صفحات الحوار

مراقب «إخوان سوريا» رياض الشقفة : مؤتمر جنيف لن ينعقد.. وإذا انعقد فلن يصل لنتيجة

الشقفة:إنه لا يمكن مواجهة محور إيران إلا بمحور تقوده السعودية

إسطنبول: وائل عصام

وسط حي الفاتح المحافظ، ذي الأجواء العثمانية في مدينة إسطنبول، يقيم المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا رياض الشقفة، حيث التقته «الشرق الأوسط»، في مكتبه المتواضع هناك، الذي يقع على مقربة من جامع السلطان محمد الفاتح، الذي يذكّر بأمجاد خلافة عثمانية إسلامية، يرنو إليها الإخوان المسلمون، وإن اختلفت التسميات.

واستبعد المهندس الشقفة، ابن حماه التي شهدت مجزرة الإخوان المسلمين عام 1982 على أيدي قوات الرئيس الراحل حافظ الأسد، أن يعقد مؤتمر «جنيف 2» للسلام الخاص بسوريا، الذي تأجل الإعلان عن عقده مرات عدة. وأكد رفضه قبول أن يكون الرئيس الحالي بشار الأسد جزءا من مستقبل سوريا. وحذر من الدور الإيراني في المنطقة، وقال إنه لا يمكن مواجهة محور إيران إلا بمحور عربي تقوده السعودية.

ونفى وجود خلافات داخل تنظيم الإخوان في سوريا، وأكد إيمانه بالتعددية السياسية والقيم الحضارية من حقوق المرأة واحترام الآخر، وأشاد بتجربة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وقال إنه نجح، لأنه اتبع سياسة «التدرج» في معالجة الأمور.

وإلى نص الحوار:

* مؤتمر «جنيف 2» حديث الجميع الآن، ألا تعتقدون أن المطالبة برحيل بشار الأسد كشرط مسبق لم تعد ممكنة، في ظل تعنت المحور الإيراني الداعم للأسد، وتقاربه الأخير مع الإدارة الأميركية؟

– نحن لن نخضع لأي ضغط دولي في موضوع استمرار بشار الأسد تحديدا، وهو شرط مسبق لأي حوار. يمكننا محاورة المدنيين من النظام، وليس من تلطخت أيديهم بالدماء، لكن لن نقبل أن يكون الأسد ونظامه الأمني جزءا من مستقبل سوريا.

* لكن من الواضح من بيان الائتلاف السوري المعارض، الذي أنتم جزء أساسي منه، أنه لم يعد يركز في أولوياته على رحيل الأسد كشرط مسبق، واستبدل به ثلاث أولويات هي فتح ممرات إنسانية، وإطلاق سراح المعتقلين، وثالثا، تشكيل «حكومة انتقالية» قد تفضي إلى انتخابات يترشح فيها الأسد مرة أخرى عام 2014.

– هذا مرفوض. لا انتخابات بمشاركة الأسد، والبديل سيكون استمرار الثورة. فحتى لو وافق الائتلاف، فإن الشعب السوري سيرفض هذا الاتفاق. نحن لن ننفرد بأي اتفاق، ولا يجوز للائتلاف بأن ينفرد باتفاق بعيدا عن المجموعات المسلحة والثوار.

* لكن ألا تعتقد أنكم في الثورة السورية لا تملكون الأوراق الكافية لإجبار النظام على التنازل في «جنيف 2» مع التقدم العسكري اللافت للنظام على الأرض، وفشل الغرب والولايات المتحدة في ممارسة أي ضغط حقيقي عليه؟

– المجتمع الدولي يبحث عن بديل يرضى عنه. الغرب يخاف من البديل الإسلامي، ولا يريد الإسلاميين، وهذا ما يؤخر دعم الثورة السورية. وهو ما سيمنع أيضا الوصول لتسوية سياسية في «جنيف2». وأقول لك بصراحة: أنا لا أعتقد أن مؤتمر «جنيف 2» سينعقد، وإذا انعقد فلن يصل لنتيجة.

* ما هو في رأيك سبب تأخر انتصار الثورة السورية؟ وهل تعتقد أن الحلف العربي غير قادر حتى الآن على مواجهة إيران وحلفها؟

– موقف إيران عدائي وطائفي. المشروع الشيعي- الإيراني بحاجة إلى مشروع سني مقابل، والسعودية مؤهلة لقيادة المشروع السني.

لم نكن نتمنى أن تصل الأمور إلى هذا التصنيف. بالأصل نحن ضد الطائفية، لكنهم هم من بدأوا في ذلك، ووقفوا في مواجهة كل الشعوب العربية المطالبة بحريتها في الربيع العربي. الحلف العربي المواجه لإيران يملك إمكانات كبيرة، لكنه بحاجة إلى مزيد من التنسيق والترابط للوقوف أمام المشروع الإيراني. ولا أقول إن المشروع السني يجب أن يكون إخوانيا؛ السنّة يجب أن يتكاتفوا بغض النظر عن خلافاتهم ليواجهوا هذا التحدي التاريخي.

* ولكنكم تدعمون مشروع الإخوان المسلمين فقط.. في مصر مثلا؟

– ليس فقط لأنهم «إخوان». موقفنا في مصر هو أننا ضد الانقلاب على الديمقراطية، لأن الاستبداد هو طريق الفشل وتخلف الأمة. الديمقراطية هي سبب النهوض. تجربة أوروبا أثبتت ذلك؛ تقاتلوا لسنوات، وذهب ضحية ذلك مئات الآلاف، واتفقوا في النهاية على أنه ليس لهم مخرج إلا بالديمقراطية. وهكذا لم تتقدم أوروبا إلا بالديمقراطية.

* في مصر يقول خصوم «الإخوان» إن الديمقراطية ليست فقط انتخابات؟

– وهي ليست انقلابات أيضا. الديمقراطية هي حكم الأغلبية فقط، أما موضوع القيم الديمقراطية، فقد اخترعها من خسر الانتخابات لتخويفنا من الديمقراطية، العلمانيون المعادون للإسلاميين، لأن لكل مجتمع قيمه الخاصة. حكم «الإخوان» في مصر لعام واحد لا يكفي للحكم عليهم بعد 40 عاما من الفساد والاستبداد. يجب أن يعطوا فرصة ليُجدد لهم أو ليُرفضوا. و(الرئيس المصري المخلوع محمد) مرسي لم يفشل، ولكنه لم يُعطَ الفرصة. أصلا الأجهزة الأمنية وأجهزة الدولة لم تكن موالية لمرسي، لذلك فإن أخونة الدولة لم تكن واقعا، بالعكس هم متهمون الآن بعسكرة الدولة.

* لكن أيضا بعض التجارب الإسلامية في الحكم لم تكن مشجعة..

– نحن نؤمن بالتعددية السياسية والقيم الحضارية، من حقوق المرأة واحترام الآخر. ولكن الدول الغربية تقدس الديمقراطية لشعوبها فقط، وتدعم الديكتاتوريات في البلدان العربية والإسلامية.

* ماذا عن العلمانية؟ هل عندكم مشكلة معها؟

– نحن مع إرادة الشعب. إذا اختار الشعب العلمانية، فالمؤكد أننا لن نعمل انقلابا! الديمقراطية هي الحل الوحيد.

* لكنكم تعرفون أن كثيرا من التيارات الإسلامية السلفية لا تؤمن بالديمقراطية بل وتعتبرها كفرا؟

– بعض المتطرفين من الإسلاميين يكفروننا، بسبب تأييدنا للديمقراطية. نحن مع الديمقراطية، وأنا أقول دائما إننا أصحاب فكر ودعوة، إذا أحسنا عرض أفكارنا، فسيختارها الناس. أنا تناقشت مع بعض الرافضين للديمقراطية، هم يريدون فرض الشريعة بالقوة، ونحن نريدها بالدعوة.. نحن مختلفون بالوسائل.

لو كنا سنصوغ دستورا، فسأختار أن يتضمن الشريعة. لكن لو كان معظم الشعب السوري لا يريد تطبيق الشريعة هل نفرضها بالقوة، أم بالدعوة؟ نحن بحاجة لدراسة متأنية للإسلام، من يريد العمل بالسياسة فعليه التمعن بالنصوص والسيرة النبوية. أنا أعتبر الرسول أكبر سياسي بالتاريخ. أنا أدعو لمراجعات في فهم الشريعة والإسلام بوعي.

* هل تصل هذه المراجعات لنموذج إسلامي حديث، كنموذج رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي يطبق العلمانية والاقتصاد الرأسمالي؟

– أردوغان نجح بسبب الفهم الحقيقي لوضع تركيا. هو يفهم التركيبة التركية جيدا. التدرج في معالجة الأمور هي سياسة أردوغان؛ كانت إحدى المشكلات مثلا قضية الحجاب، والآن نجح في إدخال المحجبات للبرلمان. ونحن في سوريا سنتعامل حسب الواقع، فالفقه هو تطبيق النصوص على الواقع، لذلك سنرى الواقع في سوريا ونطبق. نحن لن نفرض الحجاب مثلا على النساء، نحن مع الحريات الشخصية. نحن نريد الحرية لشعبنا.. نحن مع قرار الأكثرية.

* لكن لا تزال كثير من الدول تتخوف من أجندتكم الخفية. ما زال يُنظر إليكم كجزء من مشروع كبير يهدف للسيطرة على السلطة، وبعض الدول في الخليج تنظر لكم بشكل سلبي.

– أولا، نحن لا نتدخل في شؤون الدول الداخلية، نتمنى من دول الخليج أن تعي خطورة المشروع الإيراني، وأن تتفهم مدى ضرورة نبذ الخلافات والعمل على توحيد أهل السنّة في مشروع وحلف قوي ضد المشروع الطائفي الإيراني. والسعودية خصوصا بإمكاناتها ومكانتها الدينية مؤهلة لقيادة هذا المشروع السني المواجه لإيران.

* بخصوص موقفكم الدولي من قضية فلسطين، هل تؤمنون بالسلام مع إسرائيل وبالتسوية السلمية؟

– إسرائيل دولة معتدية، ومن حقنا أن نسترد أراضينا السورية المحتلة. أما الفلسطينيون فهم يديرون صراعهم حسب مصلحة الشعب الفلسطيني. وأما بخصوص الحل السلمي مع إسرائيل فهذا يقرره البرلمان السوري المنتخب، الذي يمثل الشعب السوري، وليس نحن.

* ننتقل للحديث عن وضع تنظيمكم في الداخل، لاحظت خلال وجودي في حلب أن وجود الإخوان ضعيف. لديكم حضور ضمن النخب، لكن نفوذكم محدود شعبيا، لماذا؟

– غيابنا عن الساحة منذ عام 1980 أثر كثيرا علينا. كل أعضائنا كانوا محكومين بالمادة 49 (الإعدام لمن ينتمي للإخوان) وهذا أحد الأسباب التي أدت لهجرة «الإخوان». لذلك أوقفنا التنظيم خلال تلك الفترة.

وحافظ الأسد ترك جمعيات إسلامية تعمل مثل جمعية كفتارو وصالح فرفور. وترك لها هامشا من الحرية ليقول إنه ضد «الإخوان»، وليس ضد الإسلام. ولكن بشار وجد أن هذه الجمعيات أصبح انتشارها كبيرا، فاعتقل ابن الشيخ صالح فرفور، واعتقل ابن كفتارو. واتضح أن الأسد ضد الإسلام وليس ضد الإخوان. مع أن هذه الجمعيات لا تعمل بالسياسة.

* وماذا عن حضوركم ضمن الفصائل المسلحة؟ قيل إن لديكم علاقات بلواء التوحيد، وإن كتائب الدروع تابعة لكم؟

– لواء التوحيد تربطنا به علاقة طيبة، ولكننا لم نقدم له دعما. فكرهم معتدل وصقور الشام أيضا. أما «الدروع»، فليسوا إخوانا، لكنهم قريبون منا ومن فكرنا. قدمنا لهم دعما محدودا ومتواضعا، لأننا لا نتلقى الدعم من الخارج أو من الدول الداعمة. كل دعمنا هو من كوادرنا الداخلية، لذلك هو دعم متواضع قياسا بالدعم الذي تقدمه بعض الدول.

نعترف بضعف دورنا في العمل العسكري، وذلك لضعف الدعم الذي نتلقاه كإخوان مسلمين. لا توجد دول تدعمنا أبدا.

وبالنسبة للفصائل المسلحة، فعلاقتنا بمعظمها طيبة، وإذا استثنينا «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، فإنه يمكن التحاور مع أغلب الفصائل. وبالفعل التقينا وتحاورنا مع كثيرين، مثل «صقور الشام والتوحيد» وحتى «أحرار الشام» التقينا مع قيادتهم قبل فترة، وتناقشنا، وكان حوارا إيجابيا. اتفقنا، في معظم الأمور لكن هناك خلافات في نقاط أخرى.

* نسمع عن خلافات داخل تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا، عن صراع بين جناح حلب يقوده نائب مراقب «الإخوان» علي صدر الدين البيانوني، وجناح آخر يقوده رياض الشقفة ابن حماه؟

– غير صحيح. العلاقة مع البيانوني جيدة جدا. نحن قيادة واحدة، ولا توجد مناطقية في تنظيمنا أو صراع بين حلب وحماه. بالعكس، قد يكون الخلاف أحيانا في وجهات النظر داخل الحمويين أنفسهم. قد توجد اختلافات في وجهات النظر، ولكننا نتخذ القرارات بالأكثرية. نحن ديمقراطيون داخليا أيضا. والقيادة موحدة ومتفاهمة. ما المشكلة إذا كان هناك جناحان لكن برأس واحد؟! الجناحان يساعدان على الطيران.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى