كتبت مقالاًعنه ، فور اعتقال بعض أبطاله، مباشرة، بعنوان” طلب انتساب إلى إعلان دمشق” كتضامن مع المعتقلين، ماداموا معتقلي نظام مجرم، بالرغم من أني غيرمؤمن بإعلانهم جملة وتفصيلاً.
ورب قائل” إنّ ما حققه” مؤتمرتونس” بخصوص الكرد، سيظل كما هو، لايطاله كاركترالمحو الاستنبولي، وهوما يدعوإلى التفنيد، لأن توافرالنية في تبني المطلب الكردي، كان سيدفع إلى تقديم بنوده على أنها قطعية،، غيرقابلة للمساس، وستزداد-بالتأكيد- روح الإحساس بالمؤامرة على الشعب الكردي، نظراً للإذعان الواضح لإرادة المخابرات التركية، من قبل بعض تجار الثورة السورية، مرتدي عباءة المعارضة، عندما نجد أن”وثيقة العهد الوطني لسوريا المستقبل-ركيكة البناء ومكررة بعض الفقر، تتقاطع مع كل من”عهد وميثاق جماعة الأخوان المسلمين، وبالتالي مع” إعلان عهد الكرامة والحقوق” ل “هيئة التنسيق الوطني لقوى التغير الديمقراطي”.
وبعيداً عن طبيعة المؤامرة التي تمَّت على الموقف من الشعب الكردي، وهوما تصدى له د. عبدالباسط سيدا، ود. بسمة قضماني، وعبد الأحد اصطيفومن جهة-كما أشار توضيح خاص بذلك من قبل اتحاد تنسيقيات شباب الكرد في سوريا- والكتلة الكردية التي بدت متماسكة، على حقيقتها، من جهة أخرى، ليكون ذلك رسالة إلى بعض الذين تهجموا على الكتلة، إما من موقع إيديولوجي خاطىء، أو من قبل بعض ذلك الأنموذج الأهوج الذي كان يراسل المجلس الوطني على أمل الحصول على كرسي، وحين تكسرت مجاديف إبحاره صوب المجلس راح يشتمه-ولدي مثالان كاريكاتيريان أخجل من الإشارة إليهما لاعتبارات أخلاقية-أو من قبل أنموذج آخر، يرى في عدم وجوده، في أي موقع نضالي ناقصاً، ولهذا، فإن هؤلاء أساؤوا إلى المجلس الوطني والكتلة الكردية، من قبيل التنجيم، وقراءة الفنجان، وبدهي ألا يعجبن بعضهم أن تتخذ الكتلة الكردية موقفها الصَّحيح، أثناء تشكيل المجلس، كما في لحظة الانسحاب منه، بعيداً عن القراءة الواقعية المتزنة، أضف إلى أن هناك من تصرف من موقف حزبي، يمكن مناقشته بروية، بعيد نجاح الثورة.
ولعلي الآن، أعرف، كم من الجهود الكبيرة التي بذلها د.سيدا كحاد مهجوس بحقوق شعبه، ليستطيع تحقيق المعادلة التي فشلت أخيراً، نتيجة التآمرالدولي عليها، بالتوازي مع بيع بعض بيادق المجلس موقفهم، بثمن بخس، غيرمدركين أن ذلك يتم على حساب الثورة، إذ أنهم يخونون الثورة التي ينادون باسمها، كما أنهم بفعلتهم البائسة، هذه، خدموا النظام، على أمل تحقيق عزل المشاركة الكردية التي لم تتأثر، ولن تتأثر- حتى سقوط آلة النظام الدموي في سوريا- بما تم، استنبولياً، بالرغم من أن هؤلاء البيادق الذين مزقوا جسد المجلس الوطني، ,’ وطعنواشريكهم الكردي، في الظهر، وراء ماحدث في يوم جمعة” الحقوق الكردية” في نسختها الكردية، أو جمعة ” خذلنا المسلمون والعرب” في نسختها السورية، حيث تجاهلت وسائل الإعلام”العربية” عشرات النقاط من المشاركات الكردية في هذا اليوم، الأمرالذي لايتم إلا بالتنسيق مع من كانوا وراء تجاهل الاعتراف بالشريك الكردي…؟؟!.
وإذا كان هناك من يريد الإساءة إلى د. سيدا-وهوصاحب موقف-فإن ذلك شأن خاص به، وغالباً، مايعود إلى مواقف ذاتية، نعرفها بتفاصيلها، وإن كنت-شخصياً-أتمنى عليه لوانسحب مع رفه الذي أعده بنفسه، إلا أن د. سيدا وخلال ما يقارب عاماً كاملاً،ناضل، واجتهد، وكافح، وحسبه، أنه كان واضح الموقف، منذ وقت مبكر من عمرالثورة-حتى وإن اختلفنا معه هنا أو هناك وهو أمرلابد منه- وإن الإساءة إليه،لا تخدم الثورة، بل تخدم أعداءها مباشرة، ولقد أصبح الرجل أحد رموزنا الكردية في الثورة السورية، سواء أرضينا أم لم نرض، أما مسالة”نقده” فهي ممكنة، قبل استنبول، وبعدها، كما هوموقف أي منا.
وأخيراً، فإنني أريد التركيز على نقطة واحدة، وهي أن نحافظ جميعنا، على اللحمة بين كل مكونات الثورة، كما بدأت، لأننا جميعاً شركاءفي صنعها” ولعل في عودتنا للكلمتين الكرديتين اللتين ألقاهما د. سيدا ود.عبد الحكيم بشار صدى لذلك وتبيان حدود الخاص والعام كردياً وسورياً- وإن شبابنا الكرد في قامشلي، خرجوا في أكثرمن احتجاج سلمي في منتصف شباط، وأوائل آذار، وارتفعت وتيرة مشاركتهم بعد الخامس عشرمن آذار، وإن من رفع العلم الكردي اليوم ،في عدد من مدننا السورية، رداً على مهرجي استنبول-وأقصد أعداء الكرد والثورة- ليدفعنا كشعب كردي في سوريا، أن نكون إلى جانبه، بيد أن من أساؤوا إلى الكرد في مؤتمراستانبول الأخير، أعلنوا بصوت عال، لامبالاتهم بالثورة، وأسئلتها، واسترخاصهم لدماء شهداء الثورة، من عين ديوارإلى نوى، في آن واحد.
30-3-2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى