صفحات العالم

ما الفارق بين جنين وبابا عمرو!


علي حماده

قياساً بالثورات العربية التي انطلقت من تونس قبل سنة، وعبرت الى مصر، وليبيا واليمن، نعتبر ان الثورة في سوريا هي ثورة العرب الحقيقية. فهي الثورة التي تواجه حقا وحقيقية اعتى نظام ديكتاتوري في العالم العربي، والأكثر وحشية ودموية. ولعله من المنطقي الزعم ان النظام في سوريا اقرب ما يكون في سلوكياته الى مافيا عائلية منه الى دولة حقيقية. فلا دولة في سوريا، ولا شرعية اخلاقية او سياسية، بل “شرعية” العنف الشامل. وفي سوريا لا جمهورية، بل نظام يورث البلاد من الاب الى الابناء بما يذكر بالمثال الكوري الشمالي الذي بلغ الجيل الثالث قبل ايام معدودة. وكما قال احد صحافيي النظام الاساسيين في جلسة بعيدة عن الاضواء على هامش مؤتمر عربي حضره قبل بضعة شهور: في سوريا ليس ثمة دولة بل بشار الاسد والاجهزة. وفي هذا الكلام ما يدحض المزاعم التي تقول ان بشار ليس المسوؤل الفعلي عن القتل المنظم الممارس من النظام، بل ان اخاه ماهر هو الرجل السيئ في الحلقة المقررة: في سوريا ليس ثمة رجل سيئ في النظام، بل ان النظام برمته قائم على الظلم واستعباد الناس وقتل الآلاف في عهدي الاب والابن.

ليس في كلامنا أي تحريض. بل هو، اقل ما يقال وسط هذه المذبحة الهائلة التي تحدث في سوريا منذ عشرة اشهر ونيف. وكانت بدايتها باقتلاع اظفار الاطفال في درعا، وهي مستمرة اليوم بدك حمص فوق رؤوس اهاليها. كل هذا وطلائع المراقبين العرب وصلت دمشق وبدأت بالانتشار في المناطق الساخنة اليوم من حيث المبدأ. ولكن ما يهمنا في هذه العجالة هو التشديد على ان الثورة السورية التي بدأت كحركة تطالب بالاصلاح، ثم تحولت بفعل القمع ثورة تطالب بإسقاط النظام، صارت اليوم حرب تحرير حقيقية يتواجه فيها الشعب مع نظام له سلوكيات جيوش الاحتلال. فدك المدن بالمدافع والدبابات، وقتل الآلاف بشكل منهجي، بينهم الاطفال والنساء، وجعل الاعتداء على النساء والفتيات جزءا اساسيا من سياسة الترهيب، كلها من طبائع الاحتلالات. والسؤال اليوم: أين يختلف النظام في سوريا لجهة الجرائم التي يرتكبها في حق شعبه عن اسرائيل وبجرائمها في حق الفلسطينيين؟ اكثر من ذلك، نسأل اين يختلف جيش بشار الاسد في ما يقوم به في حمص وجبل الزاوية وحماه عما قامت به اسرائيل في جنين او جنوب لبنان؟

لقد اغرق النظام في سوريا مهمة المراقبين العرب في بحر من الدماء السورية، افتتحها بتفجيري المقرين الامنيين، واليوم تبدو مهمة المراقبين منتهية قبل ان تبدأ. وما من طرف معني إلا يدرك ان النظام ماض في جرائمه ضد شعبه، وانه لا بد من تدويل الازمة وصولا الى تدخل المجتمع الدولي عن طريق القوة لوقف المذبحة. وهنا مسؤولية العرب محورية في ان يحزموا امرهم نهائيا بالانتقال الى نيويورك اطلاقا للتدخل الدولي.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى