صفحات العالم

ماذا جرى في «عقرب»؟

 

ديانا مقلد

على نحو بدا القصد منه تهميش الخبر، نقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مصدر سوري مسؤول نفيه حدوث مجزرة في بلدة «عقرب». بعد هذا النفي الخجول أوردت الصحيفة أن مندوبيها لم يتمكنوا من الوصول إلى البلدة لأسباب أمنية.

والحقيقة، لم يعتد النظام السوري الاعتراف أو تغطية أي جريمة أو مجزرة إلا لاستعمالها في إدانة المعارضة السورية وتحميل «المسلحين» مسؤولية الدم المراق في سوريا على غرار ما جرى مثلا في تغطية الإعلام السوري لمجزرة «داريا».. لكن حكاية مجزرة «عقرب» لا تشبه أيا من المجازر السابقة بل هي إن صح ما تردد عنها فهي بلا شك ستكون حكاية فريدة لشدة الالتباسات المأساوية فيها.

الضحايا المفترضون في القرية هم من الطائفة العلوية، والرواية الأولى التي وزعها إعلام المعارضة السورية تظهر شهادات لسيدة سورية «أم أيهم» وشهود آخرين قال عنهم «الجيش الحر» إنهم جرحى وأخرجهم للعلاج. حكايات هؤلاء الشهود المصورة مفادها أن «شبيحة» البلدة الذين سبق أن تورطوا في مجزرة «الحولة» قد نفذوا بأنفسهم وبأهلهم ما يشبه الانتحار والقتل الجماعي خوفا من الأسوأ الذي يمكن أن يحدث في حال وقعوا بيد «الجيش الحر» الذي كان باشر تطويق البلدة وحصارها قبل أيام من وقوع المجزرة..

تلك الرواية الدرامية بدت الأقوى نظرا لتماسك رواية السيدة «أم أيهم» والجرحى الآخرين. لكن ما لبثت أن أتت رواية أخرى للقناة الرابعة البريطانية التي كان مراسلها الصحافي الوحيد الذي وصل إلى مشارف عقرب دون أن يتمكن من دخولها ليلتقي 3 شهود منها حملوا فيها «الجيش الحر» مسؤولية ما جرى. المراسل لم يتمكن من دخول البلدة وعلى الرغم من أنه التقى الشهود دون تحضير بقي غير حاسم لجهة هوية المسؤول عن المجزرة.

كل تلك الروايات التي تكاد لشدة وقعها تلامس الهذيان لم تجد سبيلا لها في إعلام النظام السوري الذي اكتفى بعد أيام طويلة بخبر في زاوية مهملة في صحيفة ينفي فيها المجزرة.

الأكيد أن مجزرة عقرب تعكس أنماطا كارثية من السلوك. فعملية الانتحار الجماعي إذا ثبتت هي أشبه بجرائم الشرف إذ بدا أن قتل النساء واجب تفاديا لأن يقعوا ضحايا اغتصاب «العدو». كذلك فإن المثبت أن حصارا جماعيا مورس من قبل «الجيش الحر» بحق عائلات بأكملها تناقلت الروايات أنها أمضت أياما لم يصلها فيها الماء فكانت العائلات تبل قماش المطر للشرب بينما كانت الأمهات يضربن أولادهن كي يتوقفن عن الصراخ.

ثم إن رواية المعارضة يعوزها قدر من التوثيق من دونه ستبقى الشكوك حول حقيقة ما جرى.

إنها وقائع لا يراها النظام ولا يرى أنها تستحق أكثر من زاوية نفي صغيرة في صحيفة. لكن لا ندري قد يكون خوف النظام من تغطية المجزرة أقل وطأة على السوريين وعلينا كمشاهدين من إرسال موفدين من طراز المراسلة الشهيرة لقناة «الدنيا» التي سبق وأن غطت مجزرة «داريا».

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى