صفحات سورية

مشروع الدستور الجديد لا يلبي طموحات السوريين


المحامي ميشال شماس : كلنا شركاء

بعد إطلاعي على مسودة  مشروع الدستور السوري الجديد الذي أعدته السلطة دون أخذ رأي أياً من أطراف المعارضة السورية وجدت أنه لا يختلف عن الدستور الحالي كثيراً. حيث حافظ مشروع الدستور على التمييز بين السوريين على أساس ديني ، فالمادة الثالثة منه حرمت المسيحيين من الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية،كما حرمت المسلمين من حق اختيار رئيس غير مسلم.

 كما حافظ المشروع الجديد على الصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية بدءاً من رسم السياسة العامة وتعيين رئيس الوزراء ونوابه  والوزراء ونوابهم  وإقالتهم  وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين وإنهاء خدماتهم وهو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة وهو الذي يعتمد رؤساء البعثات الدبلوماسية لدى الدول الأجنبية وهو الذي يقوم بعملية التشريع خارج إطار مجلس الشعب، وهو الذي يرأس السلطة القضائية ويضمن استقلالها، وهو الذي يعين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية.

وهو الذي يحل مجلس الشعب ..الخ . فأي معنى للتعددية السياسية التي ينص عليها المشروع إذا لم يكن بمقدور مجلس الشعب من تعيين رئيس الوزارة والوزراء وفق مبدأ الأغلبية والأقلية ..؟

ولم يوضح المشروع كيف ستتم معالجة القوانين والمراسيم المخالفة له وهي كثيرة جداً . وغاب عن مشروع الدستور “مبدأ المشاركة ” وهو مبدأ هام وأصيل في الممارسة الديمقراطية يتيح الفرصة للشعب في رسم مستقبله،وحل محله تعبير ” المساهمة “.

  هناك ملاحظات كثيرة على مشروع الدستور المقترح للاستفتاء ، إلا أن الأمر الأساسي هو أن هذا المشروع  مازال بعيد كل البعد عن الدستور المطلوب الذي يلبي تطلعات وطموحات الشعب السوري،  لأن السلطة الحالية  مازالت تفكر بنفس العقلية  التي كانت تدير فيها “إدارة الدولة” قبل انتفاضة الشعب السوري ، فما زالت السلطة هي نفسها من  يقرر حجم وطريقة الإصلاحات المطلوبة والممسوحة.

  والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو كيف سيتم الاستفتاء على هذا المشروع في ظل فقدان الثقة بين الشعب والسلطة التي ستشرف على هذا الاستفتاء، وفي ظل تواصل الاحتجاجات الشعبية ضد السلطة نفسها؟، وهل يمكن أن يتم هذا الاستفتاء في ظل استمرار الاعتقالات وعمليات القتل والقمع واستمرار العنف.؟

  إن المطلوب الآن وقبل إي حديث عن الدستور أو أي شيء  أخر هو وقف القتل والعنف وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ووقف الاعتقال السياسي لتهيئة المناخ أمام إطلاق حوار بين جميع السوريين يفضي إلى مرحلة انتقالية تشرف على عملية انتقال البلاد من حالة الاستبداد إلى الحالة المدنية الديمقراطية التعددية التي يتساوى فيها جميع السوريات والسوريات في المشاركة ببناء مستقبلهم بصرف النظر عن أي انتماء سياسي أو ديني أو عرقي .

   إن مستقبل سورية وشعبها يجب أن يقرره جميع السوريات والسوريين، فلم يعد مقبولا ولا مسموحاً لأي أحد أن يفرض إصلاحاً هنا وتغييراً هناك على هذا الطرف أو ذاك من الشعب السوري. ومن هذا المنطلق فإنني أرفض المشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى