صفحات الناسوليد بركسية

محاربة زواج القاصرات السوريات إفتراضياً: #طفلة_لا_زوجة/ وليد بركسية

 

 

“الطفلة السورية، وبسبب ظروف الحرب والنزوح، تسرق من طفولتها وألعابها، فتزوج وترمى إلى مصير مجهول وتجربة قاسية.. ساهموا معنا في التخفيف من هذا الحيف وحماية طفلات سوريا”. بهذه العبارات تدعو حملة “طفلة لا زوجة” الجمهور للمساهمة معها في حملتها الإعلامية ابتداء من 12 يناير الجاري ولشهر كامل، لمحاربة ظاهرة زواج القاصرات بهدف “حشد الدعم والمناصرة ورفع سوية الوعي للحد من هذا الانتهاك بحق الطفولة والمجتمع”.

تأتي الحملة بعدما عادت ظاهرة زواج القاصرات الى الضوء، ضمن مجموعة القضايا الطارئة التي أثارتها الحرب الدائرة في البلاد. وإذا كانت الإحصائيات الدقيقة حول الموضوع غائبة، لاستحالة إجراء دراسات في الداخل السوري اليوم، إلا أن هناك مؤشرات توضح انتشار الظاهرة بنسبة لا تقل عن خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل عام 2011.

تشرف على الحملة مجلة “سيدة سوريا” بدعم وتمويل من الحكومة الكندية. واستمر التحضير لها حوالي 6 أشهر. وتأتي الحملة كردة فعل إيجابية بعد انتشار صفحات وشبكات إجرامية تستغل الفتيات السوريات اللاجئات في نوع جديد من الرق الأبيض، على حد تعبير محمد ملاك من فريق إدارة الحملة ورئيس تحرير “سيدة سوريا”.

يوضح ملاك لـ”المدن” أن فكرة الحملة أتت كجزء من مشروع موسع تنفذه “سيدة سوريا”، يتضمن حملات ضد زواج القاصرات، وتجنيد الأطفال، والعنف ضد المرأة، وغيرها من القضايا. ويشير الى أن ظاهرة زواج القاصرات عادت إلى الواجهة بعدما كان المجتمع السوري قد تجاوزها في مرحلة سابقة ضمن الأعراف والتقاليد، دون أن يتحول ذلك الفعل إلى عار اجتماعي، بفضل التعليم وتحسن الحالة الاقتصادية.

تشمل نشاطات الحملة توزيع 40 ألف منشور بالحد الأدنى، إضافة لملف صحافي في 30 صفحة يشمل دعماً نفسياً وآراء فقهية وتحقيقات وتقارير ومواداً حقوقية ونماذج من العالم تبين كيف تجاوزت الدول الأخرى هذه القضية. كما ستطبع “سيدة سوريا” 9000 نسخة إضافية من عددها المخصص للحملة لتوزع في المناطق التي ستستهدفها الحملة، إضافة لنشاط القائمين على الحملة عبر وسائل الإعلام المختلفة، مع برومو وتقارير مصورة تطلق تباعاً. فيما تواكب صفحة الحملة على “فايسبوك” و”تويتر” عملية التفاعل مع الجمهور ونشر مشاركاتهم لخلق حالة عامة حول الموضوع، ونشر حكايات الناس المختلفة، إذ تركز الحملة على الجانب الإنساني والحكايات الفردية مثلما تركز على الأرقام والإحصائيات.

وتستهدف الحملة الوصول إلى حوالي 250 ألف فتاة قاصر ضمن أسرتها لتصلها منشورات التوعية، كما تخاطب الحملة رجال الدين وقادة الرأي المحليين بحثاً عن تأثيرات ضمن المجتمعات الصغيرة. وتتجه نحو الشخصيات العامة السياسية والفنية والاجتماعية من عرب وأجانب لنشر التعاطف تجاه موضوع زواج القاصرات، كما تحاول الحملة طرح حلول بديلة وواقعية للمشكلة وتخاطب بذلك المنظمات الدولية الإنسانية والتعليمية للحد من تسرب الطفلات من المدارس. وتبقى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” خارج نطاق الحملة لكونها “مناطق معزولة بالكامل”.

وتنشط الحملة للعمل على نشر التوعية للحد من الاستغلال الذي تتعرض له الفتيات السوريات من قبل الرجال الأثرياء أياً كانت جنسياتهم والذين بات موضوع “شراء زوجة” جديدة لهم ميسراً ولا يتطلب إمكانيات مادية كبيرة كما كان عليه الحال من قبل. وبدأت مشاركات الناس تنتشر عبر هاشتاغ الحملة الرئيسي #طفلة_لا_زوجة ونظيره باللغة الانجليزية #ChildCNotWife.

تحاول الحملة تقديم خطاب شامل بعدة لغات ولعدة شرائح اجتماعية من الجمهور والمنظمات المعنية على حد سواء. يقول: “نستهدف بشكل أساسي مليون شخص بالحملة ويتواجد هؤلاء في المناطق المحررة في سوريا كدرعا وفي مخيمات اللجوء المختلفة والمناطق المحاصرة مثل ريف دمشق، ومناطق عرسال بدرجة أقل، لأن نسبة زواج القاصرات في مناطق عرسال أقل بكثير منها في المناطق الأخرى نتيجة الحصار ونتيجة الطبيعة هناك”.

المناطق الأكثر سوءاً بنظر ملاك هي المناطق التي في الداخل السوري، حيث يتحرك ناشطو وموظفو مكاتب “سيدة سوريا” بحذر شديد خلال عملهم في توزيع المنشورات لحمايتهم من أي إشكالات أمنية. ويقول ملاك إن أكبر أزمة تلامس مشكلة تزويج القاصرات، تتمثل في المهاجرين أي الجهاديين القادمين من خارج البلاد، والذين يفرضون منطقهم للحصول على زوجات سواء بالعنف أو بالمال، “وهم السبب في إحياء هذه العادات بقوة من جديد في سوريا، حيث روجوا لخطاب باتت الناس تكرره مثل أنه لا مشكلة في تزويج القاصرات وأنه أمر حلال ومن السنة النبوية وأن الله يستر الفتاة بالزواج”. كما تعود المشكلة الى الفقر وتفكك الأسرة وغياب المعيل وكم القتلى والشهداء والمعتقلين الذين اعتقلهم النظام، والنزوح واللجوء.

تبتعد حملة “طفلة لا زوجة” عن الخطابات الطوباوية، وتعمل على تحريك قضية رأي عام حدثية ومهمة للمجتمع. وبدأت تنتشر بسرعة وإيجابية في “فايسبوك”. ويعلق ملاك على هذه النقطة بأن “المجتمع السوري ما زال يحمل المدنية وبذور اللحمة الاجتماعية ولا يريد التفريط بقيمه التي عاش عليها”.

اللافت هنا وجود كمية كبيرة من ردود الفعل السلبية التي تهاجم الحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها “مخالفة للشرع والدين والسنة النبوية” وهو أمر غريب ومستهجن لم يلاحظ مع حملات سابقة ضمن ذات السياق الاجتماعي. ويرى ملاك هنا أن “نسبة الردود السلبية المتواجدة ضد الحملة ممن يتبنون الفكر الجهادي المتطرف لا تتعدى 2 بالألف فقط، لكن خطابهم الهجومي اللاذع يجعلهم يبرزون، ولا يمكننا التوقف عند هذه الأصوات ولا يجب إعطاءها كثيراً من الاهتمام، فهي أصوات دخيلة على المجتمع السوري وليس لها أرضيات ولا حاضنة شعبية ولن تستمر”. ويضيف:”بالأساس حملتنا وكل الحملات المشابهة هي جزء من الحرب على هذه الأصوات”، مشيراً الى أنه “لا يزال السوريون بنسبة 85% مدنيين ويحبون الحياة ويبحثون عن عيشها كما يعيشها كل العالم، ولا يريدون هذا الانغلاق.

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى