صفحات المستقبل

مستبدّو الرقّة الجدد

محمد عبد العزيز

“لم يدفع أبناء وطني دماً، لتنتهك كرامتنا مجدداً”…

قامت “نغم” برفع هذه الكلمات في اعتصام نظمته جميع أطياف المجتمع المدني في مدينة الرقة، رداً على عملية “إختطاف” نغم واختها نور من قبل مجموعة من المسلحين المقنعين، وتحويلهما إلى الهيئة الشرعية بالرقة.

تعود ملابسات القضية إلى الساعة الثامنة والنصف مساءاً من يوم الأحد الماضي، حيث قامت مجموعة من المسلحين باقتحام منزل الأستاذ حسن الرفيّع أثناء غيابه عن المنزل، وبعد تفتيش المنزل بطريقة وصفتها نغم بالمتخلفة، قاموا باقتياد نغم  (19 عاماً طالبة هندسة مدنية)” , ونور (18 عاماً)، وابن عمتهم عهد إلى السيارة ثم إلى الهيئة الشرعية.

“كانوا مقنعين، طالبتهم بعصبية أن لا يعبثوا بترتيب المنزل فأخرسوني. سألناهم عن مذكرة تفتيش واعتقال فقالوا إنها في السيارة وتبين بعدها عدم وجودها. أخذوا من المنزل كل الأوراق واللافتات الموجودة وبحثوا مطولاً عن كمبيوتر محمول كان أبي قد أخذه”.

 تكمل نغم : “وفي السيارة قام أحد العناصر بسؤال آخر عن سبب الإعتقال ليكتبه قبل الوصول إلى الهيئة فقال له “أكتب دعارة”. عهد ابن عمتي، وفي أغلب الأوقات يبقى معنا في البيت بسبب إنشغال أبي الدائم، استغرب أين المشكلة في ذلك !! عقول مريضة “.

 ومن جهتها نور، والتي كانت عندما التقيتهم لا تزال غير مدركة لما حدث، أكدت على أن الموضوع عبارة عن رسالة أرادوا توجيهها من خلالنا للجميع: “طالبنا أحدهم بوضع الحجاب قبل الخروج من المنزل، فرفضنا ذلك لأننا سافرات أساساً ولست مستعدة لعمل أي شيء لمجاملة أحد. كنّا نخرج في المظاهرات بدون حجاب، وسنتظاهر الآن على كل أشكال التعدي ومحاولة فرض السيطرة علينا. فالالتزام بأي شيء كالدين لا يأتي بالإكراه”.

 في المحكمة الشرعية، وفي تلك الساعة لم يكن هنالك من أعضاء. فقام المحقق بالاتصال بأحدهم  لما تمثله هذه القضية من حساسية في مجتمع عشائري تمثل الأنثى فيه “خطاً أحمر” لا يجوز تجاوزه. جاء أحدهم وبعد فترة قصيرة وجد أن استمرار وجود الفتاتين سيسبب إشكالية كبيرة فقام بإخلاء سبيلهما “لعدم وجود أدلة” ،واشترط وجود “محرم” ليوصلهما إلى المنزل، وبعدها بساعات جاء العم وتم خروجهم من مقر الهيئة.

 الأستاذ حسن والد نغم عضو في “إئتلاف ابناء الرقة”، وفي الأسابيع الماضية يصرف أغلب وقته لإصدار مجلة محلية تهتم بالشأن السياسي والمدني في الرقة، أصر في اليوم التالي لاختطاف بناته على عدم السكوت والخروج باعتصام ولو وحيداً: “قامت الهيئة الشرعية بإخلاء سبيلهم في الساعة الثانية والنصف ليلاً. وبين قضية الدعارة التي اختلقوها، وبحثهم المطول عن كمبيوتري، والرقابة التي أحيط بها منزلنا في الأيام الماضية والتي لم أكن أعير لها انتباهاً، القضية أصبحت واضحة جداً: يريدون الضغط علينا وكم أفواهنا لنتوقف عن نشاطاتنا السياسية وهدفنا بالدولة المدنية”.

 لا زال حسن متفائلاً بالتغيير بالرغم من كل التجاوزات، وكما أكد فإن ما يحدث “طبيعي وإن كان  من المستحيل قبوله والرضوخ  له، فترة ما بعد التحرير ستكون قاسية وسيصلحها إلتزامنا بأهدافنا ولجوئنا الدائم إلى الشارع  للرد على كل تجاوز”.

نغم تشارك والدها تفاؤله، في حين تشعر نور بضبابية المستقبل:

“خلال السنة والنصف الماضية أصبت بالكثير من خيبات الأمل. أنا غير قادرة على المراهنة على أي شيء “

الجدير بالذكر ان العاملين في الهيئة الشرعية وبعد الإعتصام مباشرةً  اصدروا بياناً أوقفوا فيه عمل الهيئة الشرعية في الرقة حتى يوم الخميس لأسباب لم يذكروها…

 الوضع إلى الآن غير مستقر في أولى المدن المحررة. المسلحون وخصوصا من الجماعات المتطرفة  مسيطرون على جميع مرافق الحياة في المدينة، وبدأ بعضهم فعلياً ببيع الآليات التابعة  لشركات الدولة  معتبرينها  “غنائم”، في حين يسعى الشارع  بتظاهراته واعتصاماته  شبه اليومية  لوقف تجاوزات المسلحين وتعرية المال السياسي.

 ذاك الذي يجمعون على أنه السبب في كل المشاكل التي حصلت وتحصل .

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى