صفحات العالم

متصلون بالأميركيين عن موقف كيري: لا تغيير ولا مكان انتقالياً للأسد

 

    روزانا بومنصف

هل هناك اي تغيير في السياسة الاميركية ازاء الازمة السورية والرئيس بشار الاسد في ضوء المواقف الاخيرة المعلنة لوزير الخارجية الاميركي جون كيري؟ سؤال اثير اعلاميا وسياسيا في الايام القليلة الماضية بناء على تصريحات لرئيس الديبلوماسية الاميركية من شأنها ان تستدرج استنتاجات مختلفة. الا انه وعلى غير ما ذهبت اليه التفسيرات المرحبة او المنددة في شأن المواقف الاخيرة التي اطلقها وزير الخارجية الاميركي من ضرورة جلوس النظام السوري والمعارضة الى طاولة المفاوضات من انها تعبر عن تحول كبير في موقف الادارة الاميركية واقترابها اكثر من موقف روسيا التي تصر على مكان للرئيس السوري في العملية الانتقالية، كشف متصلون بديبلوماسيين اميركيين اخيرا ان هذه التفسيرات او التأويلات في الاتجاهين ليست صحيحة. اذ ان قراءة هذا الموقف كانت مجتزأة وغير دقيقة لمجمل ما جاء فيه. يقول هؤلاء نقلا عن الديبلوماسيين الاميركيين المعنيين ان لا سياسة اميركية جديدة في شأن سوريا مختلفة عن الموقف المعلن للادارة سابقا. وهذه السياسة مع وزير الخارجية كيري لا تنحو اكثر نحو تبني وجهة النظر الروسية من هذه النقطة بالذات وفقاً لقراءات تعتبر ان الادارة الاميركية جيّرت الى روسيا العمل على ايجاد حل مع كل من النظام والمعارضة. اذ ان الديبلوماسية الاميركية وفق ما ينقل عن هؤلاء لا تزال ترى ان لا مكان للرئيس السوري في عملية انتقال السلطة كما كان موقفها سابقا ومنذ اتفاق جنيف في هذا الاطار. اذ حين تحدث كيري عن ان “تشكيل حكومة في سوريا يحتاج الى توافق بين الاسد والمعارضة ضمن الاطار التوافقي الذي تم التوصل اليه في جنيف” اعاد الى الاذهان في الوقت نفسه “ان اعلان جنيف يتطلب موافقة متبادلة من الفريقين لتشكيل الحكومة الانتقالية”. اي ان للمعارضة حق الفيتو على من يسميهم النظام مثلما له حق الاعتراض عمن تسميهم المعارضة. وهذه الاخيرة معترضة على الاسد نفسه، علما ان كيري اكد من ضمن الموقف المعلن نفسه الداعم للمعارضة ما اعتبره دفاع المعارضة عن الشعب السوري. وتاليا فان لا مكان للاسد في هذه المعادلة وفقا للابعاد السياسية التي اعطيت لمواقف كيري، خصوصا ان الكثير من هذه الابعاد تبنى على ما اقامه كيري من علاقة شخصية مع الاسد ادت الى تريث الادارة الاميركية في اتخاذ موقف مبكر من القمع الذي قاده الاسد ضد الثورة لدى انطلاقها نتيجة خلاصات لقاءات عقدها كيري مع الرئيس السوري. في حين ان رئيس الديبلوماسية الاميركية يحاول ان يبتعد عن اشاعة مثل هذا الاعتقاد راهنا.

وبحسب المتصلين انفسهم بالديبلوماسيين الاميركيين، فان موقف واشنطن وفق ما عبّر عنه كيري في اجتماع روما لاصدقاء سوريا اتجه الى تسهيل اعطاء السلاح الى المعارضة المعتدلة بناء على معادلة قوامها ، العمل على الضغط على النظام من خلال السعي الى تغيير موازين القوى عسكريا على الارض، وترجيح كفة المعارضة واتساع نطاق عملها وقوته بما يفرض على الرئيس السوري “اعادة حساباته” ويقرر الدخول في مفاوضات من اجل المساهمة في عملية انتقال سلمية للسلطة من دون فوضى لكن لا يشكل هو جزءا من عملية الانتقال هذه، كما لا تستفيد منه ايضا الجهات الجهادية المتطرفة. ولا يقتصر تقديم المساعدة في هذا الاطار على دول المنطقة وفق ما ظهر خلال جولة كيري على بعض الدول الخليجية بل شمل ايضا الدول الاوروبية كفرنسا وبريطانيا اللتين ابدتا الاستعداد لتقديم اسلحة دفاعية للمعارضة المعتدلة وليست المتطرفة ومن ضمن زيادة الضغط على النظام السوري. واللافت في الموقفين الفرنسي والبريطاني انهما اتسما بنبرة تصاعدية اقوى في الآونة الاخيرة على رغم لقاء للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ولقاء قبل ايام قليلة لوزير الخارجية البريطاني وليم هيغ مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. بمعنى ان الموقفين الفرنسي والبريطاني هما ابلغ تعبير عن بقاء المواقف الدولية على حالها وعدم حلحلتها من اي من الجانبين اي الغرب من جهة وروسيا من جهة اخرى وصبت المواقف الغربية في اطار الاعلان عن زيادة الضغط على النظام السوري.

وليس واضحا، اذا كان هناك امكان لنجاح هذه المقاربة الجديدة نحو السعي الى ايجاد حل للازمة السورية ام لا، نظرا الى تداخل الحسابات الدولية والاقليمية والسورية المباشرة في هذه الازمة ونظرا الى صعوبة التوفيق بين العناصر المختلفة لهذه المقاربة. اذ تقول مصادر ديبلوماسية معنية ان المقاربة التي تفترض قبول النظام بأي حل سياسي يستبعده عن السلطة قد يكون مبالغا فيها، في انتظار نتيجة ما يحصل على الارض من تطورات علها تساهم في ذلك. وهذا الامر سيستغرق وقتا لا بأس به مما ينبئ بان الازمة لا تشارف ايجاد حلول قريبة لها، علما ان الحل لو بدأ البحث عنه راهنا فانه لن ينتهي على الارجح قبل انتهاء ولاية الرئيس السوري في 2014. ومن هنا المواقف التي تقول باعادة ترشيح الرئيس السوري نفسه للرئاسة مجددا ردا على معادلة ابعاده من المرحلة الانتقالية التي لا تزال قائمة.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى