صفحات الناس

معارك القلمون: دير عطيه تستغيث/ عمر حرقوص

سقطت بلدة قارة القلمونية بيد الجيش السوري، فرد الجيش الحر بمجموعاته المتفرقة بإحتلال بلدة دير عطية القريبة جداً.. قصف الجيش السوري و”حزب الله“ قارة بشكل متواصل مستعملاً صواريخ أرض ـ أرض والبراميل المتفجرة ومعها القصف المدفعي لاحتلالها، وفي النهاية نجح في إخراج المقاتلين منها، بعدما طلب من تبقى من الأهالي الذين أدركوا أن بلدتهم ساقطة لا محالة خروج ”الحر“ منها. القصف العنيف من قبل الجيش السوري طال المنازل والمؤسسات وكذلك المراكز الدينية الإسلامية والمسيحية وتحديداً ”تربة المسيح دير مار يعقوب“ وهي معلم أثري تاريخي قديم جداً في سوريا.

هذا الخروج من قارة أثبت فشل المعارضة السورية في القلمون في الحفاظ على مناطقها من خلال المواجهات الكلاسيكية، فهي لا تملك السلاح الحديث أو الثقيل لتواجه قدرات تحالف الجيش السوري و”حزب الله“، وهي لا تملك أيضاً إدارة عسكرية للمعارك، حيث تقاتل كل مجموعة حسب خبرتها (المتواضعة)، وهو الأمر المفقود لديها هناك. خرجت المعارضة من بلدة قارة رغم أهميتها كموقع استراتيجي في وسط البلاد، يؤدي إلى فتح طرق مع مناطق عديدة في سوريا.

وخلال محاولة ”الثوار“ الالتفاف على العمليات العسكرية للجيش السوري و”حزب الله“ اشتبكوا معهم في بلدات النبك (المقسومة بين النظام والمعارضة)، ودير عطية (في يد النظام كاملة)، حيث سقط العشرات من الطرفين في عمليات كر وفر أدت في النهاية إلى سقوط أجزاء جديدة من النبك بيد ”الحر“ وكذلك سقوط دير عطية بعد دخول المجموعات إليها ما عدا تلة المستشفى التي بقيت بيد ”فرع المخابرات الجوية“.

محاولات الجيش السوري إعادة قواته إلى دير عطية باءت بالفشل، فالطريق المؤدية إلى دمشق والتي كان يستعملها لدعم مناطق سيطرته قطعت، فإشعال أي معركة في القلمون سيؤدي بالتأكيد إلى نقض الاتفاق العشائري الذي حمى هذه الطريق من عمليات المعارضة خلال عامين، ما أدى إلى سباق مع الوقت بين المتحاربين لقطع الطرق على بعضهم البعض، من قارة إلى النبك وصولاً إلى يبرود.

الجيش السوري وبعدما عجز عن صد هجمات ”الحر“ وإعادة السيطرة على المنطقة، بدأ بتنفيذ غارات بالطيران من مزارع الصالحية الى منطقة ريما الى النبك مدمراً المباني المحاذية للاوتوستراد الدولي، حيث أفاد عدد من الاعلاميين أن أحياء النبك الواقعة تحت سيطرة ”الحر“ دمرت بالكامل، في محاولة من الجيش السوري لدخولها وقطع طريق الدعم عن مقاتلي ”الحر“ في دير عطية.

بلدة دير عطية المعروفة بهدوئها تعيش أسوأ أيامها، أهاليها وجهوا نداءات استغاثة بسبب حاجتهم لطبيب جراح وطبيب عظم لمعالجة المصابين المدنيين من جراء القصف العنيف. الوضع الانساني فيها صعب جداً فلا مستشفيات ميدانية ولا حتى ملاجئ للحماية، كما أن القصف والقنص لا يسمح بوصول الجرحى إلى المستشفى الوطني. استمرار القصف عليها أدى إلى دمار كبير في أحيائها ومراكزها الدينية الإسلامية والمسيحية، فيما أخرجت المعارضة طلاب ”جامعة القلمون“ إلى يبرود ومنها تفرقوا إلى بلداتهم المجاورة..

من جهة أخرى، بعدما قام الإعلام الموالي لـ ”حزب الله“ والنظام السوري بالحديث عن مجازر يرتكبها ”الحر“ بأهالي دير عطية (المسيحيين)، أصدرت مجموعات الجيش الحر في البلدة بيانا قالت فيه: ”إلى إخوتنا وأهلنا المسيحيين في دير عطية، نحن نعلم مدى الخوف والرعب الذي زرعه النظام اﻷسدي في قلوبكم اتجاهنا ونقدر خوفكم ولكن نتعهد أمام الله وأمامكم.. أمام ضمائرنا وأخلاقنا وديننا.. أمام أهل دير عطية والقلمون أنكم إخواننا في الله وأننا سنبذل الغالي والرخيص لحمايتكم وحماية المسلمين من إجرام نظام اﻷسد (..) ومستعدون لتأمين جميع ما يلزمكم من دواء أو طعام أو مأمن لكم ولأولادكم والله على ما نقول شهيد“…

أما مدينة النبك، فهي لا تختلف كثيراً عن دير عطية، إذ أن القصف على أشده للمباني المحاذية للأوتوستراد الدولي ولجنوب المدينة وللجنوب الغربي لها ولحي الفتاح ولمنطقة السقي.. ويترافق ذلك مع اشتباكات مستمرة. حيث يشارك في القصف اللواء 18 وتلة الموت في النبك والقطعة الـ 23 دفاع جوي التي تم استهدافها مرات عديدة بالهاونات والصواريخ بسبب قصفها للمدنيين..

أما الاوتوستراد الدولي (دمشق – حمص) فقد قطعه ”الحر“ حيث واجه رتلاً من الدبابات والآليات العسكرية المتوجهة إلى النبك ودير عطية.

عدد من المقاتلين وقادة المجموعات في القلمون تحدثوا عن طائرات استطلاع تراقب المنطقة، متهمين ”حزب الله“ بوضع كل ترسانته العسكرية الحديثة لمساعدة الجيش السوري، فيما أشار بعضهم إلى دخول عناصر للحزب إلى جرود القلمون وزرعهم أجهزة إرسال تكشف الأماكن التي كان يعتبرها ”الحر“ سرية وتمنع دخول النظام إلى المنطقة.

هي معارك القلمون تتواصل في الحرب السورية الطويلة سيكون ثمنها كبيراً على الجهتين بكافة فصائلهم، حرب ستهدم فيها مناطق ومدن جديدة، للوصول إلى جنيف ٢ بقطع أراض جديدة تحت السيطرة أو خارجها.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى