صفحات الناس

مخيمات سوريا تكسر الصمت

محمود سرحان

مبادرة تلو الأخرى تطلقها المؤسسات الاغاثية والهيئات الأهلية في مخيم اليرموك، أملاً في أن تلقى صدى يجنب المخيم مزيداً من الأوضاع الانسانية والأمنية المأساوية التي يرزح تحتها، نتيجة القصف اليومي والحصار المستمر.

آخر المحاولات تمثلت في فعاليات اسبوع “كسر الصمت” عن المخيمات الفلسطينية، التي دعا إليها الناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي، رداً على ما اعتبروه “تخاذلاً واهمالاً” من منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية في تحمل المسؤولية تجاه أبناء المخيمات السورية عموماً، واليرموك خصوصاً.

الخطوة التي تهدف إلى “ايصال صوت المخيمات الى كل العالم”، بحسب احد القائمين عليها، انطلقت فكرتها بعدما ازدادت الأوضاع في المخيم تدهوراً، ما ينذر بكارثة انسانية كبيرة بعد فشل العديد من المحاولات لاقتحام المخيم من قوات “أحمد جبريل”، القيادة العامة، والمدعومة بقوات النظام والشبيحة، التي قامت بتكثيف القصف على معظم انحاء المخيم مع اغلاق تام للحاجز “المعبر” الذي يمثل المنفذ الوحيد للاهالي من اجل الحصول على ما يسد رمقهم ورمق اولادهم ضمن هذه الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة.

وتتضمن فعاليات الحملة، “القيام باعتصامات وتظاهرات أمام السفارات والمنظمات الدولية في كل الدول العربية والاجنبية، لدعم أهالي المخيمات وايصال معاناتهم والتحرك لتقديم كافة اشكال الدعم الذي لا يقتصر على الجانب الاغاثي والانساني فقط”. كما تهدف الحملة إلى “تشكيل قوة ضغط على منظمة التحرير والفصائل والسلطة الفلسطينية والجهات الدولية، لتوفير الحماية للمخيمات الفلسطينية والتوقف عن استهدافها ورفع الحصار عنها”.

وما يميز هذه الحملة عن غيرها من الحملات السابقة، انها أكثر تنظيماً وشمولية ايضاً. فمنذ اليوم الأول لانطلاقتها في (3- 8 -2013)، فاق عدد المشاركين فيها نحو 2500 مشترك، وهم في تزايد مستمر. وقد وصل صداها إلى انحاء مختلفة من العالم. ويشمل برنامجها في كل يوم ولمدة اسبوع موضوعاً مستقلاً، يسلط عليه الضوء طوال اليوم.

اليوم وهو الأخير، ضمن فعاليات أسبوع “كسر الصمت”، يتضمن دعوة للنزول إلى الشارع والقيام باعتصامات امام السفارات الفلسطينية والسورية والايرانية بشكل اساسي، للمطالبة بوقف شلال الدم في المخيمات، وبفك الحصار واطلاق سراح المعتقلين والمطالبة بحماية دولية والتأكيد على ان الشعب الفلسطيني واحد مهما ابعدته جغرافيا الشتات عن بعضه وعن الوطن.

أما البداية فكانت بما سموه يوم “سبت الوفاء للشهداء” لتذكر شهداء المخيمات الفلسطينية، أما الأحد الماضي فخصص لتذكر المعتقلين الفلسطينين في سجون النظام والمطالبة بحريتهم، وخصص يوم الاثنين للحديث عن المخيمات المحاصرة، في حين كان يوم الثلاثاء خاصا بالمهجرين من مخيماتهم. أما يوم الخميس فحمل عنوان “يا فلسطيني تمرد”، وخصص لمراجعة دور الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية خلال أزمة المخيمات ومدى محافظتها على شرعيتها كمممثلين للفلسطينيين في سوريا.

وكانت المؤسسات الاغاثية والهيئات الأهلية قامت، بعد اعتصام نفذته امام مركز دعم الشباب وسط المخيم، باطلاق “صرخة مدوية”، في بيان أصدرته وطالبت فيه بوقف القتل والتدمير لمخيم اليرموك وبفك الحصار الخانق عنه. وأكدت أن المخيم أصبح “يفتقر لأبسط مقومات الحياة ابتداء من رغيف الخبز وحليب الأطفال وصولاً إلى جميع الإحتياجات الاساسية للمشافي من أطباء ومستلزمات طبية، بالإضافة إلى انعدام البنى التحتية وتخلي المؤسسات الرسمية عن دورها في المخيم (الأونروا، الهلال الأحمر السوري، الهلال الأحمر الفلسطيني)”. وقد حمّلت منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل العمل الوطني، المسؤولية الكاملة لما يجري في مخيم اليرموك.

وفي رسالة، يبدو أنها موجهة إلى “القيادة العامة” وقوى التحالف الفلسطيني الداعمة للنظام، طالبت بـ”الالتزام بالقرار الفلسطيني القاضي بالنأي بالنفس عن الصراع في سوريا، ووقف إطلاق النار وفك الحصار لتسهيل حركة الدخول والخروج، والسماح بدخول المواد الغذائية والطبية، وأخيراً ايجاد حل سياسي في المخيم يساعد على عودة الحياة إلى طبيعتها والمهجرين الى ديارهم”.

توقيت الحملة يأتي كرد على “المتاجرة ” بالقضية الفلسطينية من قبل بعض الأطراف بحسب الناطق باسمها. كما اراد القائمون عليها “كسر الصمت” المطبق عن المخيمات الفلسطينية المحاصرة والتعريف باوجاعها. ومنذ اليوم الأول كان التفاعل معها كبيراً من الداخل السوري والمخيمات وصولاً إلى مناطق عديدة في العالم، ولعل أهم ما يشير إليه هذا الحراك ان الشباب الفلسطيني من ابناء المخيمات السورية بدأوا بتسلم زمام المبادرة… وقاموا بالفعل بكسر الصمت.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى