صفحات سورية

مشاكل لنظام السوري ..مابين توجيهات الرئيس وحلول جاري الطيب السيد عبد اللطيف

 


جمال الهنداوي

لا ادري ما الذي جعلني اتذكر جاري الطيب السيد عبد اللطيف وانا اتابع كلمة الرئيس السوري بشار الاسد خلال الاجتماع الاول للحكومة السورية الجديدة..

فالرجل المسكين –جاري وليس الرئيس-كان يعاني ولسنوات بعدد ايامه من ضعف مزمن في البصر اقرب الى العمى مع صمم لم يكن معه جهاز تقوية السمع الا كقرط او حلية تزين اذنيه اضافة لتأتأة وتلعثم في الكلام تجعله يكاد لا يفقه قولا..وكل هذا البلاء المفرط يجتمع مع الفشل المستدام في مهمته الكبرى وسعيه المحموم لمقابلة احد السادة المسؤولين الكبار في الدولة لكي يجدوا له حلا كما كان يقول..وهذا الوضع المأساوي مع الحاحه الشديد في طرح مسألته العضال مع عدم فهمنا للكثير مما كان يقول اد ى الى طرح اقتراح مقدم من قبل احد الظرفاء بقطع رأسه والاتيان برأس جديد سليم كحل وحيد ومضمون يخلصه ويخلصنا من معاناته..

ورغم ان هذا الحل قد عد طرحه قاسيا وخارج حدود اللياقة ..وان كان قداستجلب بعض الابتسامات المكتومة وقتها..فاني اراه ملائما جدا لحل مشكلة النظام السوري المزمنة مع شعبه ومواطنيه ولكن بدون ادنى رغبة في الابتسام..

حسنا فعل الرئيس السوري بشار الاسد باتخاذه وضعا جديا اثناء كلمته “التوجيهية” امام مجلس الوزراء الجديد الذي سيتولى مهمة الاصلاح المنتظر المزمع البدء بها من قبل النظام بالسرعة الممكنة الخالية من التسرع..حسنا فعل الرئيس بجديته..فالموقف في الشام لا يحتمل الهزل ولا توزيع الابتسامات ذات اليمين وذات الشمال….وحساسية الاوضاع على الارض تحتاج الى بعض الرصانة التي افتقدت في خطابه السابق امام مجلس الشعب..رصانة قد تدل على رغبة الرئيس في الظهور بمظهر المصلح الكبير..او قد يكون سببها التهاب القصبات شفاه الله منه ومن تبعاته..ولكنها للاسف لم تستطع ان تخفي المأزق الذي وجدت فيه الحكومة الجديدة نفسها وهي في موقع المطالب بتصحيح مسار اربعة عقود من الانحراف القصدي والتنكب المتعمد عن الطريق الذي من المفترض ان يحقق للشعب السوري الكريم عزته ورخائه وتمكينه من التمتع بثرواته ومقدراته ويضعه في المكانة الطيبة التي يستحقها استنادا وملائمة لتاريخه المجيد وصبره ودوره الوطني والقومي وتمسكه بوحدته وقضايا بلاده وثوابتها..

استعراض ممل اقرب الى الاعتراف المتأخر بما يعرفه الجميع لسلسلة متطاولة من الاخفاقات المتقادمة والمسكوت عنها لسنوات كان ما تمخض عن كلمة الرئيس..اخفاقات ومشاكل وفشل وفساد لا يكفي ترديدها على مسامع الوزراء قد لا يمكن ان يكون حلا..كما ان التبشير باستبدال قانون الطوارئ القائم في سوريا منذ أكثر من 40 عاماً بآخر مرشح لاربعين عجاف اخر لن يكون حلا بالتأكيد..

كما انه لا يكفي تكرم الرئيس باعتبار ان من روى بدمائه الزكية شوارع مدن الشام الطيبة خلال المواجهات الاخيرة”شهداء” لكي ينسى الشعب الجريح الدعوة للاقتصاص ممن نكلوا بهم احياءً او عندما اصبحوا عند ربهم يرزرقون من خلال التمثيل الوحشي البدائي باجسادهم الطاهرة..كما انه لن يكون من الحكمة الاستمرار في سياسة الايحاء بالمطالب الخدمية او الادارية التي يتبناها الحراك الشعبي والتغافل عن الدعوات الهادرة للمزيد من الحريات والتغيير السياسي..

ولن يكون حلا ايضا الاعتراف بالفجوة الكبيرة بين مؤسسات الدولة والمواطن السوري، والثقة المتزعزعة بين كلا الطرفين, مادام الحكم مستمرا في تعاطيه مع الاحتجاجات الشعبية على انها نوع من “المؤامرة” التي تتطلب المزيد من الحزم من قبل الجهات الامنية..

كما انه من غير اطلاق الحريات..والاستماع الى نبض الشارع الثائر..واعلاء سلطة القانون وقيم التعددية وحقوق الانسان..ومن غير البدء بمشروع حوار وطني حقيقي يهدف الى ضمان الانتقال بالبلاد الى مرحلة جديدة معبرة عن تطلعات الشعب السوري النبيل وحقه في التعبير عن خياراته السياسية الحرة عن طريق صناديق الاقتراع ..فان عملية تغيير الحكومة واستبدال وجوه باخرى لن تكون مبررة على الاطلاق..ام لم تكن مجرد هدر للمال العام وللجهد السياسي والاداري في سوريا..

كما انه من غير الاعتراف بعقم المقاربة الامنية للاحداث ..ومحاسبة المسؤولين عن العنف المجرم الذي طال ارواح ودماء ومقدرات وكرامة الشعب السوري الصابر المجاهد..فلن يكون امام النظام حلا غير الذي اقترحه صاحبنا الظريف على السيد عبد اللطيف..او اللجوء الى الخيار الاخر الذي اتخذه جاري الطيب بالانتقال الى مقابلة وجه كريم قد لا يكون الرئيس الوريث في موقع يساعده على الابتسام في يوم حسابه الموعود..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى