صفحات سورية

معارِضون سوريون عن خطاب الأسد: خطوة إلى الوراء والمطلوب خريطة إصلاح عمليّة

 


لم يتأخّر وضع خطاب الرئيس السوري بشار الأسد أول من أمس في «الغربال»، من المجتمع الدولي وبعض دول الجوار، كما من أطراف المعارضة السورية في الداخل والخارج.

وإذا كانت تركية اعتبرت خطاب الأسد «غير كاف»، فيما طالبت واشنطن النظام السوري ب«خطوات ملموسة» على وقع إعداد أوروبا لعقوبات جديدة عليه، فإن «أول غيث» الردّ «على الأرض» في سورية جاء عبر التظاهرات المطالِبة بإسقاط النظام التي تجدّدت في موازاة انطلاق تظاهرات التأييد للرئيس السوري على قاعدة إن كلامه رسم «خريطة طريق» للإصلاح قبل نهاية السنة.

وجاء تجدُّد التظاهرات المنددة بنظام الأسد انعكاساً لمواقف عبّر عنها أقطاب في المعارضة السورية في الداخل والخارج لـ«الراي»، معتبرين أن خطاب الرئيس السوري «خطوة إلى الوراء» ولم يقدّم جديداً ولم يلبّ المطالب الإصلاحية للشعب ولا عرض خطة عملية لتحقيق ذلك وبأنه «تنكّر» لما يجري في الشارع وحاول اللعب على وتر «تخويف الناس من السلفيين والمؤامرة الخارجية».

* ميشال كيلو:

وفي هذا الإطار، قال المعارض السوري رئيس مركز «حرّيات» للدفاع عن حرية الرأي والتعبير ميشال كيلو لـ«الراي»: «كان هناك انتظار لخطة طريق عملية فيها تفاصيل عن مستقبل سورية. لكن الخطاب لم يلاقِ مطالب الشعب ولم يلبِّ مطالبه الإصلاحية، وأعطى الانطباع بأنه لا يلتفت إلى عملية الإصلاح الجدية»، مضيفاً: «ثمة موضوعات كثيرة تطرّق إليها الأسد في خطابه، ولكنه لم يقل إن الدولة لديها خطة إصلاحية في فترة زمنية محددة، بمعنى أنه افتقر إلى الإجراءات العملية. السوريون لا يريدون ربطهم بالحوار الوطني وإنما يتطلعون إلى إصلاح عملي وإلى تأكيد الدولة على تطبيق كل الخطوات الإصلاحية التي يطالبون بها».

وتابع كيلو: «الخطاب تطرّق إلى المشروع السلفي، وحاول التركيز على مسألتين: الأولى أن هناك مشروعاً سلفياً والثانية أن هناك مطالب محقّة. السوريون يريدون التركيز أكثر على الأزمة بدل الحديث عن المؤامرة. والأهم في خطاب الرئيس الأسد أنه وضع الاستقرار مقابل الإصلاح، وأنه لا يمكن البدء بالعملية الإصلاحية قبل الحل الأمني، فيما المطلوب الحل السياسي. والعامل السياسي له علاقة بالذين يستخدمون العنف. طبعاً ستستمر الحركة الاحتجاجية في سورية إلى أن تبدأ الدولة بعملية الإصلاح العملية، فلا إمكان للاستقرار من دون الإصلاح، والنظام يريد إصلاحاً مقيداً وليس مفتوحاً، في حين أن الإصلاح هو الذي يرسي الاستقرار. وأعتقد من الآن فصاعداً لن يكون هناك إصلاح ما يعني عدم وجود الاستقرار».

* هيثم المالح:

وفي السياق نفسه، اعتبر «شيخ الناشطين الحقوقيين السوريين» هيثم المالح في حديثه إلى «الراي» أنّ خطاب الرئيس السوري «لم يقدّم شيئاً جديداً ولم أتوقع منه إلاّ ذلك»، وقال: «الرئيس الأسد في كلمته تحدث عن عصابات وصنّف المتظاهرين، وتكلّم عن المشروع السلفي، وهذه الفكرة قديمة. وتالياً لا شيء جديداً في الخطاب، وليس لدى الرئيس السوري ما يقدّمه، وهو متمسك بطروحات الحكم السابق التي اعتمد عليها والده، وهو بهذا المعنى يريد تخويف الناس من المؤامرة الخارجية والسلفيين».

وأضاف المالح: «الخطاب بمثابة الخطوة إلى الوراء مع الأسف الشديد. هم قالوا في السابق أنهم رفعوا حال الطوارئ لكن الناس يُعتقلون ويُزجّون في السجون. وبعد هذا الخطاب يمكن القول إنّ النظام أصبح كالدولة الخارجة عن القانون والدولة الفاشلة. واللافت أن الرئيس الأسد لم يلفظ كلمة إصلاح بل تحدّث عن التطوير لكن الآلة معطلة. الحركة الاحتجاجية ستتصاعد في الأسابيع المقبلة والناس ليس لهم سوى خيار إسقاط النظام».

* برهان غليون:

ورأى الأستاذ الجامعي المعارض المقيم في باريس برهان غليون أنّ الرئيس الأسد لم يقدّم في خطابه «خريطة طريق تؤدي للخروج من الأزمة، وأصرّ على فكرة المؤامرة التي تستدعي القوة المسلحة، كما أشار إلى الحوار الوطني وتعديل الدستور ولكنه لم يقدّم خطوة عملية لهذا الحوار ولم يذكر آلية تعديل الدستور، ولم يلتفت إلى المعارضة ولا إلى دورها ولا إلى الحركة الاحتجاجية».

وأكد غليون لـ«الراي» أن «الإصلاح وحده يوقف التظاهرات، والرئيس الأسد في خطابه حاول إقناع الناس بضرورة وقف التظاهرات من أجل إعادة الحياة إلى الاقتصاد الذي يتموّل النظام منه»، مضيفاً: «هذا الخطاب لم يقنع المتظاهرين، ومفتاح الأزمة ليس من الخارج ولا من مجلس الأمن ولا من الفيتو الروسي، بل هو في الداخل، ولا إمكان للخروج من الأزمة إلاّ عبر الإصلاح الحقيقي ودعم الديموقراطية. ثمة حركة اعتراضية من قطاعات اقتصادية واسعة ومن بينهم طبقة رجال الأعمال، وهؤلاء يتخوفون على مصالحهم في حال استمرار عدم الاستقرار، لأنهم يدركون أن عدم الاستقرار سيؤدي إلى تدمير النظام».

* رضوان زيادة:

أما المعارض السوري والمدير التنفيذي لـ «المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية» في واشنطن رضوان زيادة، فقال لـ«الراي» إنّ الخطاب «جاء على نفس نبرة الخطابات السابقة، عبر التركيز على فكرة المؤامرة أكثر من عشرة مرات، وتقسيم المتظاهرين إلى ثلاث أقسام»، مضيفاً: «النقطة الأهم في الخطاب أنّ القيادة السورية تنكر ما يجري في الشارع السوري، ويبدو أن الرئيس الأسد لا يريد مشاهدة ما يدور حوله، وكيف أن السوريين يطالبون برحيله. أمّا في ما يتعلق بالوعود الإصلاحية فهي بقيت عبارة عن وعود، إذ قام بتشكيل لجان يترأسها مسؤولون من حزب البعث، وبالتالي فإن النظام يحاور نفسه، وهذه اللجان تفتقد للصدقية».

وتابع زيادة: «الخطاب ركز على نقطتين: الأولى، الطابع العنفي للتظاهرات وبالتالي تكريس مشروعية استعمال القمع من الأجهزة الأمنية. والنقطة الثانية، تأكيد مخاطر المشروع السلفي المتطرف».

وإذ أعلن أنّه «في الأيام المقبلة ستشهد سورية تظاهرات أوسع ردّاً على خطاب الأسد»، توقّع «تصعيد لهجة المجتمع الدولي في الفترة المقبلة، وخصوصاً أن غالبية الدول الغربية لم تجد في الخطاب أيّ قيمة على أرض الواقع، وهذا ما نلاحظه في الموقفين الفرنسي والألماني»، مضيفاً: «أمّا الموقف الروسي فلن يستعمل الفيتو إلاّ في حال توجيه الضربة العسكرية إلى سورية، وفي رأيي لن تعارض موسكو قرار إدانة العنف المتوقع صدوره من مجلس الأمن، وهذا ما نسعى إليه».

الراي الكويتية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى