صفحات سوريةغسان المفلح

ما سر التواطؤ الدولي مع النظام السوري؟ إنه العار

 


غسان المفلح

كلما كتبت أنا أو غيري عن هذا الموضوع، نجد أننا لا نغطي كل جوانب الإجابة عن سؤال” ما سر هذا التواطؤ الدولي مع نظام يقتل شعبه؟” ولزاما علينا أن نكتب في هذا الموضوع لكي نحاول على الأقل تفكيك هذه البنية التواطئية مع هذا النظام؟ إن هذه البنية المساندة لاستمرار هكذا نظام نحتاج جميعا لمعرفة عناصرها، ولأنها تمس المستوى الأخلاقي للبشرية كلها، تحت ذرائع شتى، وقبل أن أبدأ بالمقال، أسأل المجتمع الدولي وقواه ومنظماته الحقوقية الدولية والمحلية وقوى الرأي العام، سؤالا” في حال أصلح النظام نفسه على طريقتكم وعلى طريقة مطالباتكم  له، من سيحاسب المجرمين الذين قتلوا واغتصبوا ونهبوا وشردوا؟ لو قام النظام الآن بالحوار مع المعارضة التي تتحدثون عنها، وقام بإجراءات إصلاحية، هل تنتهي الجريمة؟ وإن انتهت الجريمة في ملفات مصالحكم، فهل ستنتهي من ذاكرة الشعب السوري؟

وأية سورية هذه التي سيتحول فيها المجرم إلى مصلح؟ وهذا القول أقوله حزينا للأصدقاء في السميراميس.  ومنهم الصديق المناضل الدكتور منذر خدام- حيث كان حضوره فاعلا جدا في اللقاء- الذي حوصر منزله بعد اللقاء التشاوري هذا بيوم واحد، من قبل 150 من شبيحة النظام، من أجل الاعتداء عليه لكنه كان خارج المنزل، وهم يهتفون ضد الحرية  ومع بشار الأسد! هذا اللقاء الذي ساهم في استفادة بعض القوى المتخاذلة في المجتمع الدولي، أن تقول أنها خطوة جيدة من النظام، رغم أنهم يدركون جيدا هم ومن كانوا في اللقاء أنه لولا دماء شباب الثورة ما كان يمكن أن يعقد مثل هذا اللقاء، الفضل للدم الذي ضحى، لكن قانونيا وأدبيا نحن هنا أمام حالة إمكانية تبرئة الجاني بصفته مجرم عن سبق الاصرار والترصد. وهذا الأمر هو ما يلتقي مع هذه البنية التواطئية للمجتمع الدولي. لكن أبدا هذا لا يعني أننا نخون أحدا وكل ما نقوله نقدا صداقيا يمكن أن يكون خاطئا ويكون الأصدقاء أكثر قربا من الموضوع.

التواطؤ الدولي وخاصة العربي، مع النظام السوري الذي لم يعد نظاما عاديا بل بات نظاما مجرما، بأجهزته السلطوية باعتبارها هيئات اعتبارية وبشخوصهم، نحن هنا لم يعد باستطاعتنا التحدث عن دولة، إنك تتحدث عن عصابة، عصابة نتيجة التواطؤ الدولي هذا تشعر أنها ترهب العالم كله بما فيها النظم العربية، وحتى قوى المجتمعات الأهلية العربية، استطاعت نظمها أن تمارس عليها هذا التضليل وباتت هي متواطئة أيضا.

الرأي العام الغربي أيضا، لم يشارك في تظاهرات منددة بالنظام وجرائمه، هل نعتقد فعلا أن الشعب السوري” له الله فقط” أما ما هي الحكاية؟ تتحدث هذه البنية التواطئية عن عدم وجود بديل، فكان من الثورة أن أنتجت بدائل وليس بديلا واحدا، أقصد بكل تياراتها وانشغالاتها بتقديم بديل عن هذا النظام.

قالوا أنهم يخافون من الإسلاميين المتشددين، أثبتت الثورة انها ثورة تتبنى الطرح المدني الديمقراطي والليبرالي حتى بشعاراتها وسلوكها وممارساتها، فأية حجة بقيت؟ فخرجت علينا إسرائيل بحجة جديدة، أنها تخاف في حال سقط النظام: ان تصل أسلحة التدمير الشامل التي يمتلكها لحركة حماس وحزب الله، لهذا هي طلبت رسميا تخفيف الضغوط الدولية عنه، وأية حجة هذه؟

محوران هامان في الواقع هما خلف هذا التواطؤ الدولي والعربي:

المحور الأول- يتعلق بإسرائيل وأمنها ورؤيتها ووضعها الجيوبولتيكي، وصولا إلى نظرتها العنصرية لشعوب المنطقة، هذه كلها تجعل من تواطؤ المجتمع الدولي ومنه النظم العربية مفسرا، لكنه أبدا لم يكن ولن يكون مبررا. سبق وكتبت كثيرا وبالتفصيل كغيري  من الكتاب والمهتمين عن هذا المحور..

المحور الثاني- وهو يتعلق بالوضع الديمغرافي الأثني الطوائفي لسورية وجيرانها، خاصة أننا نعلم أن هنالك دوما خيار التهديد بحرب أهلية يشنها عسكر السلطة في حال تم الضغط على النظام أكثر من ذلك، فالنظام هو الطرف الوحيد المؤهل تاريخيا لامتلاك ورقة التهديد بحرب أهلية وتنفيذها وهو ينفذها الآن، نعم النظام الآن يقوم بحرب أهلية، ولكن الفارق بين حربه الأهلية التي يقوم بها، والتي يحاول أعطاءها بعدا طائفيا، عن بقية الحروب الأهلية الأخرى التي شهدها العالم: أن الطرف الثاني وهو الشعب السوري أعزل ويقاوم سلميا.

هذه معادلات يعرفها القاصي والداني بالمجتمع الدولي، إذا لماذا هذا التواطؤ؟

شعبنا يذبح على مرأى العالم…

حجم هذا العار الذي يتراكم  تواطؤا بشكل يومي على دماء شبابنا واهلنا في سورية يحتاج أن نجيب عن سؤاله هذا؟

في هذا السياق يمكنني  أن أقول أن بعض اللوبيات الأقلاوية الشرق أوسطية في دول العالم الغربي وروسيا تحاول أن تدعم النظام أقله سرا…ومنهم من يحاول ترتيب خروج آل مخلوف الآن من سورية، كاقتراح يساعد النظام، لا بل هنالك من يتحدث عن ترتيب خروج ماهر الأسد مع أمواله من سورية تاركا عناصر وضباط فرقته الرابعة خلفه…وهذا مطروح كحل للنظام كي يستمر!! أتمنى أن تكون هذه المعلومات خاطئة!!

لكن الحرية سورية لن تعود للخلف…هذا ما يجب أن يعلمه العالم..

ايلاف

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى