كتب ألكترونية

مذكرات الشاعر التشيلي الكبير بابلو نيرودا تهبّ من جديد في العربية” أعترف بأنني قد عٍشتُ

«مذكرات بابلو نيرودا، أعترف بأنني قد عشت» ترجمة وشرح محمود صبح، صدرت طبعته الثالثة عن «المؤسسة العربية للدار والنشر»، بيروت، 425 صفحة، يعتبر شهادة حيّة لمرحلة مهمة من تاريخ تشيلي. مذكرات، أبعد من أن تكون يومية، أو مجرد نقل وقائع، بل هي تذكارات، وشهادة من شاعر كبير بابلو نيرودا، في الأحداث السياسية، والشعرية، واستحضار لقاءات مع شعراء إسبان وأميركا اللاتينية، يخبئ وراءها موقفاً طليعياً من الشعر، ومن أحواله، عابرة على بدايات الشاعر الشعرية، وصولاً إلى قممه الشاهقة.

الترجمة رائعة تولاها محمود صبح، عن اللغة الأصلية، مزودة هوامش وشروحاً، وتوضيحات. وقد عرف المترجم كيف يكون دقيقاً، وكيف يجمع هذه الدقة أو ما يسمى الإخلاص للنص الأصلي، مع حيوية الترجمة، ونضارتها، وصيغها العربية.

 

هنا مختارات من هذا الكتاب الذي لقي أصداء إيجابية في طبعتيه الأولى والثانية في لبنان والعالم العربي.

 

ب.ش

 

 

[ أولى قصائدي

 

الآن سأروي لكم حكاية عن العصافير، كانوا في بحيرة «بودي» (Budi) يطاردون البجع بشراسة، كانوا يقتربون منها بزوارقهم في صمت وسكون، ثم في سرعة، في سرعة يجففون البجع، مثل القواديس، شروعها بالطيران صعب، إذ لا بد لها من أن تجري متزجلة على سطح الماء لترفع في ما بعد بصعوبة فائقة أجنحتها الكبيرة. كانوا يدركونها فيقضون عليها بضربات هراوات ثم يحملونها.

 

أحضروا لي بجعة نصف ميتة. كانت واحدة من هذه الطيور التي ما عدت فرأيت مثلها في الدنيا، بجعة ذات عنق أسود. سفينة من ثلج، بعنق رقيق أهيف، كأنما أدخل في جراب ضيق من حرير أسود، المنقار برتقالي اللون والعينان حمراوان.

 

إن هذا حدث قرب البحر في «بورتو سابيدرا»، ببلدة «أمبريال ديل سور».

 

لقد أعطونيها شبه ميتة، غسلت جراحها وحشرت لها في حلقها فتات خبز وفتايل سمك. كانت تتقيأ كل شيء، ثم أخذت تستعيد قواها وتبرأ من أوجاعها، وبدأت تعي بأني صديق لها. وبدأت أنا أعي أن الحنين يضنيها والشوق إلى الماء ينضيها. فاحتضنت العصفور الثقيل بين ذراعي ومضيت عبر الشوارع لآخذها إلى النهر. كانت تعوم قليلاً، قريبة مني، كنت أريد لها أن تصطاد شيئاً فأدلها على الحجيرات في القعر وعلى الرمال حيث تنزلق أسماك الجنوب المفضضة. لكنها كانت تنظر البُعد فتخشاه بعينين جد حزينتين.

 

هكذا كل يوم، أكثر من عشرين يوماً، كنت آخذها إلى النهر وأحملها إلى بيتنا. كانت البجعة كبيرة، حجمها حجمي. ذات مساء كانت غارقة في التفكير جداً، سبحت قربي لكنها ما اهتمت بالزبابات التي أردت بها تعليمها الصيد من جديد. مكثت هادئة فأخذتها إلى حضني من جديد بنيّة أن أحملها الى دارنا، وما إن أوشكت ان ترتاح في صدري حتى شعرت ان شريطاً قد انحل، إن شيئاً كأنه ذراع سوداء، قد لمس وجهي وكشطه فالتفت وإذ بعنقها الطويل الملتوي يتهاوى. آنذاك تعلمت أن البجع حين تموت لا تغني.

 

إن الصيف الحار لافح في «كاوتين». يحرق السماء والقمح. إن الأرض تود لو تستفيق من سباتها. والدور لم تتخذ عدتها للصيف، كما لم تتخذ مؤونتها للشتاء. كنت أمشي عبر الحقول أسير وأمشي. أضيع في تلة «نييلول» (Nielol). هأنذا وحدي، جيبي مليء بالخنافس، في صفت صغير أحمل عنكبوتاً كثيف الشعر حديث الصيد. السماء لا تُرى.

 

[ الأفيون

 

… كانت ثمة شوارع برمتها عاكفة على الأفيون.. جالسين على منصات وعتبات يمتد المكيفون المدخنون فوقها.. إنها لمعابد الهند الحقيقية.. فلا سجاجيد ولا وسائد من حرير ولا بذخ ولا أبهة.. بل ألواح خشبية بلا لون، غلايين من خيزران، وسائد من فخّار صيني.. تطفو في الأجواء سكينة ورصانة وصرامة ما عهدتها المعابد.. الرجال صرعى خاشعون بلا حراك ولا صراخ ولا عياط.. تناولت غليوناً فنشقته.. ليس بشيء.. ما هو إلا دخان قاتم بارد فاتر لزج لزوجة اللبن.. دخنت إربعة غلايين، مكثت خمسة أيام مريضاً، غثيان اثر غثيان، يأتيني من البصلة النخاعية، من الشوكة الظهرية، ينزل عليّ من المخ من النخاع من الدماغ.. كراهية للشمس، حقد على الوجود.. عقاب الأفيون.. ما كان لهذا أن يكون خاتمة المطاف.. فلطالما كُتب عن هذا السم المقدس الشهير، ولشد ما قيل عنه، وكثيراً ما قلبت الحقائق ونفضت المحافظ في مخافر الحدود الجمركية وفي المطارات بحثاً عنه علّ هذا السم يُتنقص أو يمسك به قبل أن يطير.. كان لا بد لي من أن أهزم القرف، أغلب التقزز، أقهر الاشمئزاز.. كان لا بد لي من معرفة الأفيون معرفة حقاً، من أن أسبر غوره، أكشف سره، أعرف أمره، أفضح لغزه، كي اعطي شهادتي وأدلي بحكمي.. عكفت عليه، دخنت غلايين كثيرة، حتى خبرت كنهه. ليس فيه من حلم، ليس فيه من خيال، ليس فيه من نوبة، ليس فيه من حدّة.. كل ما فيه وهن، كل ما فيه ضعف، كلما فيه ارتخاء رخيم مطرب كما لو أن معزوفة موسيقية ناعمة أبدية امتدت في الزمن، في الفضاء.. يحس المرء أن إغماء بداخله، إن دغلاً بعروقه.. فأية حركة مرفق أو قفا، أي صوت مركبة بعيد، أي تزمير، أية جلبة شارع، تأتي فتشكل قسماً من كل، من لذة مريحة.. أدركت لماذا كان بياذق الزراعة والمستخدمون المياومون والحوذيون الذين يجرجرون عربات الـ»ريشكا» كل يوم، يخرون تواً هناك غافلين هامدين ساكنين.. لم يكن الأفيون جنة الشاذين أو فردوس هواة اللذة والغرابة، كما قيل لي كذباً وبهتاناً، بل منجى المستغلين الوحيد، مناص الفقراء الوحيد.. لقد كان اولئك العاكفون على الأفيون جميعهم أناساً فقراء مساكين.. لا أريكة مطرزة عندهم ولا وسادة حريرية لديهم، لا علامة على غنى ولا إشارة عن ثروة.. لا شيء يلمع في ذاك المكان حيث يقبع المكيفون المدخنون ولا حتى عيونهم الساهمة شبه المغمضة.. أتراهم يستريحون، أم تراهم يغفلون؟.. أبداً ما عرفت، قط ما دريت.. لا أحد ينطق.. لا أحد ينبس.. لا أحد يهمس.. ليس ثمة من أثنان، ليس هناك من فرش ولا أرائك.. لا شيء غير مخدات خشبية صغيرة.. لا شيء إلا السكون ورائحة الأفيون جباراً عتياً، مسيطراً سائداً يبعث الاشمئزاز والنفور.. لا شك في أن هناك طريق الإبادة، درب الفناء.. إن افيون الشرفاء والأعيان والمستعمرين كان يخصص للفقراء المستعمرين.. فلقد كان لأولئك المدخنين لافتة علقت على الباب، تبين الترخيص بالبيع والترويج، رقم المحل، تاريخ الامتياز.. وفي الداخل كان يسود سكون رهيب كئيب، جمود خافت هامد، عطالة تخفف التعاسة تحلي التعب.. سكينة مظلمة، رواسب أحلام مبتورة وجدت غديرها وماءها.. اولئك الذين كانوا يحلمون بعيون ساهمة مغمضة بين بين، كانوا يحيون ساعة مغمورين في لجّة البحر، ليلة كاملة على ظهر ربوة متلذذين باستجمام رقيق ممتع..

 

بعد ذلك ما عدت إليهم.. فلقد عرفت.. ولقد خبرت.. ولقد لمست.. ولقد جسست شيئاً لا يمسك.. لا يُحتوى.. شيئاً خفياً قصيّاً يتلاشى في الهواء..

 

[ كيف كان (فيديريكو Federico)

 

سفر طويل عبر البحر دام شهرين أعادني إلى تشيلي عام 1932. هناك في تشيلي نشرت ديواني «حامل المقلاع المتحمس» الذي كان مبعثراً بين أوراقي، ونشرت كذلك ديواني «مقام في الأرض» الذي نظمته في الشرق. في عام 1933 عينت قنصلاً لتشيلي في «بونيس أيرس» حيث وصلت في شهر آب.

 

لقد وصل إلى هذه المدينة في الوقت نفسه تقريباً (فيديريكو غارثيا لوركا) كي يدشن مسرحيته، مأساة «أعرام الدم»، ويشرف على تمثيلها الذي قامت به فرقة (لولا ميمبريبيس Lola Membrives). لم نكن قد تعارفنا بعد فتم تعارفنا في «بونيس أيرس». وكثيراً ما كان الأدباء والأصدقاء هناك يحتفلون بنا معاً ويكرموننا. على فكرة، لم تنقصها بعض الحوادث. كان لفيديريكو خصوم. وكذلك كان لي أيضاً خصوم وما زال هناك لي خصوم كثيرون. هؤلاء الخصوم يشعرون بأنهم مدفوعون غزيرياً كي يطفئوا النور حتى لا يُرى. وهذا ما حصل في تلك المرة. بما أنه كان هناك اهتمام عند الناس لحضور حفلة التكريم التي كان يريد إقامتها على شرفنا «نادي القلم» في فندق «بلاثا»، فإنّ أحد هؤلاء الخصوم أخذ يتصل بالناس هاتفياً كل يوم ليخبرهم بأن التكريم الذي كان سيُقام على شرف (لوركا) و(نيرودا) قد أُلغي. وقد بلغ بهذا الخصم أو الخصوم الحد من الصفاقة أنهم اتصلوا بمدير الفندق وعاملة الهاتف ورئيس الطهاة كي لا يشاركوا في الاحتفال ولا يعدّوا الوليمة. لكن هذه المناورة فشلت وانعقد شملنا أخيراً وحضر الاحتفال بنا مائة من الكتّاب الأرجنتينيين.

 

لقد بادرنا الحروب بمفاجأة أدهشتهم. كنا حضّرنا خطاباً على التناوب «أل أليمون». أعتقد أن كثيراً من القرّاء لا يعرفون معنى هذه الكلمة وأنا كذلك لم أكن أعرفها، لكن (فيديريكو) الذي كان دائماً مليئاً بالإبداعات والأملوحات والنوادر والخواطر شرح لي ذلك فقال:

 

«اثنان من مصارعي الثيران يصارعان في الوقت نفسه وبمعطف واحد وحيد. إن هذه الطريقة في المصارعة هي أخطر تجربة في فن مصارعة الثيران، ولذا فقلّما تُرى في حلبات المصارعة. لا تُرى إلا مرة أو مرتين كل قرن، ولا يمكن أن يؤدّيها إلا مصارعان أخَوان أو أنّ لهما دماً مشتركاً، وهذا ما يسمّى عندنا في أسبانيا بالمصارعة على «أليمون». وهذا ما سنقوم به، أنت وأنا، في خطاب نلقيه على المحتفلين بنا».

 

وهذا ما صنعناه، وما من أحد من الحضور كان يعرف هذا الأسلوب في المصارعة أو المخاطبة. حين وقفنا لكي نشكر مدير النادي على هذا التكريم، وفقنا معاً في الوقت نفسه كأننا مصارعا خطاب واحد. بما أن الوليمة قد قدمت على موائد صغيرة منفصلة، بعضها يبعد عن بعض، فإنّ (فيديريكو) كان في طرف وأنا في الطرف الآخر، ولهذا فإنّ الناس الجالسين قربي كانوا يشدّونني من طرف سترتي معتقدين أنني على خطأ وأن المتكلم الآن هو (فيديريكو)، والشيء ذاته جرى لفيديريكو في الطرف الآخر من القاعة. شرعنا في الوقت نفسه بالخطاب، فقلت أنا «سيداتي» وتابع (فيديريكو) و»سادتي» وهكذا. أخذنا نتناوب وتتشابك جملنا إلى درجة أن هذه الجمل بدت وكأنها نص وحيد متناسق مترابط إلى أن ختمنا كلامنا. ذات الخطاب كان مخصصا ومهدياً على (روبين داريّو Ruben Derio) لأننا، (فيديريكو) وأنا، كنا نبجّل (روبين داريو) باعتباره واحداً من عظماء مبدعي اللغة الشعرية في اللغة الاسبانية، دون أن نتّهم في اننا «محدثون Modernistas). وإليكم نص الخطاب:

 

نيرودا: سيداتي..

 

لوركا:… وسادتي: ثمة في فن مصارعة الثيران طريقة تُدعى:

 

«المصارعة على «أليمون»»، في هذه الطريقة يصارع اثنان معاً مختلساً أحدهما جسد الآخر، آخذين بالدثار ذاته.

 

نيرودا: (فيديريكو) وأنا، مربوطين بسلك كهربائي، سوف نتنوب كي نجيبكم على هذا الاستقبال الحار.

 

لوركا: إنها لعادة نبيلة في مثل هذه الندوات أن الشعراء يعرضون كلمتهم الحيّة، سواء أفضية كانت أم خشبية، ويحيُّون بصوتهم الخاص زملاءهم وأصدقاءهم.

 

نيرودا: لكننا الآن سنبعث في ما بيننا رجلاً ميتاً، نديماً أرمل، داكناً في دياجير ميتة هي أكبر ميتة، إنّه أرمل الحياة، ذاك الذي كان في إبانه وزمانه بعلاً ماهراً، سنختبئ تحت ظله المتوقد، سنكرر اسمه حتى تقفز قدرته من الفناء والنسيان.

 

لوركا: إننا سنروح، بعد أن نرسل تحياتنا في حنان طائر البطريق إلى الشاعر الرقيق (أمادو بيّار Amado Villar)، سنروح نقذف فوق هذا السماط اسم عظيم، متأكدين أنه لا بد من أن تتكسر الأقداح ولا بد من أن تتناثر في الفضاء الشوك والسكاكين بحثاً عن العين التي طالما اشتاقت إليها وحنّت، وأنه لا بد أن تلطخ هذا السماط ضربة من بحر. نحن سنذكر اسم شاعر أميركا واسبانيا: (روبين)…

 

نيرودا: (داريو). لأنه سيداتي..

 

لوركا: وسادتي…

 

نيرودا: أين هي، في بوينس ايريس، ساحة (روبين داريو)؟

 

لوركا: أين هو تمثال (روبين داريو)؟

 

نيرودا: لقد كان يعشق الحدائق، فأين هي حديقة (روبين داريو)؟

 

لوركا: أين هو حانوت الزهور والورود باسم (روبين داريو)؟

 

نيرودا: أين هي شجرة التفاح وتفاحات (روبين داريو)؟

 

لوركا: أين هي اليد القطعاء يد (روبين داريو)؟

 

نيرودا: أين؟

 

لوركا: إن (روبين داريو) ينام في مسقط رأسه: «نيكاراغوا» تحت أسده المرمري الفظيع مثل هذه الأسود التي يضعها الأغنياء عند أبواب منازلهم.

 

نيرودا: أسد مطمور في مخزن لمَن أسس الأسود، أسد بلا نجوم لمَن كان يمنح النجوم!

 

لوركا: لقد صوّر حفيف الغابة بكلمة نعت واحدة وكان مثل (فراي لويس الغرناطي Fray Luis de Cranada) رئيس لغات، لقد صنع إشارات نجمية بالليمون ورِجل الأيل، والرخويات المليئة بالرعب والأبد؛ ووضعنا على البحر بزوارق والظلال في بآبئ عيوننا، وشاد منتزهاً هائلاً من جن فوق أكثر مساء رمادي امتلكته السماء، وحيَّى نداً لندّ ريح الجنوب الداكنة ملء رئتيه ومدى صدره كأنّه شاعر رومانطيكي، ووضع يداً فوق تاج العمود «الكورنتي» في شك تهكمي حزين من العهود كلها.

 

نيرودا: إن اسمه لجدير بالذكر في اتجاهاته الجوهرية؛ بآلام قلبه الرهيبة، بارتيابه المتوهج، بهبوطه إلى متاهات جهنم، بصعوده إلى قلاع الشهرة، بنعوته؛ نعوت شاعر كبير، منذ أن كان وإلى الأزل، ولا بد من ذكره.

 

لوركا: لقد علّم، كونه شاعراً إسبانياً، قدماء المعلمين وعلّم الأطفال، بشعور من العالمية والكرم لا نجدهما في الشعراء الحاليين، لقد علّم (بايه انكلان Valle Inclan) و(خوان رامون خيمينيث) والأخوين (ماتشادو Machado)، وكان صوته ماء وملح بارود، في أخدود اللغة الموقرة. لم يكن للغة الاسبانية منذ زمن (رودريغو كارو) إلى زمن الأخوين (أرخينسولا) أو السيد (نوان ارغويخو)، أعياد كلمات، اصطدامات حروف، أضواء وصيغ مثلما كان لها في (روبين داريو). لقد تنزّه (داريو) من منظر (بيلاثكيث Vilazquez)، ومجمرة (غويا) وكآبة (كيبيدو) حتى لون الفلاحات «المايوركيات» التفاحي الخفي، في أرض اسبانيا كما في أرضه نفسها.

 

نيرودا: لقد أتت به إلى تشيلي دوّامة بحر الشمال الساخن فتركه هناك البحر، مهجوراً على الشاطئ القاسي المسنن وكان المحيط يلطمه بأزباد وأجراس، وكانت ريح «بالبارائيسو» السوداء تملأه بملح ذي جرس ورنين، فلنصنع هذه الليلة تمثاله بالهواء يخترقه الدخان والصوت والظروف والحياة على منوال شاعريته المخترقة بالأحلام والألحان.

 

لوركا: لكنني أريد أن أضع فوق هذا التمثال الهوائي دمه مثل غصن مرجان يهزّه التموّج، أعصابه على نمط مطابق لباقة أشعة، رأسه الكوكبي حيث الثلج «الغونغوري» اللجيني النقي يلوّنه ويدبجه طيران الطيور الصداحة، عينيه الداكنتين الساهمتين الرقراقتين بمليون دمعة، وكذلك عيوبه. إن الرفوف قد أكلها اللفت البري، حيث يرن القصب فارغاً من الناي، زجاجات الكونياك فارغة من الثمالة المأساوية، حيث ذوقه السيئ اللذيذ وفضلاته المتهتكة التي تملأ بالإنسانية جمهرة أشعاره. إن المادة الخصبة لشعره العظيم تظل منتصبة صامدة خارج الأشكال والصيغ والمهاميز.

 

نيرودا: إننا: (فيديريكو غارثيا لوركا)، اسبانيا، وإيّاي، تشيليّا، نوجّه أنظار المسؤولية في هذه الليلة الرفاقية نحو هذا الظل العظيم الذي غنى أعلى مما غنّينا وحيَّى بصوته العبقري هذه الأرض الأرجنتينية التي نطأها.

 

لوركا: إننا؛ (بابلو نيرودا)، تشيليّا، وإيّاي، اسبانيّا، قد توافقنا في اللغة وفي الشاعر النيكاراغوي الأرجنتيني التشيلي الاسباني العظيم: (روبين دارو).

 

نيرودا ولوركا: تكريماً له وتمجيداً نرفع كؤوسنا لنشرب نخبه.

 

أذكر أني ذات مرة، تلقيت من (فيديريكو) دعماً مفاجئاً في مغامرة هزلية فلكية لقد دعانا إلى عشاء وقضاء ليلة صاخبة مليونير من هؤلاء الذين لا يمكن أن تنتج أمثالهم إلا الأرجنتين أو الولايات المتحدة. كان هذا المليونير رجلاً متمرداً عصامياً استطاع أن يجمع حظاً من المال عن طريق صحيفته الواسعة الانتشار ذات التأثير المهم في الأوساط جميعها، كانت داره الفسيحة المحاطة بحديقة واسعة تجسّد أحلام غني جديد يحب التطبيل والتزمير. المكتبة ليس فيها إلاّ الكتب القديمة التي كان يشتريها برقياً من المزايدات التي كان يقيمها من حين إلى حين أصحاب مكتبات أوروبيون، وهذه المكتبة بالإضافة إلى سعتها كانت طافحة عامرة. لكن ما هو أكثر فخفخة وفخامة كان سطح قاعة القراءة العظيمة هذه فقد كانت مفروشة كلها بجلود نمور رقطاء، مخاط بعضها إلى بعض حتى تبدو وكأنها سجادة واحدة ضخمة مديدة. عرفت ان لهذا الرجل في افريقيا وفي آسيا وفي الأمازون أشخاصاً مهمتهم هي حصد جلود النمور الأراقط والأيائل والوعول والقطط الرائعة الخلابة التي كانت تلتمع بقع من بعضها تحت قدمي في هذه المكتبة الفاخرة.

 

هكذا كانت الأشياء عليها في دار الشهير بـ(ناتاليو بوتانا) رأسمالي قدير مسيطر على الرأي العام في بونيس ايريس. (فيديريكو) وأنا جلسنا حول المائدة على جانبي صاحب الدار المليونير، وجلست مقابلنا شاعرة طويلة شقراء خفيفة الظل والدم صوّبت عينيها الخضراوين خلال الأكل إليّ أكثر ممّا صوبتهما إلى (فيديريكو). كان هذا الأكل مؤلفاً من عجل ضخم حُمل بكامله إلى الجمر والرماد على نعش هائل، وكان المشيعيون الذين حملوه على أكتافهم هم أربعة عشر راعياً من رعاة البقر. كانت الليلة زرقاء مليئة بالنجوم بشكل غاضب نزق، وعطر المشوي بجلده، اختراع رفيق للأرجنتينيين، يمتزج بنسيم السهوب، بأشذاء البرسيم والنعناع على وشوشة آلاف الجداجد والاشراغ.

 

[ بول ايلوار الرائع

 

لقد مات رفيقي (بول إيلوار) منذ زمن قريب. لقد كان جد كامل، جد محكم، جد رائع فكلفني ألماً وجهداً أن أعتاد على فقدانه وأن أتعوّد على اختفائه. كان نورماندياً أزرق وردياً، ذا بنية قوية ونسيج رقيق، إن الحرب العالمية الأولى تركته بيدين مرتجفتين دائماً. لكن (إيلوار) أعطاني في كل لحظة فكرة اللون السماوي، فكرة الماء العميق الهادئ، فكرة عذوبة تعرف قوّتها. من شعره النقي جداً، الشفاف جداً مثل قطرات مطر ربيعي على الزجاج، كان يمكن أن يبدو (بول إيلوار) إنساناً لا سياسياً، شاعراً ضدّ السياسة ولكنه لم يكن هكذا فقد كان يشعر بأنه ملتصق التصاقاً قوياً بالشعب الفرنسي، بآراء شعبه وبنضاله.

 

كان (بول إيلوار) حازماً، نوعاً من برج فرنسي بهذا الجلاء العاطفي الذي ليس هو سواء والغباء العاطفي، السائد العام.

 

لأول مرة، في المكسيك، حيث سافرنا معاً، رأيته على حافة هاوية مظلمة، هو الذي دوماً كان يترك مكاناً مريحاً للحزن، مكاناً يواظب عليه بقدر ما كان يواظب على اكتساب المعرفة.

 

لقد كان مرهقاً متضايقاً. أنا كنت قد أقنعت وجرجرت هذا الفرنسي القطب إلى هذه الأراضي النائية، وهناك في اليوم نفسه الذي دفنا (خوسه كليمينته اوروثكو) هويت أنا أيضاً بالتهاب الوريد، وهو مرض خطير احتفظ به مربوطاً إلى سريري خلال أربعة أشهر بكاملها. فشعر (بول إيلوار) أنه وحيد كئيب، مهجور كما لو كان رائداً مكتشفاً أعمى قد تُرك وحده. لم يكن يعرف أحداً، لم تكن تفتح له الأبواب. شعر كأنه أرمل بل حب ولا رفيق كان يقول لي: «إننا نحتاج إلى رفقة كي نرى الحياة، نحتاج إلى أحد يشاركنا جوانب الحياة كلها. إن وحدتي لأمر محال ولجريمة».

 

ناديت أصدقائي فأجبرناه على الخروج، غصباً عنه أخذوه كي يتجوّل في دروب المكسيك، وفي منعطف درب عثر على حبه الأخير: (دومينيكه).

 

إنه لمن الصعوبة أن أكتب حول (بول إيلوار). فسأظل أراه يحيا بجانبي، تشتعل في عينيه أعماق الزرقة الكهربائية التي تنظر نظرة واسعة عريضة بعيدة.

 

لقد خرج من الأرض الفرنسية وأكاليل الغار والجذور تحوك مواريثه الشذية. لقد كانت قامته الطويلة مصنوعة من ماء وحجر، وعلى هذه القامة كانت تتسلق نباتات قديمة تحمل زهراً وبريقاً، أعشاشاً وأغاني شفافة.

 

(توميك) في مطلع عام 1971 ليراني في «إيسلا نيغرا». كان حديث الوصول من الشمال وفي ذلك الوقت لما يكن بعد قد رشّح نفسه رسمياً للرئاسة، لقد حافظنا على صداقتنا وسط الاضطرابات السياسية وما زلنا نحافظ عليها حتى الآن. لكننا في صعوبة تفاهمنا هذه المرة، هو كان يريد إجراء تحالف أوسع بين القوى التقدمية بدلاً من حركتنا حركة الوحدة الشعبية تحت اسم اتحاد الشعب. إن مثل هذا الاقتراح كان مستحيل التحقيق، فمشاركته في المفاوضات النحاسية لا تؤهّل ترشيحه أمام اليسار السياسي، أضف إلى هذا أن الحزبين الأساسيين الكبيرين في الحركة الشعبية: الشيوعي والاشتراكي كانا قد بلغا سن الرشد وعلى قدرة كافية لكي يوصلا الى سدة الرئاسة واحداً من صفوفهما.

 

قبل أن يذهب من داري، وقد كان يائساً، باح لي (تويك) بأمر مهم. وزير المالية الديموقراطي المسيحي (اندريس ثالديبار) أطلعه بالوثائق على إفلاس الواقع الاقتصادي في البلد آنذاك.

 

– نحن نمضي على الهاوية قال لي (توميك) -. إن الوضع لا يسمح بأكثر من أربعة أشهر. إنها لمصيبة. لقد زوّدني (ثالديبار) بكل التفاصيل عن إفلاسنا الذي لا مفر منه.

 

بعد شهر من انتخاب (ايينده) وقبل أن يتولى رئاسة الجمهورية رسمياً أعلن (ثالديبار) على الملأ أن مصيبة البلد الاقتصادية مشرفة على الوقوع، لكنه عزاها هذه المرة إلى ردود الفعل الدولية التي أثارها انتخاب (أليندي) هكذا يُكتب التاريخ. على الأقل هكذا يكتبه السياسيون الملتوون الانتهازيون من أمثال (ثالديبار).

 

[ الرئيس اليندي

 

(ايينده Allende): كان شعبي أكثر شعب غُدر به في هذا الزمن. لقد نشأت من صحاري ملح البارود، من مناجم الفحم تحت البحرية، من المرتفعات الرهيبة حيث يرقد النحاس وتستخرجه أيدي شعبي بأعمال غير إنسانية، نشأت حركة تحريرية ذات أهمية كبيرة. هذه الحركة حملت إلى رئاسة الجمهورية في تشيلي رجلاً يدعى (سالفادور ايينده) لكي يقوم بإجراء إصلاحات وتأدية مهام عادلة لا يمكن تأجيلها، حتى ينقذ ثروتنا القومية من المخالب الأجنبية. حيث حل ونزل، في أكثر الأقطار بُعداً عن بلدنا، أعجبت الشعوب بالرئيس (ايينده) وأثنت على جبهة حكومتنا الائتلافية الرائعة. أبداً في تاريخ مقر هيئة الأمم المتحدة بنيويورك ما سمع تصفيق حاد كالذي قابل به مندوبو العالم كله رئيسنا. هنا، في تشيلي، كان يشاد، بين صعوبات جمّة، مجتمع عامل بشكل حقيقي، يقام على قاعدة سيادتنا، على أسس كرامتنا القومية، عل دعامة بطولة أحسن سكان تشيلي. كان إلى جانبنا، إلى جانب الثورة التشيلية، الدستور والقانون، الديموقراطية والأمل.

 

لم يكن ينقص الجانب الآخر من الأشياء. كان لهم مهرّجون ومشعوذون، سحرة مدربون، إرهابيون، حملة مسدسات وسلاسل حديدية، رهبان مزيفون وعساكر مخلوعون حقيرون. هؤلاء وأولئك كانوا يدورون ويلفون في «كاروسيل» المكتب. كانوا يروحون يداً بيد مع الفاشي (خاربا Jarpa) وبنيه «وطن وحرية» مستعدين لكسر رأس كل ما يوجد وإزهاق روح كل مَن يوجد بغرض استرداد الحانوت الكبير الذي كانوا يسمونه: «تشيلي». بجانبهم لكي يحيي سهرة هذه الفرقة المتجولة، كان يرقص راقص مصرفي كبير، شيء ملوّث بالدماء، وبطل رقصة «الرومبا» هذا هو (غونثاليث بيديلا) الذي سلم وهو «يرومبي، حزبه منذ زمن طويل إلى أعداء الشعب. الآن كان (فريي) هو مَن يعرض حزبه الديموقراطي المسيحي على أعداء الشعب أنفسهم، فكان يرقص على الوقع الذي يعزفه هؤلاء له، وكان يرقص كذلك مع العقيد السابق (بياوكس) الذي شاركه في فعلته. هؤلاء كانوا الفنانين الرئيسيين في المهزلة. كانوا قد أعدّوا وهيأوا مؤن الاحتكار: «المجيليين»، أدوات السحل، الرصاصات التي بالأمس أماتت شعبنا في «اكيكه»، في «رانكين»، في «سالفادور»، في «بورتو مونت»، في «لا خوسيه ماريا كارو»، في «فروتيار»، في «بوينته التو»، وفي عدة أماكن أخرى. إن مغتالي (هرنان ميري) كانوا يرقصون مع الذين كان من المفروض أن يدافعوا عن ذكراه على الأقل. كانوا يرقصون رقصاً طبيعياً بشكل منافق. كانوا يشعرون بالإهانة ان عوتبوا على هذه «الأشياء الصغيرة».

 

إن لتشيلي تاريخاً مدنياً طويلاً بقليل من الثورات وكثير من الحكومات الثابتة وهي حكومات محافظة وقليلة الشأن. رؤساء صغار كثيرون ما عدا اثنين كانا رئيسين كبيرين وهما (بالماثيدا) و(ايينده).

 

وما هو غريب حقاً أنّ كليهما ينحدر من الوسط نفسه، من البورجوازية المثرية التي تسمي نفسها هنا بالارستوقراطية. بما أنهما كانا رجلي مبادئ وهبا نفسيهما في سبيل إعلاء شأن بلد جعلته الطبقة الحاكمة الغبية قليل الشأن، فقد قيدا الى الموت بالطريقة نفسها. أجبر (بالماثيدا) على الانتحار لأنه قاوم ضد منح ثروتنا من ملح البارود إلى الشركات الأجنبية.

 

(ايينده) اغتيل لأنه أمّم الثروة الأخرى المختزنة في جوف أرض تشيلي وهي النحاس. وفي كلتا الحالتين قامت الأقلية التشيلية بثورات دامية، وفي كلتا الحالتين تحوّل العساكر إلى كلاب صيد لهذه الطبقة المستغلة. الشركات الانجليزية في عهد (بالماثيدا) والشركات الأميركية في عه (ايينده) حرّضت على هذه الانتفاضات العسكرية وأنفقت عليها الأموال.

 

وفي كلتا الحالتين نُهب منزل الرئيس بأمر من «أرستوقراطيتنا» المبجلة. قاعات منزل (بالماثيدا) قوضت بضربات الفؤوس. أما منزل (ايينده)، فبفضل تقدّم العالم، قصفه من الجو طيارونا البواسل.

 

غير أنّ هذين الرجلين كان يختلف أحدهما عن الآخر اختلافاً كبيراً. كان (بالماثيدا) خطيباً آسراً. كانت له طبيعة تحب السيطرة أخذت تقربه أكثر فأكثر من الحكم الفردي. كان أكيداً من سموّ مقاصده. في كل لحظة كان يرى أنه محاط بالأعداء. لقد كان تفوّقه على الوسط الذي كان يعيش فيه كبيراً جداً وكذلك غدت وحدته كبيرة جداً فأدت به الى الانطواء على نفسه. أما الشعب الذي كان من المفروض أن يدعمه فلم يكن حينذاك يوجد كقوة، أي، لم يكن منظماً. لقد كان مصير ذاك الرئيس أن يصبح إشعاعاً، أن يظل حالماً: إن حلمه بالعظمة بقي حلماً. بعد اغتياله تملّك التجار الأجانب الجشعون والبرلمانيون «الكريويوون» ملح البارود. للأجانب الملكية والامتياز ولـ»الكريويين» المومسات. بعد أن تقاضوا أجرهم عادت الأمور إلى مجاريها وجفت دماء آلاف الرجال من أبناء الشعب الذين سقطوا في ميادين المعركة. فلم يتوقف عمال شمال تشيلي وهم أكثر طبقة مستغَلة في العالم، منذ ذلك الحين عن إنتاج كميات هائلة من الليرات الاسترلينية في سبيل «لندن سيتي».

 

لم يكن (ايينده) خطيباً بارزاً أبداً. أمّا بصفته سياسياً فقد كان حاكماً يستشير قبل اتخذ أي إجراء، لقد كان عدواً للديكتاتورية وكان ديموقراطياً مبدئياً حتى في الجزئيات الضئيلة، فلقد حالفه الحظ إذ وجد بدل شعب (بالماثيدا) الغر طبقة عمالية قوية كانت تعرف كل شيء. لقد كان هذا الرجل، مع أنّه لم يخرج من بين صفوف الطبقة العاملة، نتاج نضال هذ الطبقات ضدّ الجمود وفساد الطبقة المستغلة. لهذه العوامل والأسباب كان ما حققه (ايينده) خلال هذه الفترة القصيرة أكثر بكثير ممّا حققه (بالماثيدا) بل هو أعظم ما حُقِّق على مدى تاريخ تشيلي كله. إن تأميم النحاس وحده كان عملاً جباراً بالإضافة إلى مشاريع أخرى تمّت في عهد حكومته ذات الطبيعة الجماعية.

إنّ أعمال (ايينده) وآثاره ذات القيمة القومية التي لا تُمحى أغضبت أعداء حريتنا، والرمز المأسوي لهذه الأزمة ينمّ عنه قصف القصر الرئاسي. إنّ المرء ليتذكر la Blitz Krieg للطيران النازي في قصف مدن آمنة عزلاء، مدن إسبانية وانجليزية وروسية، الآن كانت الجريمة نفسها تحدث في تشيلي إذ أن طيارين تشيليين نهشوا وانقضوا على القصر الذي كان خلال قرنين من الزمن مركز الحياة المدنية في البلاد.

إني أكتب هذه السطور العاجلة في مذكراتي بعد انقضاء ثلاثة ايام فقط على تلك الأحداث التي لا يمكن نعتها، والتي أدّت إلى موت صاحبي ورفيقي العظيم الرئيس (ايينده). لقد أحاطوا اغتياله بجدار من الصمت ودفنوه سرّاً ولم يسمحوا إلا لأرملته بأن ترافق ذاك الجثمان الذي لا يموت. إن رواية المعتدين هي أنّهم وجدوه جثة هامدة بأدلة بيِّنة على أنّه انتحر. أما الرواية التي انتشرت في الخارج فهي مختلفة إذ انه بعد القصف الجوّي اقتحمت الدبابات، الدبابات الكثيرة، لتقاتل في بسالة رجلاً وحيداً فرداً: ألا وهو رئيس جمهورية تشيلي (سلفادور أليندي) الذي كان ينتظرهم في مكتبه دون أن يكون له من رفيق غير قلبه العظيم، وقد أحيط بالدخان والنيران.

لقد كان لهم أن ينتهزوا هذه الفرصة النادرة، كان لا بد من إفراغ الرصاص من الرشاشات في جسده فهو لن يتخلى أبداً عن منصبه. فدفن ذاك الجسد سراً في مكان ما. لقد مضى ذلك الجثمان إلى اللحد لا يصاحبه إلا امرأة واحدة وحيدة تحمل في نفسها ألم العالم كله، إن تلك الشخصية المجيدة الميتة كانت تمضي وهي مخرقة برصاص رشاشات عساكر تشيلي الذين خانوا تشيلي مرة أخرى.

() استخدم المترجم لفظ اليندي وهو صحيح، لكن اللفظ الشائع اللندي وقد استخدمناه فقط في عنوان النص.

 

لتحميل هذا الكتاب من أحد الرابطين التاليين

 

http://bib-alex.net/files/mdhkrat-bablw-nerwda-aatr-ar_PTIFF.pdf

 

 

 

http://www.4shared.com/office/7DC0LSYg/______-__.html

 

 

صفحات سورية ليست مسؤولة عن هذا الملف، وليست الجهة التي قامت برفعه، اننا فقط نوفر معلومات لمتصفحي موقعنا حول أفضل الكتب الموجودة على الأنترنت

كتب عربية، روايات عربية، تنزيل كتب، تحميل كتب، تحميل كتب عربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى