صفحات سوريةفلورنس غزلان

ماوراء الأكمة بخصوص سقوط المقدم هرموش بيد النظام السوري!


فلورنس غزلان

قضية إلقاء القبض على المقدم المنشق” حسين هرموش”، حتى اللحظة يسودها الغموض، فلا تركيا أصدرت من طرفها أي تصريح أو تلميح يدل على أنها لها ضلع في عملية ” تسليمه” ، التي أُريد لها من النظام أن تعم وتسود!!، مع أن أكثر من صحيفة أشارت ” الحياة قبل يومين”، أنه يعتقد وحسب شهود عيان من اللاجئين السوريين في تركيا ، أن هرموش اضطر للعودة إلى سوريا حين سمع بنبأ قتل شقيقه الأكبر ” 70 ” عاماً، وهذا التفسير عارٍ عن المنطق والعقل، فهرموش يعلم تماماً أن في عودته مقتله، لكن يتراءى لي أن خطة جهنمية أعدت بدقة متناهية من رجالات الأمن العسكري السورية ، وذلك بتمكنها من التغلغل داخل أوساط الأطراف المنشقة في الجيش السوري، فربما وهذا هو المرجح أن تكون قد أوحت عن قصد لبعض الضباط الإعلان عن إنشقاقهم وإرسال رسائل مطمئنة لحسين هرموش بأن أعداداً كبيرة لديهم تود الانضمام لهرموش وجماعته والقيام بأعمال عسكرية ضد أجهزة النظام..وهذا مادفعه للعودة مع بعض جنوده بكامل عدتهم وعتادهم ، وما أن دخلوا الأراضي السورية حتى فوجئوا بكمين منصوب لهم لاقدرة لهم على مواجهته، وهذا الاحتمال ، الذي أجده أكثر منطقية من غيره، كما يجب على كل ضابط أو عسكري مهما كانت رتبته الحذر من الانشقاق كفرد، بل كمجموعة كبيرة ، أي أن على الضابط أن ينشق ومعه كتيبته كاملة، وإلا فامكانية إنهاء حياته تغدو لقمة سهلة للشبيحة ورجالات النظام، كما أنه لن يتمكن من تقديم أي عون للثورة، وعليه أن يتأكد قبل اتخاذه أي خطوة ويدرس مكان الانشقاق وامكانية تواصله مع من يثق بهم، وأن يجس النبض قبل إقامة الصلات حتى لايؤخذ على حين غرة أو يقع في مصيدة كمصيدة حسين هرموش.

أما محاولة إلقاء الاتهام دون دليل واضح أو قاطع على دور تركيا وتسليمها لهرموش، فبرأيي أن هذه الرؤيا تحمل من السذاجة السياسية الكثير وهذه نقطة لايمكن لسياسي محنك كأردوعان وسلطته الوقوع فيها..بل تعتبر منزلقاً خطراً لايمكن للنظام التركي أن يضحي بسمعته وبدوره المناطقي،الذي يبذل حيال تثبيت أركانه وتدعيمه من خلال زيارات متلاحقة لعواصم عربية عدة مهمة ومركزية” كالقاهرة، تونس، ليبيا، وحتى لمقديشو”.ناهيك عن دوره الهام والبارز هذين اليومين في دعمه للقضية الفلسطينية على حساب علاقته مع إسرائيل ــ كسحب سفيرهم من تل أبيب ــ.فهل يضيع هذه الجهود وهذا النفوذ بتسليم هرموش؟ ثم ماذا تفيدهم هذه الحركة بقدر ما تضر بهم وبمصلحتهم وإصرارهم على لسان أردوغان نفسه على دعم الشعب السوري وعدم تواصله نهائياً مع النظام السوري!!، أما إمكانية شراء بعض الضباط الأتراك المسؤولين عن حماية هرموش وجنده من الأمن السوري وتواطؤهم..فبقدر مافي تاريخ الترك من فساد وقدرة مافيوية اشتهروا بها، لكنها تبقى مستبعدة إلى حد ما.. لما لهذا الدور من أهمية سياسية يستطيع الأمن التركي كشفها ومعاقبة مرتكبيها بأشد أنواع العقاب ..لذا لا أعتقد أننا لو حللنا مالدينا من معلومات وما على الأرض من معطيات وحقائق لوجدنا أن سعي النظام للقبض عليه كان حثيثاً ومهماً له ولسياسته.لأنه يريد بهذا أن يضرب عدة عصافير بحجر واحد:ــ

1 ــ حين يعلن ولو بشكل خفي أن تركيا أرخت اليد عن حمايته أو سلمته للنظام، هي لغاية هامة في نفس يعقوب ، يراد منها دق إسفين قوي بين المعارضة والثورة من جهة وبين تركيا وسياستها والقائمين عليها من جهة ثانية، وبهذا تضعف الثقة وتسقط من حساب الثوار أي تعاون يمكنه أن يقوم بين أي طرف سوري معارض وبين تركيا.

2 ــ تضعف الدور التركي وتقلل من أهميته في حل القضية السورية على طاولة مجلس الأمن ومع الحلف الأطلسي باعتبار تركيا عضوا مهما فيه.

3 ــ تتيح المجال لدور إيراني ــ عربي تقف على رأسه بعض الدول البترولية التي تخشى على نفسها من النفوذ الإيراني وتريد إبعاد ناره عن قرصها كما تحرص على بقاء الأسد نتيجة لأملها بأنه النظام الوحيد القادر على إقامة سلام مع إسرائيل بشروط أمريكية

4 ــ بالنسبة للنظام تشكل هذه العملية مكسباً هاماً وضربة قوية لكل ضابط يفكر بالانشقاق..وتقول للمعارضين والمتظاهرين أن استنادكم على انشقاقات الجيش باتت “كأمل إبليس بالجنة”..كما تظهر للشعب وخاصة لضعاف البصر والبصيرة، أن النظام وجهاز أمنه مازال يحمل القوة كالسابق ومازالت خيوط القرار والفصل بيده، ولديه إمكانية لإضعاف كل قوى يمكنها أن تقف عثرة أمام بقائه وثباته، وكل من تسول له نفسه التمرد على إرادة النظام سيرتعد ويصاب بالخوف العتيق المغروس في قلبه منذ عقود وتعود دائرة الخوف للظهور وتقوى شوكة الأجهزة الأمنية، وهذا مالانتمناه ولا نأمل أن يحدث أثراً أكثر مما يجب..بل نعتبره كأي منشق تمت تصفيته على أيدي عصابات النظام ولا نحمل الأمر مالا يحتمل حتى لانحبط ولا نخفق في استمرارية زخم الثورة ولا يغير بقراراتها، وإلقاء القبض على هرموش أو غيره لايمكن أن يكون ركيزة أساسية من ركائز الثورة، لأنها قامت على سواعد أبناءها وبصدورهم العارية…مهما عتلوا ومهما اعتقلوا واجتاحوا لامهرب من التحرير..لامهرب أمامنا إلا الصمود..فإما الصمود أو العبودية…نعم نأمل أن تزداد مساحة الانشقاقات أفقياً وعمودياً داخل الجيش..لكننا نأمل أن يكونوا أكثر حذراً وأن يكون درس هرموش عظة حسنة للجميع، وألا نقع في حبائل ومخططات أجهزة الأمن السورية، سواء على صعيد الجيش أم على صعيد مكائدهم ومصائدهم في الحرب النفسية اليومية، التي يتبعها النظام ليضعفنا..أو ليجعل منا قبائل تتناحر وتتحارب فيما يتفرج هو وينتصر في النهاية..ثورتنا ثورة كرامة..وحرية ..فلن نخذل أبناءنا ولا أحفادنا

ــ باريس15/9/2011

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى