إيلي عبدوصفحات المستقبل

مرحلة جديدة من “يوتيوب” السوري/ إيلي عبدو

يضيف السوريون مع إنعقاد مؤتمر “جنيف 2” فصلاً جديداً إلى ذاكرتهم اليوتيوبية التي تراكمت مع بدء الثورة. فالمؤتمر الذي شغل شاشات الإعلام أمس، حمل أيضاً تسريبات فيديو امتلأ بها موقع “يوتيوب”. وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، الذي ظهر في الصورة الرسمية مع وفد بلاده، كان وضعه مختلفاً في أحد أشرطة الفيديو المسربة. إذ بدا مرتبكاً خائفاً يحاول الهرب من اسئلة محرجة انهمر بها عليه أحد الصحافيين المعارضين.

 استغل رامي الجراح مراسل “مؤسسة أنا للإعلام الجديد” مرور الزعبي في أحد الأروقة ليمطره بأسئلة من نوع، من يقصف حلب بالبراميل المتفجرة؟ انتم تحاربون “داعش”؟ لماذا لا تقصفون مقراتها في الرقة؟. الشريط الذي حمل عنوان “هروب وزير الإعلام السوري من جواب صادق” كشف عن وجه آخر لوزير إعلام النظام الذي إعتاد الجلوس مرتاحاً لتلقي أسئلة معدة مسبقة متبجحاً بالإجابة عليها. للمرة الأولى تخرج الاسئلة عن السياق الرسمي لتلعب دورها في استنطاق النظام واحراجه خارج ملعبه.

لكن اللعبة لم تجر بالسلاسة نفسها مع صحافي معارض آخر، حاول استصراح مناصري النظام الذين تظاهروا في سويسرا دعماً للأسد. سأل الصحافي واحدة من مؤيدي النظام: هل الدروع البشرية التي تقولون أن المعارضة تستخدمها يجب أن تُقصف؟  فتجيب: نحن نطلب من رئيسنا أن يقصف كل تجمّع للإرهابيين، لأن كل ارهابي عاقبته الموت! وبعد أن تنهي كلامها بأن سوريا لن تتمكنوا من تدميرها، يتم الاعتداء على الصحافي على وقع هتافات صاخبة مؤيدة للنظام. ليفقد مصور الشريط الذي حمل عنوان “اعتداء مؤيدين للأسد في سويسرا على صحافي سوري” القدرة على متابعة التصوير. إلى جانب هذين الشريطين، ظهر شريط ثالث يظهر عراك بالأيدي بين مؤيدي النظام السوري ومعارضيه قرب القصر الذي عقد فيه المؤتمر.

إذا، لقد دخل “اليوتيوب” السوري طوراً جديداً عبر تسريبات فيديو تلحظ كواليس مؤتمر “جنيف 2” وتلتقط الهوامش التي لا مكان لها في الشاشة الرسمية. هنا زمن بصري مختلف، يتتبع المسار السياسي للثورة ويحفر في حيثياته. ربما يفيد هذا الزمن في التخفيف من الحمل “اليوتيوبي” الثقيل الذي تراكم مع بدء الثورة. مشاهد التعذيب التي تتدافع عند كتابتنا عبارة “مسرب – سوري” لا يمكن إزالتها من أذهان السوريين، لكن يمكن التخفيف منها بمشاهد أخرى تخرج هذه المرة من خفايا السياسة وليس من المعتقلات.

وعليه فإن مراحل أربع وسمت “اليوتيوب” السوري منذ عسكرة الثورة إثر بشط النظام بالسلميين، أي بعد الفيديوات الأولى عن تظاهرات طيارة في درعا أو دمشق أو حتى التظاهرة السلمية الأشهر في حمص وأغاني عبدالباسط الساروت (وكانت تلك الشرائط أيامها مليئة بإثارة التغيير والحراك السوري الوليد). تبدأ من أشرطة التعذيب المروعة، ثم العمليات العسكرية للجيش السوري الحر، مروراً بإنتهاكات “داعش” و جرائمها، لتأتي الآن مشاهد كواليس “جنيف 2”. ويبقى السؤال: هل يحظى السوريون بحقبة يوتيوبية خامسة ترصد السلم في بلادهم، من دون الاستبدادين، الأسدي والداعشي؟

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى