صفحات الرأي

ما يجب أن يلي “سقوط النظام”/ محمد مغربي

 

 

من المعروف ان مصطلح “النظام” لا يعني الدولة او الحكومة الصالحة، بل نظام الحكم السيّىء والاستبدادي.

ذلك ان كلمة “نظام” هي ترجمة للكلمة الانكليزية regime وهي مصطلح لغوي ـــــــ سياسي قديم أعطته الحكومة الاميركية في العصور الحديثة معنى “سيئا” باستعماله لتحقير الحكومات التي لا تعترف بشرعيتها بل تنظر اليها شزراً. وعلى سبيل المثال فإنها كانت تصف الحكومة الكوبية بعبارة: نظام فيدل كسترو.

وقد اصبح من المسلمات ان من يدير الجمهورية اللبنانية هو “نظام” سيء واستبدادي وفاسد وان كل السلطات الدستورية اللبنانية قد نخرها الفساد.

طُرح حديثا في لبنان شعار “اسقاط النظام” دون ان تكون للمنادين بهذا الشعار أية فكرة عن ما سوف يلي السقوط. ولا بدّ أن أصحاب شعار الاسقاط يريدون استبداله بحكم صالح.

والواقع ان “النظام ساقط ولا يحتاج إلا الى اعلان سقوطه لأنه يواجه اجماعاً معادياً له من الشعب الذي يتعطش الى التغيير الشامل ولأنه أي “النظام” لا يملك الكثير من مقومات البقاء والاستمرار. ويمكن القول أنه أوهى من بيت العنكبوت. فإذا تهاوى “النظام” أو أعلن سقوطه فقد يأخذ معه الدولة إلا إذا خلفه الحكم الصالح. فأي حكم صالح يمكن ان يقوم في لبنان؟

هذه هي الشروط المسبقة لقيام الحكم الصالح:

1- الشرط الاول المسبق لقيام الحكم الصالح في لبنان هو تحرير الدستور اللبناني من القيود الطائفية بصورة تامة. فيصبح لكل لبناني مهما كان دينه الحق بأن يلي كل مناصب الدولة سواء بالانتخاب او التعيين دون قيد او شرط سوى شروط النزاهة والكفاءة والعلم وان يكون ناخباً ومنتخباً بصورة مطلقة.

2- الشرط الثاني هو اصدار قانون بمنع الاشخاص المعنويين كافة والاشخاص الطبيعيين الذين يتكونون منهم، من كهنة وأئمة وخطباء كنائس ومساجد، من تعاطي السياسة أو التجارة أو الاعلام تحت طائلة العقوبة الجزائية الصارمة. ويشمل هذا المنع على الخصوص المؤسسات الدينية مثل البطركيات ودور الافتاء والمجالس الشرعية والملية والشركات على انواعها والنقابات المهنية وغير المهنية وتستثنى الاحزاب السياسية.

3- الشرط الثالث هو اصدار قانون للاحزاب السياسية بمنع ان تكون أكثرية اعضاء أي منها من ابناء دين واحد أو من الاعضاء في مؤسسات دينية او ان يكون لها اغراض دينية او طائفية أو ان تطلق شعارات دينية أو طائفية، ويمنع تلقيها اموالاً من الخارج. وعليها التصريح بحساباتها. كل ذلك تحت طائلة الحل والمصادرة والعقوبة الجزائية.

4- الشرط الرابع هو تطبيق قانوني المطبوعات والاعلام تطبيقاً أميناً وتطويرهما بحيث لا ينفرد شخص واحد أو عائلة واحدة في ملكية أية وسيلة من وسائل الاعلام او السيطرة على ادارتها وان لا تكون لهذه الوسائل أو لادارتها اهداف سياسية. بل يكون عليها ان تتعاطى مع كل الاحزاب السياسية بالمساواة. ويمنع عليها تلقي الهبات وعليها التصريح بحساباتها.

5- الشرط الخامس هو تطهير القضاء والادارة وإعادة تكوين نظام قضائي نزيه وهيئات رقابية وطنية نزيهة وفاعلة ومنع تولية الادارات والوزارات لغير المختصين في موضوعها.

6- الشرط السادس هو فصل السلطات فلا يلي النائب الوزارة الا بعد استقالته من النيابة.

7- الشرط السابع هو اعتماد القائمة الانتخابية بدلاً من لوائح النفوس. فلا يكون ناخباً او مرشحاً إلا من كان مسجلاً في اللائحة الانتخابية لكل مدينة أو بلدة قبل سنة على الاقل من موعد الانتخابات العامة أو البلدية. ولا يحق التسجيل في هذه اللائحة إلا لمن كان يقيم اقامة فعلية في نطاقها قبل سنة كاملة من موعد الانتخابات كما يكون ثابتاً من سند الملكية أو عقد الايجار المسجّل.

8- والشرط الثامن ان يتم انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية العليا (التي يجب انشاؤها) ونائب لكل منهم من الشعب مباشرة في كل انتخابات نيابية عامة بولاية متساوية المدة والقوة المعنوية ولمدة لا تزيد على اربع سنوات.

9- الشرط التاسع هو ان لا يخلف صاحب المنصب المنتخب نفسه إلا مرة واحدة. فلا يكون للنائب ان يرشح نفسه لتجديد ولايته إلا مرة واحدة. وكذلك رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية العليا. ولا يعين الشخص الواحد وزيراً أكثر من مرتين. ويطبق هذا الشرط بمفعول رجعي.

01- الشرط العاشر هو ان يكون للشعب الحق في استرداد التفويض الذي اعطاه لأي من الرؤساء الذين انتخبهم مباشرة أو نوابهم وذلك من طريق التصويت وبناءً لعريضة موجهة الى مجلس النواب وموقعة من ناخبين مسجلين يعادلون خمسين بالمئة من عدد المواطنين الذين انتخبوهم.

11- الشرط الحادي عشر هو ادخال تعديل دستوري بإعتبار كل قانون مخالف للدستور باطلاً بطلاناً مطلقاً وتلقائياً ولا مفعول له. ويكون لكل قاض مدني او جزائي سلطة لحظ هذا البطلان. ويجوز الطعنن بقراره مباشرة امام المحكمة الدستورية العليا التي يجب انشاؤها.

21- الشرط الثاني عشر هو الغاء مرور الزمن على الجرائم المالية المتعلقة بالمال العام واعادة التدقيق في حسابات الدولة وماليتها العامة منذ العام 1982 وحتى اليوم بواسطة هيئة مستقلة تستعين بخبرات وطنية ودولية.

كل هذه الشروط هي شروط مسبقة ولا قيمة لها إذا لم يتم احترامها بدقة. ومفعولها هو فتح الطريق امام قيام دولة القانون تحت سيادة القانون لا سيادة الاشخاص. ذلك ان مهمة الدولة الاولى والاخيرة هي حماية حقوق الناس ورفع الظلم عنهم من طريق التطبيق النزيه والشريف للقانون. ولا يعقل ان يناط تطبيق القانون بمن لا يطبق عليهم القانون بمخالفة قاعدة: كما تدين تدان.

وأول خطوة في تطبيق القانون هي الشفافية والتصريح عن الاموال والمداخيل الشخصية لكل القضاة وسائر الرسميين في سجلات رسمية مكشوفة مع اخضاع المصرحين للتدقيق والمساءلة بمفعول رجعي. ومن حق الشعب ان يرى من حين لأخر، كما يحصل في كل العالم، وزيراً خطيراً أو قاضياً كبيراً او نائباً مفُوها رهن التوقيف أو التحقيق أو المحاكمة أو السجن ليتعظ بذلك سائر الوزراء والنواب والقضاة والموظفين العموميين مهما بلغت درجاتهم.

النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى