صفحات الثقافة

ما زال لدى الجنرال من يكاتبه

 


طارق العربي

1

لا أدري لماذا أتذكر كلام ابن خلدون في تمييز الحق من الباطل، كما لا أدري لماذا أعود لكلامه عن التاريخ والعمران، ربما لأن التاريخ حدث والحدث هو مفتاح المجتمعات وانعكاسها، فتماماً كما لا يجري شيء في التاريخ صدفة أو بفعل قوى خارجية مجهولة، لا يجري شيء في المجتمعات صدفة أو بفعل قوى خارجية، قلت هذا في مقالة نشرت في صحيفة الأيام “عن حادثة اغتيال جوليانو ميرنا خميس في جنين” بيد فلسطينية، وأقول هذا مرة ثانية عما يجري في سورية، وأضيف لكل سبب مسبب، وكما لا يؤمن ابن خلدون بحكم الأسد ولا بدولة هرقل ولا بحكم مبارك ولا بن علي، وأظنه لو كان حياً الآن سيقول إن هذه الأنظمة هي امتداد لقهر الحكم في عصور سابقة، وإن اختلفت أدوات الحكم وأساليبه، أنا لا أؤمن بخصوصية الأفراد ولا أؤمن بصناعة الأبطال في التاريخ ولا أعطي أهمية لإصلاحات الحكام، فالهرم إذا نزل بالدولة لن يرتفع أبداً، وهذه هي الحتمية التاريخية التي نعيشها الآن.

وهذا ينطبق على كل الأنظمة السلطوية في المنطقة العربية، ذلك أن الجميع “جمهوريات وممالك” حكموا بحكم هرقل ومعاوية والحجاج وما فعلوا شيئاً من أجل العمران، وكل ما فعلوه هو إيجاد شرعيات ومبررات لاستمرار الحكم، مرة نحن نخوض حرباً مع إسرائيل كما فعلت الأنظمة في خمسينيات وستينات القرن الماضي، ومرة هناك شيء ما يسمى الإرهاب كما حدث في مصر طوال الثلاثين سنة الماضية، ومرة وبحجة المقاومة والممانعة كما فعل نظام الاسد في سورية.

أقول هذا لأن الجميع يقول لي “إن النظام السوري مستهدف لأنه حامي حمى المقاومة، وهو محرر جنوب لبنان من قبل، وهو يملك خطة لتحرير فلسطين، الكل يقول هذا: حسن نصر الله وأحمد جبريل وقناتا المنار والدنيا وأقربائي والجميلة التي لا أعرفها على “الفيس” تقول لي ذلك، ولا أصدق أحداً أكثر من ابن خلدون، ولا أصدق أحداً أكثر من حركة التاريخ.

وسأذهب بعيداً وأرضى بهذا، وأتفق مع الجميع أن النظام السوري مستهدف مقاومةً وجيشاً وأسداً أسداً وقطة قطة تعيش في أروقة القصور هناك، لكن لا أعلم لماذا لم يقم النظام السوري وهو المستهدف باطلاق الف سجين من المعتقلين السياسيين هناك كبادرة حسن نية تجاه المتظاهرين في بداية الحركة الاحتجاجية..!

على الأقل، كان سيحظى بأوراق جيدة من أجل اللعب مع مطالب الناس بالحرية والاصلاح بعد هذه الخطوة..!

2

أعود لابن خلدون مرة أخرى وبالتحديد الى نظريته عن مراحل الدولة والعصبية، فالدولة عنده كائن حى يولد وينمو ثم يهرم ليموت أي أن الدولة لها عمر مثلها مثل الكائن الحي تماماً، وتمر بأربع مراحل:

المرحلة الأولى :_ الاستيلاء على الحكم

لن أتكلم هنا عن الكيفية التي انتزع بها الأسد الأب الحكم في سورية، سأتكلم عن صفاته، ذلك أن صفاته أهلته ليكون اللاعب الأشد خطورة في تاريخ سورية الحديث، فهو براغماتي رايديكالي يجد الحلول بسرعة على العكس من الابن، فالشاب الذي كان يطمح بدخول كلية الطب ولم يستطع لأنه فقير وابن عائلة كانت تنتظر صدقات المحسنين، ابن عائلة فلاح بسيط، لذلك التحق بالكلية الحربية ثم انتدب للالتحاق بدورات تدريبية في مصر وفي روسيا ليتخرج بعدها ضابطاً في سلاح الجو، إلى رائد سلاح الجو إلى لواء يترأس القوة الجوية في الجيش السوري، ومن لواء إلى وزير دفاع ومن وزير دفاع إلى كرسي الرئاسة، اذن، نحن أما شخص عصامي كان ينتمي للطبقة الفقيرة في المجتمع.

وإضافة إلى أنه عصامي هو لماح وذكي وعنيد والكل يعرف قصة القبعة الشهيرة مع الرئيس الأميركي بيل كلينتون أثناء المفاوضات التي أطلقها الأخير بين سورية وحكومة باراك سنة 1999 ميلادي، فالرئيس الأميركي أبدى إعجابه بقبعة الرئيس السوري وطلبها منه، وفهم الرئيس الراحل أن كلينتون حين طلب القبعة منه كان يعني أكثر من ذلك، يعني شيئاً من بحيرة طبريا يبقى تحت سيطرة اسرائيل، فما كان منه إلا ان رفض إعطاء القبعة لسيد أميركا الأول…!

ولن أذكر حادثة القنيطرة التي يعرفها الكل ولا قصة انقلابه على صلاح جديد وحبسه فيما بعد، وأظن أن إعلان وزارة الدفاع السورية سقوط القنيظرة بيد الاحتلال الإسرائيلي وهي لم تسقط بعد، هي الخطوة التي حسمت الرئاسة لصالح حافظ الأسد، وعلى الرغم من أن الجميع يعرف أكثر من ذلك، وعلى الرغم من كل هذه الأحداث التي تضع علامات استفهام على سيرة الأسد الأب، إلا أنه نجح في حكم سورية طوال ثلاثين سنة.

المرحلة الثانية : مرحلة الاستبداد والتنكر للعصبية

لا أحد يعرف كيف حكم عقل حافط الاسد سورية، كيف حكمها بهذه القوة؟ وكيف يستمر في حكمها إلى الآن ..؟ المتتبع لسيرة حافظ الأسد يلمس التخطيط بكل خطوة كان يقوم بها الرجل، وأظن وهو في الثامنة عشرة من عمره كان يعرف أنه سيصير رئيساً لسورية يوماً ما.

ارتكز الأسد بحكمه لسورية على أكثر من ركيزة: الأولى حزب البعث والثانية البعد الطائفي والعشائري، الطوائف والعشائر التي أدركت فيما بعد ان حكم الأسد يقودها إلى الهاوية، بالإضافة الى ارتكازه على معادلات وتحالفات دولية مكنته من إبقاء قبضته على سورية.

التحق حافظ الأسد بحزب البعث وترأس فرع اتحاد الطلبة السوريين في اللاذقية، الا أن مسيرة الأسد الأب الحقيقية والخطوة الأولى له باتجاه حكم سورية كانت بعد الاتحاد مع مصر، حيث أوفد للخدمة في القاهرة، ولم يتقبل فكرة الوحدة وقرار حل الحزب لتحقيق الوحدة مع مصر، لذلك عمد مع صلاح جديد وغيرهم من أعضاء حزب البعث إلى تشكيل تنظيم سري عرف باسم “اللجنة العسكرية” هدفه الانفصال عن مصر.

وبعد الانفصال أخدت اللجنة العسكرية تلعب دوراً مهماً في الحياة السياسية في سورية، فترك صلاح جديد عمله في الجيش السوري وتفرغ للعمل التنظيمي في حزب البعث، وعاد حافظ الأسد إلى الجيش بعد أن طرد منه ورقي لرتبة لواء وترأس وحدة الدفاع الجوي، إضافة الى ذلك كانت مهمة حافظ الأسد وبالاتفاق مع شريكه صلاح جديد، تقضي بتوسيع قاعدة البعثيين في الجيش، تمهيداً للانقلاب على قيادة الحزب آنذاك “ميشيل عفلق مسؤول القيادة القطرية، وأمين الحافظ رئيس القطر” العربي السوري…!”

لكن ماذا عن علاقة الأسد الأب مع صلاح جديد، لا أدري إن كان التاريخ يقبل التحليل للوصول إلى الوقائع، ذلك أن ما رشح عن تلك الفترة إلى الآن ليس أكثر من اتهامات من أطراف الصراع على السلطة آنذاك، وإذا أخذنا التاريخ على انه على مجموعة أحداث وأشخاص ونقاط توصل لحقيقة معينة وتصنع الأحداث وحاضر الشعوب، نجد أن حافظ الأسد بدهاء وصمت شديدين استغل قربه من صلاح جديد وحزب البعث، من أجل الدخول في معترك الحياة السياسية السورية، لذلك يصح أن نقول كان حافظ الأسد اللاعب الأشد خطورة والاشد ذكاء في الملعب السوري فترة الخمسينات والستينات وحتى اليوم..!

ونتيجة كل هذه الخبرة التي اكتسبها من إدارة الصراعات بين مختلف القيادات السياسية في المشهد السوري والخبرة في الصعود واستغلال الأشخاص والمواقف، استطاع حكم سورية بعد ذلك بهذه القبضة الحديدية…!

الرئيس حافظ الأسد عاش يحكم سورية وعاش وهو يخطط كيف يحصل على الحكم وكيف يضمن استمرار سيطرة عائلته على الحكم، لذلك أفرغ المؤسسات التي جاء منها عدا الجيش من دورها، فحزب البعث لا علاقة له بحكم سورية إلا شكلاً، ومجلس الشعب ليس له دور أكثر من الدور الذي رأيناه فيه اثناء خطاب بشار الأخير.

وعمد حافظ الأسد الى بناء جيش قوي نسبياً مع إبقاء رموز الجيش وقادته وضباطه تحت سيطرة القرار السياسي لعائلة الأسد، فحين عاد الى الجيش بالاتفاق مع صلاح جديد، عمد إلى إفراغه من الضباط من مختلف القطاعات وهذا ما تسبب بطريقة ما في هزيمة حزيران67، وعمد على بناء قاعدة فيه تقوم على الولاء له قبل الولاء لحزب البعث، لذلك نجد أن الجيش السوري الى الآن يتبع القرار السياسي للعائلة ومن المستبعد ان يحصل فيه تمرد وانشقاقات كالتي حصلت في ليبيا واليمن !

الركيزة الثانية، وهي البعد الطائفي والعشائري، مع التوضيح أنني أخجل من ذكر مفردة ” طائفة وعشيرة” ذلك انني أنتمي لمفهوم أوسع، ألا وهو الدولة المدنية التي يطمح لها الكل في سورية وفي فلسطين وفي ومصر ويطمح لها ابن خلدون أيضاً.

يرى ابن خلدون أن حكم العائلات أو القبائل لم يكن ليتم لولا ما سماه ” العصبية”، وحكم عائلة الأسد لم يكن ليكتب لسورية لولا ولاء عشائر حوران وعصبية طائفية تجلت واضحة بعد مرحلة طويلة من استعمار انجليزي وفرنسي بالمنطقة، ولا أعني بالعصبية طائفة معينة في سورية لأنهم أكبر الخاسرين في حكم الأسد، ذلك أن العصبية تظهر في الطوائف وفي القبائل والمؤسسات كذلك، ولا القي باللوم على أحد، بقدر ما أُلقيه على مرحلة تاريخية مستمرة منذ معركة الجمل سنة 36 هجري في البصرة. ومن المفارقة ان الطائفية التي بدأت في معركة الجمل الأولى تنتهي أيضاً في واقعة تحمل ذات الأسم “واقعة الجمل” في ميدان التحرير في القاهرة.

والغريب حقاً هو هذا التوافق بين نظرية ابن خلدون عن مراحل الدولة والدولة التي بنتها عائلة الأسد!.

إذن، العصبية التي استند اليها النظام السوري، قائمة على الفراغ، إفراغ المجتمع من دوره بالدرجة الأولى، ومن حقه في ممارسة حياته السياسية، ولم يعمد النظام كما أنظمة أخرى الى التجويع والحرمان، بل قام بالإيحاء بأنه المسيطر على أقدار الناس، المسيطر على كل شاردة وواردة في الحياة، الذي يعرف ما يجري في البيوت وخارج الحدود أيضاً، فمن الطبيعي أن نرى السوريين منقسمين، مع النظام ومع سقوطه ومع إعطاء مهلة لوعوده في الاصلاح، ذلك ان الجميع يخاف سقوطه …!

المرحلة الثالثة: مرحلة الفراغ وجبي ثمار الملك، ويتجلى جبي ثمار الملك بتوريث كرسي الرئاسة للابن ..!

أجزم أن سورية لا تعاني من فقر كالذي تعاني منه مصر مثلاً، لا طوابير للخبز في سورية، ولا أزمة بطالة، فالبلد تعطي فرصة لمن يريد العمل، ولا جهل ولا أمية كالتي تعاني منها مصر، ولا عشوائيات ولا مدن سكانية مكتظة بسكانها، و أظن أن سورية بلد الفرص المتساوية في العمل، حتى الفلسطيني هناك يعمل فيما يريد، لكن البلد يعاني كما مصر من فساد سياسي وقبضة حكم تتخذ شكل الحكم العسكري المطلق في أحيان كثيرة أساسه غباء عين السلطة الحاكمة في البلاد ..!..

سأقول إن الفراغ هو ما يحرك الاحتجاجات، وسأقول أيضاً أن الناس ليس لديها ما تفعله في هذا الصيف سوى الاحتجاج، ولو أن هامش ممارسة الحياة السياسية أوسع في دمشق لما احتج أحد، لو أن النظام السوري استجاب لمطالب المحتجين في درعا في محاسبة المحافظ ومن تسبب في كل ما جرى هناك لما خرج أحد.

والمضحك أن النظام السوري لم يستجب للنداءات الدولية المتكررة للحوار مع المتظاهرين، ذلك لأن النظام لا يصدق ان هناك معارضة له، واستمر في معالجة مطالب الناس بالرصاص والقمع، ما أدى الى اتساع حركة الاحتجاجات الى مدن الوسط السوري حمص وحماة وغيرها، مع الملاحظة أن الاحتجاجات بدأت في المناطق التي يفترض انها موالية لحكم الأسد بحكم قانون العشيرة هناك، ومع الملاحظة أيضاً أنه استمر بالتلويح والتهديد باالطائفية، ومع استمرار واتساع رقعة الاحتجاج تبين ان لا احد ينادي بالطائفية إلا النظام نفسه.

ولو أتقن النظام السوري اللعبة السياسية جيداً لما احتج الناس، فالنظام حسب نظرية ابن خلدون في مرحلة الطمأنينة وجبي ثمار الملك، وتجلى هذا في تنصيب بشار ملكاً لسورية، وأقول ملكاً لأن سورية الجمهورية نصبت ابن الرئيس الراحل رئيساً في حدث اعتُبر سابقة سياسية وتاريخية في المنطقة، لم يأخذ في حسبانه أن العالم يتسع وأن الزمن لا يرجع الى الوراء، وان الطفل الذي خرج في وداع حافظ الأسد وهو في الخامسة من عمره أصبح يعرف معنى التعددية السياسية والمعنى من وجود احزاب في الدولة، وأصبح يلمس الفساد السياسي في المؤسسات والبيروقراطية فيها هو من يتظاهر الآن، وهو الجيل الذي أصبح يعرف حقوقه المدنية.

لذلك كان مطلب الاحتجاجات والمثقفين هناك، تعديل قانون الأحزاب والسماح بتأسيس أحزاب تمثل الجموع المختلفة من المجتمع السوري، بالإصافة الى إصلاحات سياسية في بنية النظام الأساسية، ولم يطالب الناس برحيل النظام عن السلطة الا بمرحلة متأخرة من حركة الاحتجاج هناك.

وكأن من يحكم سورية هو الأب ابن جيل الستينات والسبعينات السياسي، جيل المؤامرات الكبرى والطموحات الكبرى، الجيل المنتكس بكل أحلامه وطموحاته، لا بشار الأسد المحاط بحرس قديم رافق المسيرة السياسية لأبيه طوال ثلاثين سنة، ففاروق الشرع الذي كان وزيراً للخارجية من قبل هو الآن نائب الرئيس، كذلك وليد المعلم، الطبقة التي لا ترى من الحكم الا وسيلة لتحقيق المزيد من شهوة السلطة والمال.

الناس خرجت لهدم الفراغ، لأنها ملت الفراغ، ولم تخرج لقدوم الإخوان المسلمين إلى السلطة، ولم تخرج لأنها سلفية ونظام دمشق علماني، ولم تخرج مطالبة بتحسين شروط الحياة والعمل وارتفاع الأسعار الخ الخ الخ ، خرجت تطالب بمطلب وحيد وهو حرية تشكيل واقامة الاحزاب السياسية التي هي شرط الدولة المدنية، واصلاح سياسي يشمل بنية النظام، هذا كان مطلب المحتجين الوحيد حتى مرحلة متأخرة من الاحتجاجات، وبالمناسبة المسلسلات السورية الناجحة منها، كانت تغدي فكرة وجود مجتمع مدني في سورية، قائم على التعددية والتسامح واحترام الآخر، وحرية احزاب سياسية في المجتمع السوري كانت تنتقد ضمناً واقع سورية السياسي، فليس غريباً هذا الاحتجاج عن سورية، الغريب هو وقوف فناني سورية ضد الثورة ومع قتل الناس..!

الغباء السياسي لدى النظام، والذي تجلى في خطبة بشار الأولى في مجلس الشعب، وغباء الدعاية الإعلامية التي هولت الأمر وكأن سورية مستهدفة، واستخدام دعاية طائفية مرتكزة على قرب سورية من لبنان والعراق، كل هذا دفع بالمحتجين للمطالبة برحيل النظام، فالمجتمع السوري ليس طائفياً ولم يشهد أحداثاً طائفية كالتي كانت تشهدها مصر في الفترة الأخيرة من حكم مبارك، ولا يوجد هناك بمن ينادي بالانفصال عن سورية وإقامة حكم ذاتي لطائفة معينة كمصر، حتى الأكراد هناك يرون انفسهم جزءاً من الدولة السورية الواحدة الموحدة لا خارجها.

لا أحد يستهدف النظام السوري الا النظام السوري نفسه، فالجاهل عدو نفسه، فاسرائيل مرتاحة مما يقوم به النظام من حراسة حدودها على الجولان، والسعودية لا تريد ثورة أخرى في المنطقة حتى لو كانت هذه الثورة ضد عدو سياسي كسورية، لأن هذا يعني أن الربيع العربي سيستمر حتى يصل السعودية.

كل هذا أوصل حركة الاحتجاجات السورية والنظام السوري مرحلة اللاعودة.

المرحلة الرابعة : الهرم والانقراض بسبب الإسراف والتبذير.

أهم انعكاسات الإسراف والتبذير في السلطة هو البيروقراطية في الحكم، وسورية دولة بيروقراطية بامتياز، فعلى الرغم من ان الرئيسين الأب والابن، أو دعونا نقُل هذا على الرغم من أن الأسد الابن إصلاحي بامتياز من انجازات حكمه” الجامعات والاستثمارات وقانون البنوك الخ الخ الخ …. من الانجازات التي يعرفها المواطن السوري أكثر مني، الا أن الإصلاحات كانت تصطدم دوماً بالبيروقراطية المستشرية داخل النظام نفسه لم تقنع المواطنين بجدية الرئيس بالاصلاحات..!

فكل وعود الاصلاح التي أطلقها النظام كانت تنتهي بالنسيان لبطء في التنفيذ، وهذا ما ولد ديكتاتوريات صغيرة في الدوائر الحكومية وفي الجامعات وفي اتحادات الطلبة وغيرها من مؤسسات الدولة السورية، وهذا أوجد أيضاً طبقة سياسية ورأسمالية تلتف على القوانين إما بالرشى وإما بالتحايل والواسطة وغيرها من أجل مصالحها، ونتيجة هذا تولد الإحساس بالقهر والظلم عند مختلف طبقات المجتمع السوري، وأوجد طبقتين: طبقة تخضع للقوانين المعمول بها وطبقة لا تخضع لأي قانون.

الطبقة التي تُخضع برأس المال كل شيء وتصاغ من أجلها القوانين، هي ذاتها الطبقة التي تحتمي بالحكم الآن، وهي ذاتها الطبقة التي تحرض على قتل الناس دفاعاً عن مصالحها، لا تعرف أن المركب يغرق يغرق، الطبقة التي تصر على قيادة سورية إلى الهاوية ..!

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى