صفحات المستقبل

مجلس الشاورما


عم اصفن بظاهرة بالبلد كنت شوفها بزمناتي…و بعدين التهيت و هلأ رجعت عم شوفها…هالظاهرة  بسميها عقلية الشاورما…. نسبة الى الشاورما…يلي هي طيبة و مغذية و عانة عبالي ….المهم…هالظاهرة بشوفها ممثل لطريقة تفكير معينة عنا….و بغض النظر عن اسبابها..هي منتركها لعلماء النفس و الاجتماع…الا انها موجودة.. و بالاول كنت شوفها بالمجال الحياتي لانو ماكان في مجال نشوفها بالمجال السياسي…

في شارع اسمو الشيخ سعد بالمزة…. بزمناتو فتح فيه محل شاورما و شكلو امورو كانت زبدة…خلال كم سنة صار في بين كل محل شاورما و محل, في شي خمس محلات شاورما بهل الشارع……و الشي الوحيد يلي ممكن الزبون يفرقو بين الشاورما من عند ابو فياض مثلا و الشاورما من عند ابو تحسين هو انو ابو فياض بيدلق دبس رمان و بقوي قلبو..غير هيك سوق طويل عريض….عشرات المحلات….الف مين بدو يبيع شاورما…..و كلها نفس الشي…بدبس و لا بدون دبس..بالاخير شاورما……و بعد سنين من عشرات المحلات و الاستثمارات يلي انصرفت..ضل سوق شاورما كئيب و كل بياعين الشاورما عم يشكو….ما اتطورو و طورو المنطقة…هيك..انو الشاورما شغالة..فتاح شاورما و الرزقة ع المولى….

خلال النهضة الصناعية بسوريا بالتسعينات و يلي شهدت انتشار واسع و كبير و استراتيجي لصناعات المسكة و المحارم بمختلف الوانها و نهكهاتها و روايحها… وخصوصا  بعد كشف مسكة  ماسونية صهيونية  بحسب ما قالتلي الانسة بالمدرسة وهي عم تصادرلي اكتر من 200 صورة….. فتح شي صناعي سوري معمل مسكة وطنية و العالم بلشت تعلك علكة وطنية و صار كل الصناعيين بدهون يصنعو و يبيعو مسكة وطنية…صار في يوميا شي ربع ساعة بعد نشرة الاخبار دعايات لماركات مسكة و علكة…من قلة السلع يلي ممكن تتصنع…انو ماحدا فكر مثلا يعمل معمل مصاصات وطنية…كلو صار بدو يصنع مسكة… بنفس المستوى المحارم…انو بتذكر بطفولتي بالبلد ما كان في محارم….و كانت تجي تهريب من لبنان ..ميموزا و كلينكس و هالقصص….بعدين بلشت الثورة الصناعية خلال مراهقتي..و فجأة صار في ربع ساعة دعايات مسكة…و ربع ساعة دعايات محارم….انو الفرق بين محرمة و التانية هو البنت يلي بالدعاية…غير هيك…محرمة… و صار يلي بيورت ورتة…بيفتح معمل محارم…و شرطا…انو بس بيساوي نفس المحارم يلي عم يساويها ربع مليون صناعي سوري غيرو…مو انو بيعمل محارم تواليت…لاء.. بيساوي نفس المنتج…و بيصير لكل مواطن ماركة محارم….و بعد عقود من الخبرة بتصنيع نفس علب المحارم و المسكة..اي زبون و اولهون السوري اذا بيقدر يشتري علبة محارم او مسكة مو مصنعة بسوريا…ما بيقصر…انو هيك الصناعيين حطو عقلهون بعلبة محارم و ما فكرو يطورو…انو فتاح معمل علب محارم و الرزقة ع المولى…

و بعد الثورة الصناعية تغير الاقتصاد السوري بشكل مدروس من  صناعي زراعي الى اقتصاد خدمي زراعي بس انو الله يلعن الجفاف…فضل اقتصاد خدمي…يعني بيعتمد على الخدمات كقطاع اساسي بدل الصناعة نظرا للتحديات يلي واجهتها الصناعات السورية من مؤمرات و نقص بالمواد الاولية الداخلة بتصنيع المحارم و تشديد العقوبات على بيع التكنلوجيا المستعملة لتصنيع مسكة البوالين بسوريا… ….المهم..و بهل المرحلة الخدمية بتاريخ اقتصادنا  صار في ثورة بعالم الاتصالات بعد قيام الرئيس بأختراع الانترنت و قيام ابن خالتو بأختراع الهاتف الخليوي…و كنتيجة فورية لثورة الاتصالات…نص محلات الشاورما بالشيخ سعد قلبت من بيع الشاورما…لبيع الموبايلات و اكسسواراتو… صار بين كل محل موبايلات و التاني…شي ست محلات موبايلات و سبع محلات شاورما…و سوق الشيخ سعد هو مثال….بس كل شب باي حارة بالبلد صار طموحو يفتح محل موبايلات لانو في حدا بيعرفو فاتح محل و امورو هيليطية و سكر…و كان شبه مستحيل يلتقى محل موبايلات بحارة بدون ما يكون تسعة من جيرانو عم يبيعو موبايلات….في منهون لسا ببيعو جرابات نسوانية…بس عملو قسم موبايلات…انو هيك بيكون صاحب المحل دقة قديمة و ما بيثق بالتكنلوجيا و ابنو ثوري بدو يطور البنزنس تبع العيلة…فأبوه بنزلو ستاند موبايلات و كرسي…هلأ الله يرزق الجميع…بس يعني في سبيل توضيح هالظاهرة….

خلصنا من امثلة حياتية اقتصادية….بلشت الثورة….و قلنا يا لطيف شو عنا شغل…..انو ماحدا بيعرف عن وضع بلدنا و صعوبتو قد ما نحنا السوريين منعرف و يا محمد شو بدنا ننسق و ننظم لنقدر ننتصر بثورتنا…صار في تنسيقية بشي محل…قلنا برافو…بلشو ينسقو…..تاني يوم…صار في تنسيقية تانية…قلنا يا سلام…زيادة الخير خيرين…انو تنين احسن من واحد اكيد.. بيسيك ماث…و خصوصا انو شغلتهون التنسيق…مر اسبوع…اسبوعين…شهر و كم شهر…….رفيقي عم يقلي عندون بالبناية صار في اربع تنسيقيات و عدد سكان البناية هنن تلت عيل….كلو بدو ينسق…نحن شعب معروف عننا حبنا و شغفنا للتنسيق… و المثل بيقول يلي بيقدر يساوي تنسيقية…ليش لينضم لتنيسقية حدا تاني!…و بعد ست تشهر…و بدون تعميم شامل….بس بعد ست تشهر…و لاول مرة بتاريخ الثورات صار في تنسيقيات اكتر من عدد المتظاهرين يلي غالبا عم يطلعو من دون تنسيق……و صار التنسيقيات بدها تنسيق بتنسيقية…و بكرا اذا حدا عمل تنسيقية التنسيقيات…لحقو على تنسيقيات للتنسيقيات…..

بعيدا عن الميدان….قلنا لنقدر ننتصر بهل الثورة…لازم نتوحد و انو سهل نتوحد….يعني الطلبات العامة و الخطوط العامة واضحة و الهدف واحد…اسقاط نظام استبدادي..و تزبيط نظام ديمقراطي تعددي…انو بسيطة..مالها علم فيزياء نووية…فقلنا انو طبيعي يصير في جبهة سياسية معارضة موحدة….و بالفعل..فقت بيوم من هالايام و سمعت عن تشكيل مجلس وطني…قريت هالبيان و قلت حلو…بلش الشغل الصح…رحت عملت ساندويشة…رجعت لشوف شو صار بالمجلس الوطني…لقيت صار في مجلس وطني تاني بمكان تاني…قريت البيان و طلع متل البيان الاولاني…بس الالوان يلي براس الصفحة كانت مختلفة……قلت بكرا المجلس الاولاني بيجتمع مع المجلس التاني و بيتحدو و لا سيما بعد ما يلاحظو انو بياتاتهون التأسيسية نفس الشي تقريبا…مرت فترة و كل يوم منسمعهون  مجتمعين….و اخيرا…تم تشكيل مجلس وطني جديد…و بيانو متل البيان يلي قبلو…قلت خييي…خلصنا من هالقصة و اتفقو و هلأ رح يبلش الشغل…رحت فتت عالتواليت…طلعت لقيت شي تلت مجالس وطنية جديدة تشكلت بغيابي…صرت عم اكل هم فوت عالتواليت بصراحة …لانو مليت من قراية البيانات ..يلي بلشت تذكرني بالخطابات..و الخطابات بتذكرني بالخشب…و الخشب بذكرني بالنظام و بحياتنا و بواقعنا…كلو بدو يأسس مجالس وطنية و يأصدر بيانات…و المثل بيقول يلي يلي بيقدر يساوي مجلس وطني ليش لينضم لمجلس حدا تاني!…

عقلية الشاورما بتمثل نوع من التنافس الخطأ او العشوائية المنظمة بين اشخاص ممكن اذا نسقو مع بعض و فكرو خارج الصندوق يقدرو يأسسو شي للمستقبل مع بعض …مو مجرد موضة…او نزوة…..لو بدال ما خمسين شخص يفتحو محل يبيع نفس السلعة  بنفس الشارع و ياكلو من زباين بعض و يجمدو امكانية نمو بعضهون…شي تخصص بهل السلعة و شي تخصص بسلع جديدة مكملة لتستفيد من السلعة الاول كان السوق الكئيب تطور لمنطقة تجارية تقصدها العالم لتحصل على شي اكتر من ساندويشة شاورما….لو بدال ما خمسين صناعي صنعو محارم..و تخصصو بصناعات متممة..كان يمكن صار عنا مجال صناعي اوسع بفرنكين. ….عقلية الشاورما  بتحد من التطور لانو ما منشوف بأبعد من انفنا..انو فلاني ساوا هيك…خليني ساوي متلو و الرزق عالمولى..و ليش هو يساوي و انا ما ساوي نفس الشي..لا تخطيط و لا تنظيم ……يمكن من ريحة الشاورما او يمكن من تخشب عقلنا….كان عنا اسباب فرضت علينا نتخشب..القصة مو قصة تنظير او حب اللوم او انو ليش نحنا متخشبين او انو هنن متخشبين و انا لاء..كلنا عنا اسباب نكون متخشبين..و حياتنا  و بلدنا و انجازاتنا خلال اربعين سنة بكل محافلها هي دليل عالتخشب يلي عانينا منو و انفرض علينا و صار جزء من تفكيرنا….ما منفكر ببعدين…كان ممنوع نفكر ببعدين…بس  المفروض انو صرلنا ست تشهر عم نحاول نغير هالواقع…  الالاف العالم انقتلت و انحبست و اختفت و اتعذبت و اتشردت و اتبهدلت و انتهكت و ما قدرنا نتجاوز تخشبنا.. صار بين كل محل شاورما و التاني شي سبع مجالس وطنية  و سبعة و تلاتين تنسيقية و طنعشر بسطة…

لسا لهلأ  مختلفين و عم نفكر بعقلية الشاورما بدال ما نتوحد و ننظم…عم نتنافس ضد بعض على تحقيق هدف مستحيل يتحقق اذا ما كنا متعاونين كلنا مع بعض …التنافس حلو و صحي…بس مو بهل المرحلة….قبل ما نتخانق على لون الفستان, شو منشان نسترجع حقنا لنقدر نشتري الفستان بالاول..اذا بدنا نقضيها عم نعمل مجالس و تنسيقيات خشبية و نتنافس بين بعض الوقت رح يمر و يتمزق هالفستان و يلتعن سلفيسنو و لا انتو و لا غيركون رح يقدر يلبس … …..قبل ما ننط و نبوس العالم و نتراجهون ينقذونا و يقصفونا….شو منشان نكسر الخشب و نشوف لبعيد و نتوحد.. نكسر التخشيب و يصير شغلنا ليمشينا لقدام مو يخلينا مكانك راوح…….

و تسقط مجالس الشاورما الوطنية…

http://hashashji.wordpress.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى