صفحات العالم

مراقبون دوليون بعيون النظام؟!


 راجح الخوري

لماذا غادر الجنرال روبرت مود سوريا فجأة بعدما كان قد اعلن انه سيقود فريق المراقبين الدوليين الذين انتدبوا وفق القرار 2042؟ هل حرصاً على الا يتحول نسخة نروجية من الجنرال السوداني محمد احمد الدابي الذي قاد مهمة فاشلة للمراقبين العرب قبل اشهر؟

كان كوفي انان قد اعلن ان مود سيرأس البعثة، وقد وصل هذا فعلاً الى دمشق للقيام بمهمة التقويم والتباحث مع السلطة في البروتوكولات التي تنظم عمل المراقبين وطرق تشكيلهم، لكنه غادر فجأة قبل وصول طليعة البعثة امس، معلناً انه لن يعود الى سوريا، وهو ما اثار كثيراً من التساؤلات والشكوك في امكان نجاح القبعات الزرق حيث فشلت السترات البرتقالية التي ارتداها المراقبون العرب.

القراءة في الموقف السوري من مهمة المراقبين قد تساعد في فهم اسباب الانسحاب المبكر للجنرال النروجي، الذي ربما اكتشف انه يواجه مهمة مستحيلة، وان الشروط التي يتمسك بها النظام ستحوله ايضاً “شاهداً ما شافش حاجة”. ففي هذا السياق تقول دمشق “ان تحديد مدة عمل المراقبين واولويات تحركهم سيتم بالتنسيق مع الحكومة السورية لأنه لا يمكن سوريا ان تكون مسؤولة عن امن هؤلاء المراقبين إلا اذا شاركت ونسقت بكل الخطوات على الارض”. هذا قد يعني ان على المراقبين ان يراقبوا بعيون النظام وان لا يتحركوا إلا حيث يأخذهم طبعاً بعد تحضير الارض والمشاهد والشهود. وقبل كل هذا يشترط النظام ان يكون له الحق في ان يوافق او لا يوافق على جنسيات بعض المراقبين الذين يتمنى لو كانوا جميعاً من الروس والايرانيين والصينيين!

ولكن اذا كان القرار 2042 دعا المراقبين الى”إقامة اتصال وتعاون مع الاطراف المعنيين ورفع تقارير حول مراعاة الوقف التام للعنف المسلح بشتى اشكاله من جانب جميع الاطراف”، فكيف يمكنهم القيام بهذا عندما يشترط النظام ان يقوم هو بهندسة تحركاتهم على الارض بذريعة ان القرار حمّله المسؤولية عن امنهم، وهو بالنتيجة ما يثيرمخاوف المعارضة من ان تنتهي مهمتهم على طريقة الدابي اي: يا حصرماً رأيته في حلب وحماه ودرعا وحمص وادلب!

المؤلم انه بعد اسبوع على وقف النار والعنف ظل المؤشر اليومي لتساقط الضحايا يراوح بين 20 الى 25 قتيلاً والعالم يكتفي بالحديث عن خروقات يحمّل النظام المعارضة مسؤوليتها بينما تحمله المعارضة هذه المسؤولية . والمثير هو اعلان النظام: “ان نجاح عمل المراقبين مرتبط بقدرة انان على تفكيك عوامل الازمة الخارجية المتمثلة بدول واطراف تمول الارهابيين وتسلحهم وتدربهم وتشجع المعارضة على رفض الحوار”!

هذا يعني ان دمشق تريد لأنان ان يكون مجرد مبعوث لها يسعى الى اجهاض كل دعم عربي للمعارضة، وخصوصاً في دول الخليج، كما تريد للمراقبين ان يروا بعيون النظام… والحصيلة النهائية ان الازمة السورية لن تنتهي غداً وستفشل القبعات الزرق حيث فشلت السترات البرتقالية!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى