صفحات العالم

مجموعة الاتهامات لـ”حزب الله” بالتورط: ارتدادات خارجية تواكب المتغيّرات السورية

    روزانا بومنصف

لا تنفي مصادر وزارية الاحراج الذي تواجهه الحكومة اللبنانية حيال مجموعة تطورات تتحدث عن دور لـ”حزب الله” في تفجير بورغاس او تلك التي افضت اليها التحقيقات في قبرص وارتباط عنصر من الحزب بالتحضير لاعمال ما او ايضا بتورط الحزب في مواجهات داخل سوريا ولو تحت مسمى دفاع قرى حدودية شيعية عن نفسها بدعم وتدريب من الحزب. اذ ان الدولة اللبنانية تقف عاجزة عن التصرف ازاء خرق الحزب احد ابرز الالتزامات الاخيرة المتمثل في “اعلان بعبدا” وتأمين حياد لبنان عن الوضع السوري وسائر المسائل الشائكة في المنطقة وكذلك ازاء تورط الحزب في دول اوروبية تماما كما كان الوضع ازاء تورطه في مصر من قبل وتوافر معطيات او اتهامات عن تورطه في دول عربية اخرى. ولا تساعد هذه التطورات الحكومة في تسويق مبدأ “النأي بالنفس” ولو ان هناك من يستمر في تشجيعها على ذلك تفاديا للاسوأ.

 ومع ان الحزب قد يكون مرتاحا لكونه يشيع الانطباع انه اقوى من الدولة اللبنانية ولا ضوابط لبنانية تحد من قدرته وفق ما يطيب لمراكز الابحاث الخارجية ان تسجل في هذا الاطار بما يفتخر به الامين العام للحزب المتابع لكل الدراسات في هذه المراكز على ما يبدو، فان ما تعتقده مصادر سياسية معنية هو ان الحزب يبني قضية قوية ضده لمرحلة لاحقة بناء على مجموعة اعتبارات من بينها ان هناك حساسية معينة كبيرة نشأت ضده في دول العالم العربي تخالف بقوة ما تركه في العام 2006 ليس بناء على دفاعه عن النظام السوري فحسب بل انخراطه في مواقف واحيانا اكثر من ذلك وفق اتهامات عدة في البحرين وسواها من دول الخليج على نحو بات هناك فروع لـ”حزب الله” بالمسمى نفسه في دول عربية اخرى كالعراق مثلا. وليست الحال افضل بالنسبة الى اوروبا التي تقارب مسؤولية محتملة لـ”حزب الله” في بلغاريا وقبرص بحذر كبير بحيث لا تخفي مصادر ديبلوماسية غربية وجود مخاوف من ان تكون المقاربة الاوروبية المرنة بمثابة رسائل خاطئة الى الحزب في حال اظهرت اوروبا حرصها على المحافظة على استقرار لبنان وعدم اتاحة المجال امام اي اهتزاز له في هذه المرحلة الحساسة من خلال عدم اتخاذها اي موقف واختبائها وراء ضرورة المزيد من التحقيقات وسوى ذلك من التبريرات.

وينسحب التأني الخارجي في هذا الاطار على تدخل الحزب في الحرب السورية الى جانب النظام. اذ تنقل المصادر المعنية ان هذا التأني وعدم الادلاء باي مواقف او تعليقات انما يندرج من ضمن جملة اسباب من بينها الاقرار بان تدخل الحزب هو جزء من التدخل الايراني المعلن والمعترف به ايرانيا على ألسنة مسؤولين كبار وهو تدخل مرفوض على ألسنة الدول الغربية لكن من دون اي موقف عملي من جانب هذه الدول يحول دون التدخل الايراني بل كان مطلوبا لاغراق ايران اكثر في الوحول السورية واستنزافها اقتصاديا وسياسيا. ولذلك فان هذا التدخل من جانب الحزب لا يعبر في رأي المصادر المعنية عن تدخل لبناني في الشأن السوري بمقدار ما يعبر عن تدخل ايراني يقوم به الحزب فيما لبنان قد يعاني من التبعات في حال جر الى الصراع في ضوء تهديدات الجيش الحر بالرد على نيران “حزب الله” من اين اتت.

ومن الاسباب ايضا الاقتناع الخارجي بان موضوع “حزب الله” مرتبط حكما بمصير النظام في سوريا بحيث ان سقوط النظام او رحيله لن يؤدي الى ذوبان الحزب انما سيغير الكثير من المعطيات المتعلقة به اقله وفق كل السيناريوات المتداولة التي تنبئ بعدم امكان استمرار النظام او قابليته للعيش حتى لو بقي في موقعه. وتاليا فان التركيز كان حتى الان على ما يعتبر جزءا من اصل المشكلة التي يواجهها الغرب مع الحزب اي على النظام السوري ولا نية بتحويل الانظار لا الى لبنان ولا الى الحزب في هذه المرحلة بل هو متروك الى مرحلة لاحقة الى ما بعد الانتهاء من التعامل مع النظام السوري وتقرير مصيره. واذ يسري الابتعاد عن اي موضوع يتعلق بلبنان في هذه المرحلة لاولويات الخارج في سوريا وايران ومسائل اخرى، فان مقاربة موضوع الحزب او كل ما يتصل به في هذه الآونة غير وارد حتى اشعار آخر. يضاف ذلك الى اقتناع آخر لدى البعض ان الحزب سيدخل بنفسه تعديلات جوهرية على ادائه ووجوده بفعل المتغيرات السورية الحتمية.

ولا تنكر المصادر الوزارية ان الحزب يتأثر في لبنان وفي الخارج بفعل هذه الاتهامات، ولو انكر او تجاهل ذلك، بحيث يثير كثيرون اسئلة ما اذا كانت محاربة اسرائيل او مواجهتها في اوروبا اي في بلغاريا او قبرص او ايضا التدخل العسكري في القصير او سواها من القرى الحدودية والحضور المقتدر للحزب في هذه المواقع وسواها يخدم لبنان واللبنانيين او يضر بهم. اذ ان هذه العناصر جميعها تساهم في دحض المنطق الذي يدافع به الحزب عن سلاحه وحتمية بقائه بذريعة الدفاع عن لبنان في مواجهة اسرائيل. وكان هذا سيبرز اكثر لولا الانقسامات السياسية الصعبة حاليا.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى