بمثابة تحية إلى نساء سوريةصفحات مميزة

مضرَّجٌ بالرّغيفْ: كارمن آلوش

كارمن آلوش553520_10151302196757656_1379824835_n

______________
كان يا ما كان
كان أبو حسن الفرّان
و كانت عيوننا …
تراقبه بلهفة
تنتظره
ينتفخ … يحمر… لون الذهب
يرميه أمامنا…
تغمرنا الرائحة …
تملأعيوننا الصغيرة… وأنوفنا
بيد نحمل الخبز..
وبالأخرى نأكل كمالة الوزن..
الشدّوق..
هدية أبو حسن..
زوادة الطريق..
……….
كان يا ما كان…
مدَّت أم حسن يدها إلى كيس الخبز
تحسَّسَتْ النايلون أصابعها..
تحت الرَّغيف الأخير..
تحسَّسَت أصابع صغيرة.. يدها الأُخرى
إنها رجاء… صغيرتها…
قطعت الرّغيف..
فتحت قطرميز المربَّى..
مرَّرتها على القطع الأربعة…
يدها الأخرى
مررتها على شعر رجاء
وصفاء وفادي وجميل…
سيرجع بعد قليل..
أخبرتهم ..
أمْ سألتهم..
أمْ كانت تصلّي….
رح يجيب الخبز ويرجع
……….
كان يا ما كان
أبو حسن… فرّان …. يخبزُ الموت…
قلبهُ ينبض..
عيناه باردتان…
رموشهُ لا ترفْ…
شفاههُ لا تتحرَّك…
عروقه جافة…
يعجنُ كل يوم…
يخبزُ كل يوم…
رغيفه… بارد…
طعمهُ … موت..
لونهُ .. موت..
………….
كان يا ما كان…
أبو رجاء و دعاء وفادي وجميل
وابتسام وجابر والياس وعبد الله
وموسى وعيسىٰ وابراهيم ومحمد
وحسَنََْ
كان يشم رائحة الرَّغيف الساخن..
ومات..
مات.. مضرَّجاً برغيفه…
مات ..مضرَّجاً برائحة الخبز الساخن…
مكفَّناً … بأيدي أولاده الممدودة…
عيونهم …
تفيض.. دهشةً..
فرحاً .. و شوقاً..
تتأمل رغيف الخبز…ينتفخُ
يتحوّل ذهباً…
……………
كان يا ما كان …
مضرَّجٌ برغيف أولاده..
كان الرّغيف يتلوَّن …
ذهباً
بلون سهول قمح بلادي..
أسمراً
بلون أيادي امتهنت الشّقاء
أسوداً…
بلون أحياء الكادحين…
أبيضاً …
بلون الحرية…
مضرَّجاً…
لون أبي…..
………………………………………………………..

كارمن آلوش
28/12/2012

اللوحة للفنانة سلافة حجازي، وهي تشارك بلوحاتها في محور: بمثابة تحية إلى نساء سورية.

خاص -صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى