صفحات الحوار

محمد آل رشي: لا مقارنة بين المسرح والتلفزيون

علاء الدين العالم

يعمل الممثل السوري محمد آل رشي في المسرح في الوقت الذي هجره فيه الممثلون السوريون إلى الدراما، وتأخر نجمه حتى سطع، لكنه حاضر بقوة في المسرح السوري. وفي بيروت أقام ورشة لإعداد الممثل وفق منهج قسطنطين ستانسلافسكي، ضمت مجموعة من الشباب متنوعي الجنسيات والأعمار والخلفيات الثقافية، وقد فتح نجاحها الأفق على إمكانية إقامة ورشة ثانية تخصصية. جاء ذلك بعد علاقة وثيقة مع مؤسسة «شمس» نتجت منها مجموعة عروض قدمها سابقا على خشبة «دوار الشمس» في بيروت، كان آخرها «عتبة الألم لدى السيدة غادة». معه هذا الحوار.

[ تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية سنة 1994، في حين لم يسطع نجمك كممثل مسرحي متميز إلا في عام 2008 في مسرحية «المهاجران». إلامَ تعزو هذا التأخير؟

^ ساهمت سلبية المناخ السائد على المسرح السوري في تلك الفترة في ابتعادي عنه، هذا المناخ الذي اختبرته بالعروض التي عرضت علي قبل «المهاجران»، ولذلك كنت أبحث عن فرصة أكثر جدية وحرفية، هذه الفرصة التي وجدتها في «المهاجران» مع سامر عمران كمخرج ومترجم للنص، وأسامة غنم الذي اختبرت معه آنذاك لأول مرة مفهوم الدرامتورجيا وأهميته على أداء الممثل، ناهيك عن الخبرة التي امتلكتها في هذا الانقطاع الطويل عن المسرح فصرت أميّز ما الذي أريده.

[ في الوقت الذي يبتعد فيه الممثلون عن المسرح متجهين إلى الدراما التلفزيونية يقترب محمد آل رشي منه أكثر، ما الأسباب التي دفعتك إلى العمل في المسرح في ظرفه العصيب اليوم؟

^ لا أرى أن المسرح يمر اليوم بظرف صعب، على العكس، يتطور عما كان عليه في الماضي، يؤكد ذلك وجود أناس حرفيين وجديين في تبني المسرح كفن، ناهيك عن أني من المسرح، أحبه ولدي الرغبة في تجريب أنواع جديدة من الأداء على خشبته. زد على ذلك أثر المسرح في حياتي الشخصية، فلولا المسرح لما تعرفت على ماري الياس، سامر عمران، أسامة غنم، ديمة أباظة وصداقات أخرى كان لها أثر كبير في حياتي المهنية والخاصة.

[ إن تواجدك في التلفزيون اقتصر على أدوار ثانوية لم يظهر فيها آل رشي بأداء ذي حرفية عالية، بينما تمكنت في المسرح من تصدير نفسك كممثل على درجة عالية من الحرفية في التمثيل، كيف تفسر هذا الاختلاف بين حضورك كممثل في التلفزيون والمسرح؟

^ لا مجال للمقارنة بين المسرح والتلفزيون، فلكلٍ معاييره وآلية عمل تختلف عن الآخر، إلا أن المسرح يفتح للممثل مساحة أوسع من العمل على الشخصية فيكون له الوقت الكافي للبحث والتجريب للوصول إلى النتيجة المطلوبة، بينما يلعب ظرفا الوقت والمال دورا سلبيا في التلفزيون والذي تضيق به المساحة امام التجريب والعمل على الشخصية، بالإضافة إلى أن الشخصية في المسرح أكثر عمقا وواقعية مما هي عليه في التلفزيون، فطبيعة المسلسل التلفزيوني التي تستلزم طول ثلاثين حلقة تساهم في ضعف الشخصية في الدراما التلفزيونية وتنقص من كثافتها، والجدير بالذكر انه إلى اليوم لم تأتني فرصة جدية من التلفزيون تحرضني على العمل كما هي الحال في المسرح.

أسئلة جديدة

[ يشيع اليوم في المسرح السوري مهمة (الدرامتورج) مع ظهور الكثير من الالتباس حول وظيفة الدرامتورجيا في العرض المسرحي، كممثل. انطلاقا من تجاربك، ما أهمية وجوده في العرض المسرحي؟

^ الدراماتورج هو الذي يضبط العلاقة بين المخرج والممثلين من جهة والنص والمؤلف من جهة أخرى، بمعنى أنه المطالب باستثارة أسئلة المعنى في النص، والإجابة عن أسئلة المخرج والممثلين حول النص والمؤلِف والسياق، ومعني بالبحث عن أسئلة جديدة تغني العمل المسرحي، ولذلك كان لزاماً على الدرامتورج أن يمتلك خلفية ثقافية عالية عالما بأصغر التفاصيل التي يحملها النص. وتجدر الإشارة بنا إلى أنه يمكنك إقامة عرض مسرحي من دون درامتورج، إلا أن دوره يجب أن يلعبه المخرج والممثلون في تلك الحالة.

[ نجحت في آخر عروضك المسرحية «العودة إلى البيت» إخراج أسامة غنم، في تجاوز النجاح الذي حققته في كل من «المهاجران» و«الشريط الأخير»، هل كنت راضيا عما قدمته في «العودة»، وكيف تمكن محمد آل رشي من تجاوز ذاته كممثل؟

^ بالعموم أنا راضٍ عن كل تجاربي لأن كل تجربة «جدية» هي موضوع للتحليل وبالتالي الاستفادة من النتائج، سواء كانت سلبية أم إيجابية، ولا أوافق على مفهوم تجاوز الذات بل أرى أن القضية بالتراكم، بمعنى أن محمد آل رشي في «المهاجران» هو ذاته في «الشريط الأخير» او «حدث ذلك غدا» و«العودة الى البيت»، إلا أن المختلف هو التراكم الحاصل جراء التجريب وأثر هذا التراكم على أداء الممثل.

[ نجح «مختبر دمشق المسرحي» في عروض «الشريط الأخير»، «حدث ذلك غدا» و« العودة إلى البيت» من حجز مكان لك في ساحة المسرح السوري، كأحد المؤسسين للمختبر، كيف تفسر نجاح عروض المختبر، وما هو الأمر المختلف الذي جعلك فاعلاً فيه أكثر من غيره؟

^ بداية أفضل القول بـ«جدية» عروض المختبر بدلا من نجاحها، لا سيما أن الجمهور هو من يقرر في ما لو كانت ناجحة ام لا. حينما أُسس المختبر من قبل أسامة غنم وديمة أباظة وأنا، قام على أساس البحث والتجريب في سبيل الوصول إلى العرض المسرحي. تمثل هذا البحث في ورشات عمل توسعت مع الأيام حتى غدت تضم اليوم متخرجين من قسم التمثيل والدراسات والسينوغرافيا. وكان النتاج العملي لهذه الورشات مجموعة عروض ساهمت في تطوير المختبر هي «الشريط الأخير»، «حدث ذلك غدا» و«العودة إلى البيت» كانت من إخراج غنم الذي تمكن عبر الجهد الهائل الذي يبذله، انطلاقا من الفكرة وانتهاء بالعرض، من أن ينتج عروضا جمع فيها العديد من المواهب الفذة التي استمتعت في العمل معها في هذه العروض. أذكر منها الفنانين أمل عمران، نوار يوسف، مجد فضة، مؤيد رومية، كامل نجمة وجمال المنير، ناهيك عن ان ذكري هذه الأسماء يتجاوز الشكر إلى تأكيد تطور المختبر مع تقادم العمل والسنوات. ولذلك كانت الشراكة الطويلة والمتعة في العمل سبباً في أن أكون فاعلاً في المختبر أكثر من غيره. وفي ما يخص فاعليتي كممثل خارج المختبر، فأنا اشتركت في عروض أوروبية عدة سابقا، وحديثا انتهيت من عرض مسرحية «عتبة الألم لدى السيدة غادة» لعبد الله الكفري، بالإضافة إلى قراءات مسرحية لنصوص «هنا في الحديقة» للواء اليازجي، و«من هنا مر يوسف « لمحمد العطار، بالإضافة إلى أن الورشات المقبلة ستكون مدخلاً عملياً إلى فضاءات مسرحية جديدة في بيروت.

(دمشق)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى