حسين عبد العزيزصفحات مميزة

“معركة القلمون” –مقالات مختارة-

معركة القلمون … الآن؟!/ حـازم صـاغيـّة

تكاثرت في الآونة الأخيرة الإشارات التي تنمّ عن ضعف موقع النظام السوريّ واحتمالات سقوطه.

فهناك، أوّلاً، كلامٌ كثير عن ترقّق القاعدة الشعبيّة والأهليّة التي يستند إليها النظام، وعن أنّ الأمور باتت تميل إلى تحكيم العدد وحده في مجريات الصراع وحسمه.

وهناك، ثانياً، ما ذكره لؤي حسين وآخرون من أنّ النظام السوريّ لا يتجاوب مع المساعي الروسيّة لإرساء تسوية ما، بل إنّه يعرقل تلك المساعي بشهادة ما حصل مؤخّراً في موسكو المنزعجة والمستاءة.

وأخيراً، لم يبخل أحد المعلّقين، وهو معروف بقربه من دمشق، في توجيه اللوم المشوب بالمناشدة لإيران كي “تهتمّ” بما يجري في سوريّا “في مواجهة الغزو التركيّ”، مثلما تهتمّ بما يجري في اليمن “في مواجهة الغزو السعوديّ”.

ولقائلٍ أن يقول إنّ روسيّا وإيران قد تتردّدان في المضيّ على نهجهما السابق في تقديم الدعم السخيّ لبشّار الأسد.

ذاك أنّ كلفة إبقاء النظام باتت كبيرة بكلّ المعاني، فيما الأوضاع الاقتصاديّة للبلدين وهواجس الملفّ النوويّ الإيرانيّ والمسألة الأوكرانيّة قد تحمل على عقد تسويات تطال الشأن السوريّ مع القوى الغربيّة. ومن يقول هذا القول لا بدّ أن يجد في السلوكين الإيرانيّ والروسيّ الفاترين عمليّاً حيال حرب اليمن ما يعزّز حجّته.

كذلك يبدو، بحسب صحيفة “الحياة”، أنّ الولايات المتّحدة ليست غريبة عن هذه الأجواء، حيث “أكّدت مصادر ديبلوماسيّة غربيّة” للصحيفة، أنّه “لا مانع لدى الإدارة الأميركيّة من دعم تصعيد عسكريّ في سوريا، وهي تريد خطّة عسكريّة – سياسيّة واضحة عن المرحلة المقبلة بعد خروج الرئيس بشّار الأسد”.

وفي الأحوال كافّة، تتوالى المعارك التي يتأدّى عنها فقدُ النظام لمناطق أساسيّة ومتزايدة ما بين الشمال الغربيّ، في إدلب وجسر الشغور، والجنوب على الحدود السوريّة مع كلّ من الأردن وإسرائيل.

وهذه التغيّرات إذا كانت تبعث على قدرٍ غير بسيط من التفاؤل، لأنّ النظام قد يسقط كما قد يُفتح الباب لعمليّة سلميّة توقف المأساة السوريّة عند حدّ، فإنّها تبعث أيضاً على قدر غير بسيط من القلق بسبب طبيعة القوى التي تحلّ محلّ قوّة الأسد. فهذه، لا سيّما إذا أصرّ الرئيس السوريّ على تزمّته واعتراضه كلّ حلّ سياسيّ، قابلة لأن تستكمل تطييف الصراع السوريّ ثأراً وانتقاماً من أقلّيّات مذهبيّة ودينيّة باتت تقع على تماسّ جغرافيّ مباشر معها.

والمدهش، في ما خصّ لبنان، أن يزدهر في الوقت نفسه الحديث عن اقتراب معركة القلمون التي سبق أن وُعدنا بها “بعد ذوبان الثلج”. فكأنّ الذين يريدون فتح هذه المعركة ينوون جعلنا ضحايا النظام السوريّ مرّتين، مرّة حين ينهض ومرّة حين يسقط.

وهذا قابل للتفادي بتحييد النفس عن هذا الطور الخطير (والحاسم؟) من الأزمة السوريّة. لكنّ المشكلة أنّ نظريّة الانجرار إلى المواجهة مع إسرائيل بعد توصّل الفلسطينيّين والأردنيّين، فضلاً عن المصريّين، إلى اتّفاقات معها، قد تعمل هنا أيضاً على شكل مزيد من التورّط في سوريّا لصالح نظام يوشك على موته!

نفس مبدأ الصراع مع إسرائيل بعد أن انتهت الحرب.

موقع لبنان ناو

 

 

 

القلمون هدف استراتيجي للنظام السوري والمعارضة/ حسين عبدالعزيز

بلغت الاستعدادات العسكرية ذروتها في منطقة القلمون بشقيها السوري واللبناني منذ أيام: «حزب الله» استكمل تحركاته العسكرية على الحدود بإحضاره آليات ومدرعات ومئات المقاتلين إلى عدة أماكن بقاعية لا سيما في محيط بلدتي نحلة وبريتال، وفصائل المعارضة المسلحة (مجموعات الجيش الحر، جبهة النصرة، لواء نسور دمشق، لواء الغرباء، كتيبة رجال القلمون، حركة أحرار الشام) تعلن توحدها في تكتل عسكري واحد أطلق عليه اسم «جيش الفتح» تمهيداً لتحرير القلمون من الجيش السوري ومقاتلي «حزب الله».

يمتد القلمون الغربي من رنكوس جنوباً على بعد 45 كيلومتراً من دمشق إلى البريج شمالاً قبيل القصير بكيلومترات، وهو عبارة عن شريط إستراتيجي بطول نحو 70 كيلومتراً وعرض 10 كيلومترات يتضمن مجموعة من المدن والبلدات: حوش عرب، عسال الورد، الجبة، المعرة بخعة / الصرخة، فليطة / المشرفة، يبرود، النبك، دير عطية، قارة، جراجير.

ولذلك تشكل معركة القلمون الغربي المقبلة هدفاً إستراتيجياً لكلا الطرفين، المعارضة المسلحة تسعى إلى استعادتها لما تشكله من نقطة وصل بين حمص وريفها ودمشق وريفها أولا، وتأثيرها على مسار المواجهات في عموم سورية ثانياً، وتطويق عناصر «حزب الله» الداخلين والخارجين من لبنان إلى سورية ثالثاً، وإعادة الاعتبار لنفسها مع إنهائها حالة «الستاتيكو» المستمرة منذ نحو عام ونصف في المنطقة رابعاً.

أما «حزب الله» الذي يحاول إخفاء المعادلة السورية في معركته المقبلة (حماية النظام) فهو يهدف الى وقف النزيف البشري الذي يعاني منه منذ انتهاء معركة يبرود منتصف آذار (مارس) من العام الماضي، ومنذ ذلك الوقت يتعرض الحزب لخسائر بشرية بدءاً من المعارك التي جرت في آب (أغسطس) الماضي مع دخول «داعش» و»النصرة» إلى عرسال، ثم الاشتباكات في محيط تلة موسى برأس المعرة في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، ثم تفجير حاجز بين السحل ويبرود تابع للحزب وموقعين آخرين في فليطة / المشرفة بداية العام الحالي، ثم كمين لعناصر الحزب في رأس المعرة نهاية آذار الماضي، فضلاً عن الهجوم الذي شنته «النصرة» نهاية الشهر ذاته على فليطة / المشرفة وما نجم عنه من خسائر بشرية للحزب، والهجوم الذي شنته «النصرة» وفصائل أخرى على أربعة مواقع هي: المسروب، جب اليابس، الحمرا، شيار، شعبة حميدة منتصف نيسان (ابريل) الماضي وسيطرتها على عدة تلال تكشف طرق الإمداد التي يسلكها عناصر الحزب من لبنان إلى القلمون.

لكن معركة القلمون اليوم مختلفة عن معارك القلمون التي جرت في القصير وقارة ودير عطية والنبك ويبرود، ذلك أن المعارك الماضية كانت تجري داخل محيط المدن، وكان عناصر الحزب وقوات الدفاع الشعبي يخوضون المعارك عقب عمليات قصف جوي ومدفعي من قبل الجيش تمهد الطريق لهم، أما اليوم فهذه الميزة غير موجودة، وبالتالي فإن المعارك التي ستجري ستتم وفق أسلوب حرب العصابات في الجبال والوديان، ما يفقد «حزب الله» المبادرة والقدرة السريعة على الحركة، وهذا يفسر تصريحات بعض قيادات الحزب أخيراً باستحالة القضاء على الفصائل المسلحة نهائياً لما يتطلبه الأمر من انتشار عسكري كبير على منطقة واسعة بطول نحو 75 كيلومتراً وعرض نحو 15 كيلومتراً مليئة بالجبال والوديان.

هذا الواقع يسمح للفصائل المسلحة بالقدرة على شن هجمات مباغتة وسريعة أولاً، وإمكان دخول مناطق تعتبر خطاً أحمر بالنسبة للنظام ثانياً، ما يعني أن عمليات الكر والفر ستبقى قائمة في المنطقة وتشكل تهديداً من الناحية البشرية لعناصر الحزب.

حتى الآن تبدو معركة القلمون التي تتحدث عنها وسائل الإعلام اللبنانية لا سيما المقربة من «حزب الله» غامضة، هل سيدخل الحزب قواته إلى عمق القلمون أم يكتفي بالتمركز في نقاط حدودية، وقد فسرت بعض المصادر اللبنانية تصريحات صادرة عن أوساط الحزب أخيراً حول أهمية حماية البلدات اللبنانية الحدودية بأن الحزب غيّر تكتيكه بعدم مواجهة المعارضة المسلحة داخل الأراضي السورية بحيث يتم الاكتفاء بالتمركز عند نقاط حدودية للحيلولة دون وصول الفصائل المسلحة إلى الأراضي اللبنانية وإبقاءها في سلسلة الجبال، مع ما يتطلب ذلك من عمليات كر وفر محدودة.

وما يعزز هذا الرأي أن النظام السوري غير مضطر وربما غير قادر على فتح جبهة القلمون بسبب التغيرات الحاصلة في المشهد الميداني شمالاً وجنوباً، وبالتالي يحاول «حزب الله» الاستعاضة عن ذلك بدفع الجيش اللبناني إلى واجهة المعارك باللعب على وتر الإرهاب الذي يتعرض له اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً في البقاع (رأس بعلبك والقاع وشليفا ودير الأحمر).

* إعلامي وكاتب سوري

الحياة

 

 

 

 

نظام الأسد انتهى… لم ينته بعد؟! عنوان إقليمي لا لبناني لمعركة القلمون/ روزانا بومنصف

يبدو مبكراً لمراقبين ديبلوماسيين نعي نظام الرئيس السوري بشار الاسد بناء على المؤشرات السلبية التي تزايدت في الاسابيع الاخيرة، إن لجهة خسارته مناطق استراتيجية اظهرت المعارك ضعف قواته فيها وتراجعها أو بناء على تفكك شهدته الهيكلية الامنية لديه خصوصا مع وفاة رستم غزالة احد ابرز مساعديه الامنيين المتبقين، وذلك مع عدم اهمال المفاعيل المزلزلة للشهادات أمام المحكمة الخاصة بلبنان على النظام. إلا انه في الحرب النفسية وتوظيف الوقائع على الارض يفيد جداً الاستنتاج بانهيار الاسد الذي يصطدم في الوقت نفسه بعجز متفاقم في ادارته للحد الادنى من مقومات المناطق تحت سيطرته والمساهمة في دفع مزيد من الموالين له للانفكاك عنه على قاعدة المخاوف من انهياره على نحو مفاجئ. والمسألة في هذا الاطار لا تتعلق بشخصه أو بقوته خصوصا انه سبق له ان انتهى فعلياً قبل سنتين حين دخلت ايران بقوة عبر ميليشياتها العراقية و” حزب الله” من اجل اعادة ضخه بمقومات البقاء، ما يعني ان الامر يستمر مرتبطاً بايران التي ليس مرجحاً ولا متوقعاً ان تتخلى عنه أو تظهر انهزامها مع النظام في سوريا بالتزامن مع انكسارها أمام الحملة العسكرية العربية بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن. ففي الايام الاخيرة سجلت مسارعة نائب القائد الاعلى للجيش السوري الى طهران طلبا للمساعدة بعد الانهيارات المتتالية لقوات النظام في مناطق استراتيجية، فيما جددت طهران استمرار دعمها للنظام كما اعلنت انها “لن تسمح للقوى الاقليمية بتعريض مصالحها الامنية في اليمن للخطر”، في اقرار واضح بالتورط الايراني في اليمن والمحاولات المتعددة التي لا تزال تقوم بها ايران من اجل منع تنفيذ القرار 2116 المتعلق باليمن والصادر تحت الفصل السابع على رغم مناداتها على لسان وزير خارجيتها محمد ظريف من اجل المسارعة بصدور قرار عن مجلس الامن في اليوم التالي لاتفاق نووي مرتقب في حزيران المقبل من اجل رفع العقوبات وتنفيذ ذلك فوراً على نحو يظهر كيفية التعامل المزدوج مع قرارات مجلس الامن وحسب ما تمليه مصالح ايران. وهو ما يتوقع المراقبون ان يسري بنسبة وبقوة اكبر بالنسبة الى مصالح ايران في سوريا، الامر الذي لا يسمح تالياً بالرهان على انتهاء النظام اقله في المعطيات الراهنة على رغم هزائمه المتتالية. وليست المعركة التي يبشر “حزب الله” بالقيام بها مجدداً في القلمون، الذي كان انتصاره فيها مع النظام قبل اكثر من سنتين ابرز المؤشرات على انتصار النظام وقدرته على استرجاع الاراضي التي خسرها، إلا أحد ابرز الوسائل للتعبير عن ان ايران لا تزال جاهزة لتأمين صمود النظام والنقاط الاستراتيجية التي تؤمن له الامداد وتالياً خوض المعارك معه ومن اجله، اقله وفق ما يعتبر هؤلاء المراقبون. اذ ان العلنية غير المسبوقة في تحديد ساعة الصفر لمعركة القلمون، والتي تواصلت الاسبوع الماضي، لا تتصل بمخاطر متجددة لتنظيم “الدولة الاسلامية” على لبنان مقدار ما ترتبط بجملة اعتبارات اقليمية اخرى بعضها له علاقة من جهة بانقلاب من ضمن التنظيمات السورية المقاتلة على التنظيم وبعضه الآخر بالتعاون الاقليمي في دعم التنظيمات السورية من غير “داعش”، اضافة الى الاعتبار الاهم المتعلق بهزائم النظام وتراجعه في مناطق استراتيجية عدة بحيث ان السيطرة على القلمون بمساعدة الحزب توجه رسائل من نوع انه سيسيطر على مناطق مهمة بالنسبة اليه ولحلفائه ويحصر قدراته فيها.

ولا يتوقع هؤلاء ان تسمح ايران بانهيارالنظام كلياً بأي شكل من الاشكال باعتباره ورقتها القوية للتفاوض على مصالحها في سوريا حين يأتي الوقت، سواء فاوضت على محاولة ابقائه ام على التخلي عنه، ما لم تكن قد باعته فعلا على هامش المفاوضات على ملفها النووي أو ان تثير بسيناريو احتمال انهياره المفاجئ مخاوف من سيطرة التنظيمات الاسلامية المتطرفة فتحفز مفاوضات سريعة مع الولايات المتحدة، التي تخشى بقوة من هذا السيناريو الذي يعيد الى الاذهان سيناريو العراق ما بعد صدام وليبيا بعد معمر القذافي، بحيث تضمن ايران مصالحها عبر التفاوض.

إلا انه حتى الآن لم تظهر الولايات المتحدة هلعاً يوحي بتوقعات لديها عن قرب انهيار النظام ولا كذلك أي دولة من الدول المعنية على غير ما ذهبت اليه بعض التوقعات الاعلامية. والسؤال الاساسي بالنسبة الى المراقبين الديبلوماسيين هو ما اذا كانت ادارة الرئيس باراك اوباما ستضع على جدول اعمالها التالي الاهتمام بالازمة السورية وتداعياتها على نحو اكثر جدية مما سبق وبعد الانتهاء وفق ما هو مرتقب من الملف النووي الايراني نهاية حزيران المقبل. اذ يعتقد على نطاق واسع ان جدولة هذه الادارة تدريب عناصر من المعارضة السورية على ثلاث سنوات يعني ترحيل الازمة السورية الى خليفته اياً يكن واكتفائه بانجاز انهاء سعي ايران الى القنبلة النووية في عهده. الا انه مع العملية العسكرية العربية في اليمن ضد التمدد الايراني فيه وفي المنطقة وتطور الوضع السوري الميداني ثمة ما قد يكون فرض تعديلات معينة مع اضطرار اوباما الى التعامل مع الهواجس المباشرة لحلفائه من الدول الخليجية في المنطقة وفق ما يفترض ان يكون جدول اعمال القمة المنتظرة بينه وبين نظرائه الخليجيين في 13 و14 الجاري في كامب ديفيد. ومن بين ابرز هذه الهواجس العمل على وضع حد لمطامع ايران في المنطقة وتخريبها استقراره وفق ما يقول هؤلاء المراقبون.

النهار

 

 

 

 

القتال من أجل أسلحة سوريا الاستراتيجية/ ميـرا عبـدالله

واجَه النظام السوري سلسلة من النكسات العسكرية الدراماتيكية، بدءًا من خسارة إدلب وصولاً الى الهزائم الأخيرة له في باقي أنحاء المحافظة، كما في الجنوب، حيث أعلن الجيش السوري الحر في وقت سابق من الأسبوع المنصرم بأنّه أطلق معركة “قطع الأوصال” لقطع طريق عام دمشق- القنيطرة، ما يجعل سيطرة بشار الأسد على البلد مدعاةً للتساؤل، تماماً مثل سيطرة نظامه على ترسانته الكبيرة والقوية من الأسلحة الاستراتيجية.

“النظام السوري يعاني حالياً كثيراً، لاسيما بعد كل الإخفاقات التي لاقاها على الأرض”، قال الجنرال المتقاعد في في الجيش اللبناني وهبي قاطيشا، مضيفاً: “قام النظام السوري بهجومه في شباط وآذار 2015 بعد أن بدأ الحوثيون بالفوز في معارك اليمن، وأملوا بالفوز هم أيضاً، ولكن عندما تبيّن بأنّ الحوثيين لا يستطيعون السيطرة فعلياً على اليمن، بدأ النظام بإبطاء نشاطاته العسكرية، خصوصاً وأنهم خسروا في إدلب وفي جسر الشغور، والآن تتم مهاجمة المدن التي سيطروا عليها في حماه”.

رغم الوضع الهادئ نسبياً مؤخراً في القلمون، قامت طائرات القوات الجوية الإسرائيلية بتفجير مواقع “حزب الله” والنظام في هذه المنطقة الجبلية الوعرة الواقعة على طول الحدود اللبنانية- السورية. وقال مصدر من “حزب الله” للحدث إنّ إسرائيل “استهدفت موقعاً لإطلاق الصواريخ والمدفعية يحتوي على صواريخ متوسطة المدى تُستخدم دورياً لاستهداف حركات المجموعات المسلحة في الجبال”.

وبحسب فهد المصري، الناشط السوري المقيم حالياً في برايس، فإن “الضربات الاسرائيلية استهدفت القواعد العسكرية لجيش النظام السوري و”حزب الله” في القلمون”. المصري وهو منسّق مجموعة الإنقاذ الوطني المعارضة، قال: “في الحقيقة، استهدفت الضربات الكتيبتين 65 و155 المختصتين في السلاح الاستراتيجي، بالإضافة الى قواعد قليلة لـ”حزب الله” في القلمون، لاسيما وأنّ الحزب يحاول نقل سلاح النظام الى البقاع اللبناني”.

وفقاً للمحلل فيليب سميث، استهدفت إسرائيل في سوريا شحنات كانت متوجهة الى “حزب الله، وهي قناة للأسلحة كانت مفتوحة لسنوات، وتابع: “حالياً، فيما يتعلّق بقوة النظام، هذا الأمر ليس جيداً جدا بالنسبة لهم”، مضيفاً: “توجد اليوم أعداد ضخمة من التقارير التي تقول إن الخلافات بين قوات الدفاع الوطني والجيش السوري بسيطة مقارنةً بالمشاكل الأكبر. فالإيرانيون يستحضرون الكثير من المقاتلين الأجانب الجدد و”حزب الله” يحاول إدارة دفّة القيادة. المشكلة الأكبر في الميدان هي أنّ “حزب الله”، والجيش السوري، وقوات الدفاع الوطني وباقي الميليشيات الشيعية التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني لا تبلي بلاء حسناً. يتم صد النظام على العديد من الجبهات وهذا الوضع غير مريح”.

من الواضح أنّ إسرائيل تحاول الحفاظ على ديناميات القوة في المنطقة، خصوصاً إذا كان “حزب الله” يحاول تعزيز قواعده العسكرية في جنوب لبنان. “اليوم، تمتد سوريا الأسد من الناقورة الى اللاذقية. حصلت أكثر من ضربة إسرائيلية: إحدى الضربات وُجّهت الى كتائب “حزب الله” وصواريخه الطويلة المدى، والضربة الأخرى وُجهت الى المجموعات التي كانت تحاول استهداف حدود الجولان. من الجليّ أنّ إسرائيل لا تريد تحويل حدودها الى “صندوق بريد”، سواء الحدود اللبنانية أو الجولان. وبالإضافة الى ذلك، أرادت إسرائيل من خلال الضربة الأخيرة أن تضمن بقاء القتال ضمن الحدود السورية وعدم امتداده الى لبنان”، قال لـ NOW الناشط السياسي اللبناني، لقمان سليم.

وفقاً لتقرير لصحيفة “الحياة”، كان المقصود من الضربات الاسرائيلية التحذير من أنّ إسرائيل لا تزال مستعدة للدفاع عن نفسها ضد “حزب الله”. فالجيش الاسرائيلي يزعم أنّ إيران لا تزال تحاول تقوية “حزب الله” وتزويده بالأسلحة. وجاء في التقرير أيضاً أنّ إسرائيل “لن تسمح بتعزيز القدرات العسكرية أو بنقل أسلحة استراتيجية خطيرة” وأنها لن تسمح بتسليح “حزب الله”.

وقال سميث لـNOW إنّ لدى “حزب الله مصالح مستمرة في السيطرة على مخازن النظام ودمجها مع ما لديه. وفيما عدى ذلك، وبعد علمه بما حصل في العراق، حيث حصل داعش على أسلحة متطورة بعد سلبها من الجيش العراقي. أعتقد بأنّ حزب الله سوف يحاول أيضاً منعهم من الحصول على أي أسلحة أخرى، لا سيّما وأن لدى نظام الأسد أكثر انظمة الأسلحة تطوراً”.

وبغض النظر عن أولويات “حزب الله” والنظام السوري، قد يكون لدى إيران مخططاتها الخاصة في المنطقة. “يجب أن لا ننسى دور المعلم الإيراني في كل ذلك” قال سليم، وتابع: “أولاً، يجب أن نكتشف ما الذي تبقى من مخابئ أسلحة النظام الاستراتيجية والذي يمكن أن يشكل تهديداً للأمن الاقليمي. بغض النظر عن ذلك، النظام السوري ليس سوى مخزن لأسلحة إيران. إيران تتدخّل مباشرة في المنطقة ومن الواضح أنّها تعتبر لبنان منطقة حرة، وضمن ذلك تدخل حدود لبنان والمطار دون منح أي أهمية للسيادة اللبنانية. فإعادة تموضع أي أسلحة لا تحدد من إلا من وجهة نظر طهران بغض النظر عن ما يخطط له باقي اللاعبين”.

ومع ذلك فقد أكّد المحللون الذين تحدث اليهم NOW أنّه، على الرغم من أنّ الثوار يحاولون منع “حزب الله” من السيطرة على أسلحة النظام السوري، فقد لا تكون لديهم القدرة أو التجهيزات اللازمة للقيام بذلك. “الجيش السوري الحر يريد كذلك الاستيلاء على أسلحة لنظام السوري الاستراتيجية، ولكن على خلاف “حزب الله”، فهم لا يستطيعون القيام بذلك في الوقت الحالي. الجيش السوري الحر ضعيف جداً وليس لديه القدرة على القيام بذلك. ومع ذلك، في حال شعر الجيش السوري الحر بأنه قادر على ذلك، لن يفوّت الفرصة”، قال قاطيشا.

رغم أنّ “حزب الله” يهدف إلى إنقاذ ما تبقى من أسلحة النظام الاستراتيجية ونقلها الى لبنان لتعزيز قدراته على الحدود الجنوبية للبنان، فإنّ الخسائر التي عانى منها “حزب الله” والنظام السوري مؤخراً سوف يكون لديها تأثير كبير على الحزب.

“حزب الله تحت الضغط. فقد خسر النظام السوري إدلب وهو قلق من خسارة الساحل العلوي. يشكّل هذا ضغطا كبيراً على “حزب الله” مع قيام الكثير من المقاتلين بالعديد من المناوبات و”حزب الله” يعاني من ضغط كبير عليه لكي يحافظ على الأراضي التي استولى عليها. ويريدون كذلك ضمان عدم حصول المزيد من الاعتداءات عليهم”، قال سميث.

وتنبّأ قاطيشا بأنّ الوضع العسكري المتدهور للنظام السوري سوف تكون له تداعيات على حليفه “حزب الله”، ورأى أن “ضعف النظام السوري سوف يُضعف بالتأكيد “حزب الله”. فحزب الله سوف يدفع الثمن خصوصاً وأنّ الحزب استثمر كافة قدراته لحماية النظام السوري. وفي النهاية، “حزب الله” سوف ينهزم وينسحب”.

هذا المقال ترجمة للنص الأصلي بالإنكليزية

(ترجمة زينة أبو فاعور)

لبنان ناو

 

 

 

طلائع “موسم العزّ”… أطلّت!/ الياس الديري

الصوت صوت عيسو واللمس لمس يعقوب…

هكذا حال صنوج معركة القلمون التي تضجّ في أرجاء لبنان، فيما هي في أبعادها وأهدافها معركة المنطقة العربيّة الذاهبة إلى تغييرات ومفاجآت تشبه تلك “الأشياء” التي تشيب من هولها رؤوس الأطفال.

والصنوج ذاتها تلتقي في مكان ما، أو منعطف ما، مع هواجس حزيران المعتادة، وقد انتابتني قبل أيام معدودة، فمررتُ بها على أمل أن يكون حزيران هذا الموسم مختلفاً عن الحزيرانات السابقة.

إلا أن ما أذيع أمس عن اكتشاف شخصين يراقبان السفير السعودي علي عواض عسيري، فضلاً عن الخطب العالية الصوت والعيار ضد المملكة العربية السعودية، من شأنها أن توحي إلى اللبنانيّين بأن لا موسم سياحة ولا اصطياف في هذا الصيف اللبناني الحار أيضاً. ومرّة أخرى. وعن سابق تصوّر وتصميم. وبـ”فضل” الجهة ذاتها. ولـ”مصلحة” لبنان الحر والسيد والمستقلّ، والذي يستميت بعض فئاته وبنيه في سبيل “توفير” مناخات الازدهار في فيافيه وحنواته.

لقد بكّرت الهواجس الحزيرانيّة، حقاّ. وليس غريباً أن يتوقّع “المراقبون” المزيد من الأفلام والمسرحيّات وما تستتبع من قطع طرق وإحراق دواليب وتهديدات بخطف حَمَلة هذه الهوية أو أبناء ذلك البلد العربي، إمعاناً في توفير الأجواء والمناخات الهادئة، والمشجِّعة لكل مَنْ يرغب في تمضية عطلة الصيف في الربوع اللبنانيّة… الغنّاء!

ولكن، يبدو أن المكلّفين إعداد السيناريوات وكل ما من شأنه إتمام المهمات التخريبيّة شاؤوا التبكير هذه المرّة، والشروع في تمرير “المقبّلات” باكراً، لغاية في نفس يعقوب، وربما لمآرب شتّى في نفوس محرّضيهم.

ثمة مَنْ يرى أن “قرار لا سياحة ولا اصطياف في لبنان”، والمتّخذ قبل عقد من السنين، لا يزال ساري المفعول. وفي إشراف الأطراف والدول المعنيين مباشرة، أو عبر “حلفائهم” المخلصين في هذا البلد المسكين.

ولا مانع، هنا، من ضمّ ما حققّته “عاصفة الحزم” في اليمن، وما كشفته من أدوار تُنْسَب إلى طهران وحلفائها الأبرار، ومن مخطَّطات جهنّمية تتناول ثلاثة أرباع دول العالم العربي، ناهيك بالسعوديّة والدول الخليجيّة.

هذا عن موسم الاصطياف، وموسم العزّ، ولهفة أطراف معروفين لتوفير كل ما يمكن أن يوفّر الأجواء والإجراءات المشجِّعة والمطمئنة لكل مَنْ يرغب في تمضية فصل الصيف ما بين فقش الموج ومرمى الثلج.

وما قيل عن قضية السفير يساهم حتماً في تحقيق مثل هذه الأمنية. وما تقصّر عنه تكمله “أم المعارك” في القلمون، وعليكم خير.

النهار

 

 

 

 

 

تبدلات المشهد السوري الميداني/ حسين عبد العزيز

منذ سيطرة النظام السوري على مدينة القصير في ريف حمص الجنوبي، في الخامس من يونيو/حزيران عام 2013، بدأت مرحلة تقدم ملحوظة لقوات النظام السوري وداعميه، في مناطق مختلفة من سورية (ريف حمص، القلمون الفوقا، القلمون التحتى، شرقي الغوطة، حماة)، وبدأت معها عملية تراجع واضحة للمعارضة المسلحة، لا سيما الجيش الحر الذي أصبح أثرا بعد عين. لكن التطورات الميدانية التي شهدها الجنوب السوري، في الأسابيع الماضية، في ريفي القنيطرة ودرعا والسيطرة على بصرى الشام ومعبر نصيب الحدودي مع الأردن من جهة، والتطورات في الشمال التي تشهدها محافظة إدلب منذ نحو شهر، من جهة ثانية، بدأت في تغيير معادلة القوى على الأرض، ودفعت وزير الدفاع السوري إلى عقد اجتماع طارئ مع نظيره الإيراني في طهران.

ما جرى في مدينة إدلب ومن ثم في جسر الشغور ومعسكر القرميد ليس تفصيلا عادياً في سياق عمليات الكر والفر بين النظام والمعارضة المسلحة، صحيح أن هذه التطورات تظل بعيدة عن تغيير المعادلة الميدانية، وبالتالي، ميزان القوى على الأرض، بحيث يمكن استثمارها سياسيا في الوقت الحالي، لكن الصحيح، أيضاً، أن ما جرى هو بداية تحول مهم، يعتبر الأول من نوعه، منذ بدء الأزمة السورية، في بقعة جغرافية تشكل أهمية فائقة، وساحة مفتوحة لكل الفصائل والقوى المقاتلة.

فللمرة الأولى منذ عامين، بدأ الحديث عن خسائر مهمة للنظام، وانتصارات مهمة للمعارضة المسلحة، وكسر للمعادلة التي طالما حاول النظام تثبيتها لصالحه، وهي أن أي اتفاق سياسي مرهون بتطورات الميدان. وللمرة الأولى، نجد ارتباكا واضحا في صفوف النظام في اللاذقية لم نشهده مع معارك رأس البسيط قبل نحو عام.

تعتبر محافظة إدلب صلة الوصل بين المنطقتين الساحلية والوسطى والمنطقتين الشمالية والشرقية، وأهمية خروج هذه المحافظة من يد النظام تفوق أهمية خروج محافظة الرقة بكثير، من الناحية العسكرية وتداعياتها المستقبلية، فقد أدت سيطرة المعارضة على جسر الشغور، ثم غانية والسرمانية والزيارة واشتبرق في الجنوب، إلى قطع طرق الإمداد عن القوات المنتشرة على طول أوتوستراد أريحا ــ اللاذقية.

فضلا عن ذلك، ستجعل سيطرة المعارضة المسلحة على محافظة إدلب المعارك في حلب صعبة بالنسبة للنظام، وستضع اللاذقية بعد السيطرة على حاجزي البركة وغانية على طريق إدلب ــ اللاذقية الرئيسي في مرمى نيران المعارضة، مع ما تمثله الأخيرة من رمزية في العقل السوري، وهكذا انتقلت المعارك من مدينة إدلب إلى جسر الشغور إلى جنوب المحافظة، ثم سهل الغاب في حماه وبعض ريف حمص.

تعكس طبيعة العمليات العسكرية التي قام بها جيش الفتح مستوى التنسيق العالي بين عناصره على المستوى الميداني من جهة، وعلى مستوى التخطيط الاستراتيجي من جهة ثانية، حيث امتدت المعارك على عشرات الكيلومترات، وبمشاركة نحو عشرة آلاف مقاتل، مع مختلف أنواع الأسلحة، بما فيها صواريخ تاو الأميركية التي كانت في حوزة حركة حزم، كما امتد التنسيق، ليشمل الائتلاف الوطني وفصائل من الجيش الحر، ترتب عليه اتفاق مبدئي في رفض أي صفقة سياسية دولية، تبقي على بعض رموز النظام في الحكم، وهذه خطوة لها دلالتها السياسية، من حيث إنها المرة الأولى التي يجري فيها التعبير عن تبدلات الميدان، بلغة سياسية.

لفتت هذه التطورات الانتباه إلى نجاح تجربة جيش الفتح الذي تأسس نهاية مارس/آذار الماضي من تجمع عدة قوى (جبهة النصرة، حركة أحرار الشام الإسلامية، ألوية صقور الشام، فيلق الشام، أجناد الشام، جيش السنة، لواء الحق)، بعدما حالت جبهة النصرة دون قيام قوة عسكرية للمعارضة في إدلب، وكان مصير جبهة ثوار سورية وحركة حزم مثالين على ذلك.

“آثرت السعودية التعاون مع قطر وتركيا، لتشكيل قوة تساهم في ترتيبات الوضع السوري مستقبلا”

وقد ترتب على هذا النجاح محاولة استنتساخ تجربة جيش الفتح، في أكثر من بقعة سورية، هكذا شكلت مجموعات الجيش الحر، جبهة النصرة، لواء نسور دمشق، لواء الغرباء، كتيبة رجال القلمون، حركة أحرار الشام، تكتلا عسكريا أطلقت عليه اسم جيش الفتح في القلمون، وهكذا خرجت دعوات في حلب، لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية، كما حدث مع جيش الفتح، الأمر الذي يعني أن هذه التجربة الوليدة قد تتحول إلى تجربة راسخة في عموم سورية، وتؤدي إلى تغيير كامل في بنية الصراع.

والحقيقة أن هذه التغيرات التي أصابت المشهد السوري ليست ناجمة عن اعتبارات داخلية فحسب، بل نتيجة تفاهمات إقليمية عبرت عن نفسها في سورية: تفاهمات إقليمية بين الرياض والدوحة وأنقرة، بعيد وصول الملك سلمان إلى سدة الحكم في السعودية، والتغيرات التي طرأت على سياستها الخارجية تجاه ملفات الإقليم الشائكة، خصوصا في اليمن وسورية، حيث آثرت السعودية التعاون مع قطر وتركيا، لتشكيل قوة تساهم في ترتيبات الوضع السوري مستقبلا. نجاح تجربة الحزم في اليمن، بحيث يمكن نقلها إلى سورية بعد تبيئتها بما يناسب المناخ الميداني والإقليمي، فقد بينت الأحداث أن معركة الحزم تتجاوز الحدود الجغرافية لليمن، لتشمل عموم المنطقة، عبر تثبيت قواعد التحالف، وتغير قواعد الاشتباك. نضوج فكرة إنشاء قوة أرضية عربية ــ تركية مشتركة في شمالي سورية، لدعم التحالف الدولي في حربه على داعش، بحيث يمكن إقامة منطقة آمنة بيد المعارضة المسلحة، مقدمة للاستيلاء على أراض أخرى، قد تنتزع من تنظيم داعش.

مثل هذه المنطقة ستسهل إقامة حكومة للمعارضة تمهيدا لدمجها مع الحكومة الرسمية في حال التوصل إلى اتفاق سياسي، وهي الإمكانية التي بدأ الحديث عنها، أخيراً، وتتبناها بعض الدول العربية والغربية.

العربي الجديد

 

 

 

“معركة القلمون” على وقع حوارات جنيف محاولة لإعادة توازن وسط المقترحات الانتقالية/ روزانا بومنصف

على رغم ان الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دوميستورا خفض كثيراً سقف الحوارات التي يجريها مع افرقاء الأزمة السورية في جنيف هذا الاسبوع كما مع الدول الاقليمية والدولية المعنية، وتالياً لم يرفع الآمال بامكان وصوله الى اي نتيجة في المدى المنظور، وهو خسر معنويا على المستوى الشخصي جراء فشل مساعيه او اقتراحه لتجميد النزاع انطلاقا من حلب، فان ثمة رهاناً على اعطاء هذه الحوارات بعض الصدقية انطلاقا من التطورات الميدانية التي حصلت اخيرا في مناطق سورية لمصلحة المعارضة. ثمة حاجة للامم المتحدة لرعاية امكان اقامة حوار او اجراء الاتصالات لرصد احتمالاته في ظل تراجع القدرة الاميركية – الروسية المباشرة على التقدم على هذا الصعيد. فيما ترى مصادر سياسية ان النظام ومعه ” حزب الله” قد يكونان مجبرين على خوض ما سمي معركة القلمون مجددا على عتبة بدء الحوارات في جنيف من اجل السعي الى اعادة بعض التوازن في ميزان القوى باعتبار ان انتصارات المعارضة تحقق مطلبا مزمنا لجهة الضغط على النظام من اجل ان يحاور المعارضة ويقبل بتقديم تنازلات. فيما تنقل هذه المصادر ان روسيا لم تخف استياءها من تعنت النظام قبل شهرين لدى انعقاد موسكو 2 بعدم تجاوبه من اجل تقديم اي شيء في الحوار ما ساهم في افشال جهودها واعطائها دورا محوريا في الجمع بين النظام والمعارضة الامر الذي ربما تفيد منه روسيا راهنا من خلال مكاسب المعارضة، لممارسة مزيد من الضغط على النظام خشية ان يفقد مزيدا من المواقع فضلا عن حال الانهيار الكامل الذي يتهدده على صعد اخرى.

 

تكشف معطيات تملكها مصادر سياسية متعددة ان هناك تعويلا على مساعي دوميستورا على قاعدة ان الدعم الجزئي الذي قدم للمعارضة حتى الان ادى الى النتائج التي تحققت وان مزيدا من الدعم قد يساهم في تراجع النظام وسط وضع كارثي للمناطق الخاضعة له، وهذه ورقة يتم السعي الى توظيفها من اجل اجباره وداعميه على الحوار في ظل شكوك ان تؤدي المحاولات من اجل السيطرة على القلمون في اعادة بعض التوازن الذي فقده والذي يقارب الانهيار الذي اضطر في ضوئه الرئيس بشار الاسد الى الخروج الى العلن من اجل تخفيف وطأته شأنه شأن الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في خطابه قبل ايام والذي أظهر ورطة صعبة لايران من اليمن الى العراق حيث توجه الاتهامات للولايات المتحدة بالسعي الى تقسيم العراق عبر قرار الكونغرس مساعدة السنة والاكراد مباشرة فسوريا حيث خسر النظام مواقع استراتيجية وصولاً الى لبنان حيث التخبط من اجل تبرير معركة لم تعد تبريراتها قوية. ويراهن بعض المطلعين على امكان الدفع في هذا الاتجاه انطلاقا من ان دعم الاسد بات مكلفاً جداً واستنزافياً ايضاً على رغم الاعتقاد السائد ان ايران قد تصبح اكثر دعما له متى رفعت عنها العقوبات الدولية بعد توقيع الاتفاق النهائي حول الملف النووي. ويجرى الحديث عن تداول افكار ومقترحات بعيدا من الاضواء من اجل التوصل الى حل ينهي الازمة على قاعدة جنيف واحد أي تأليف حكومة انتقالية لها كامل الصلاحيات التنفيذية، في الوقت الذي يتم السعي الى المحافظة على مصالح ايران وروسيا عبر اقتراحات بعضها يتحدث عن ابقاء الاسد رئيسا لفترة محددة انما من دون صلاحيات نتيجة انتقال الصلاحيات الى حكومة شاملة تمثل الجميع، او العمل على انهاء وجوده في السلطة بناء على طمأنة العلويين عبر تأمين مشاركتهم في الحكومة الانتقالية الشاملة على قدم المساواة مع الآخرين واقناعهم انهم يمكن ان يتمثلوا عبر اشخاص آخرين. وثمة من رأى ان كلام وزير الخارجية الاميركي جون كيري في الرياض بالامس لجهة قوله ان لا مستقبل للاسد في سوريا على المدى البعيد انما يعكس اتجاهاً الى البحث في اقتراحات تبقي الاسد رئيسا من دون صلاحيات في الفترة الانتقالية، وهي بمثابة رسالة موجهة الى كل من روسيا وايران كحلفاء وداعمين للاسد استنادا الى اعلان كيري ذلك من الرياض ما يشير الى تناوله هذا الامر مع المسؤولين السعوديين، على رغم توافر معطيات عن ان ما قاله كيري في وقت سابق من انه لا بد من التفاوض مع الاسد في نهاية الامر قد تم سحبه من التداول السياسي. فزيارة كيري الى الرياض لا تنفصل عن الاعداد لقمة كامب ديفيد المرتقبة الاسبوع المقبل بين الرئيس الاميركي باراك اوباما ودول مجلس التعاون الخليجي للبحث في استراتيجية التعاون ما بعد توقيع الاتفاق النهائي حول الملف النووي في ظل توقعات يذهب اقصاها الى القول ان اوباما قد يورط دول الخليج للتدخل عسكريا في سوريا من اجل دفع النظام للقبول بالحوار وعدم المراوغة، فيما يعتبر البعض ان ايران قد لا تكون مرتاحة ما دام الاتفاق النووي سيحفز في المقابل استراتيجية دولية اقليمية لمواجهتها اقليميا في كل الدول التي تسعى الى المحافظة على بعض النفوذ لها فيها بعدما بات هذا النفوذ مهدداً في بعض الدول، لا سيما منها سوريا بعد زوال أي أمل بالحصول على أي تأثير في اليمن حتى لو لم تنجح المملكة السعودية في تسجيل الانتصارات سريعا وفقا للمعركة التي قادتها ضد الحوثيين. فالعراق يبدو المجال الوحيد المضمون للنفوذ الايراني فيما تراجع كثيرا المنطق الذي عممه سابقا المسؤولون الايرانيون عن سيطرتهم على اربع عواصم عربية.

النهار

 

 

 

 

“حزب الله” مستمرّ في الحرب السورية.. ولو سقط النظام/ وسام سعادة

لو اعتصرتَ كل ما تدبّجه أقلام الممانعة في أعقاب التطورات السورية الأخيرة من إدلب حتى القلمون، لتراوحت نوباتها بين «ترويحتين«:

واحدة تتعامل مع نظام آل الأسد على أنّه يمثّل الحلقة الأضعف في منظومة الممانعة التي تقودها طهران، في حين تقدّم «حزب الله» على أنه الفصيل الطليعي الأكثر حيوية ومراساً في هذه المنظومة، وبالتالي «اللحظة الملحمية» المكررة عندها، على ما تشتهيه، هي لحظة إنقاذ الحزب للنظام.

وثانية تتعامل مع نظام آل الأسد بوصفه الحصان الذي يقود العربة، فلو نفق الحصان توقفت العربة، التي تحمل من ضمن من تحملهم، «حزب الله«، من دون أن يشطب ذلك السؤال عمّن يمسك بالرسن.

بين هذه النظرة وتلك فوارق. وبطبيعة الحال، أهل النظام الأسدي يفضّلون الاستعارة الثانية على الأولى، لكن ماذا عن أهالي «حزب الله»؟ هل بمستطاعهم فعلاً قبول إحدى الصورتين؟

فإن كان النظام الأسدي هو الحصان الذي إن نفق توقفت العربة، فمعنى هذا أنّهم يخاطرون بمصالحهم ومواقعهم وما راكموه، من أجل حصان غير مضمون بقاؤه. فهل يعقل مثلاً أن لا تكون لـ»حزب الله» خطة بديلة في حال سقوط النظام؟ وهل معقول أن لا يسأل المناخ الأهلي حوله عن هكذا خطة؟ هل إذا انهار النظام مثلاً، سيكمل «حزب الله» حربه في سوريا؟ على ما يبدو هذا ما نحن ذاهبون اليه. أن ينهار النظام – وهو أساساً منذ سنتين نظام احتضار دموي – ويبقى «حزب الله» وبقايا النظام الأسدي «السابق» المتحللة في بعض المناطق.

أما اذا كان النظام الأسدي هو الحلقة الأضعف، وأسوأ ما في الممانعة، الذي ينبغي على «حزب الله»، أفضل ما في الممانعة، انقاذه، وهذا رأي له شعبيته في أوساط الحزب ومن حوله، فهذا معناه أن الحزب ينقذ النظام في علاقة غير متكافئة.

فالتكافؤ هو أن يحمي الحزب النظام ويحمي النظام الحزب. لكن أن تكون المعادلة وبشكل مزمن هو ان يحمي شباب الحزب مومياء النظام فهل يعقل أن تكون عقيدة حربية يتحمّس لها أي شاب في هذا العالم؟ لا شك أنّ المؤثرات العاطفية، المذهبية البحت، أو الخلاصية المهدوية، وما بينهما من تعبئة ضد التكفيريين، تؤدي أدواراً تحفيزية للقتال. لكن في نهاية الأمر، كل هذه المؤثرات تعود فتزرع لدى المقاتل الحزبي فكرة ان «حزبنا، أفضل من النظام السوري، بمئة مرة، والنظام عالة على الحزب«.

إذاً لماذا كل هذا العناء؟ لماذا يكون مصير الحزب معلّقاً بنظام لا يحميه بل يحتمي به؟ وبحرب سورية بات الاحتمال الأرجح أن تستمر بعد سقوط النظام، وأن يستمر «حزب الله» فيها بعد سقوط النظام، وأكثر: ان تزداد أعباء مشاركته فيها بعد سقوط النظام.

ليس صحيحاً أن قواعد الحزب لا تسأل. سواء أخذت بالصورة الترويجية الأولى – الحزب ينقذ النظام، أو الثانية – النظام هو الحصان والحزب في العربة، فلذلك تبعاته. وفي الحالتين هناك شبح: أن يرحل النظام، وتبقى الحاجة الى تدخل «الحزب» في سوريا، والى النزيف الدموي لشبابه فيها.

إنّ تراجع الضغط اللبناني المناوئ بشكل مثابر لتدخل الحزب في سوريا، والاكتفاء منه بالرفض غير المفعّل ميدانياً أو نضالياً ضد هذا التدخل، يجعل الحزب أكثر فأكثر أمام أسئلة جمهوره، وهذا الجمهور ينبغي قلما فكّرت القوى المناهضة للممانعة بالتحدّث إليه، بشفافية ومباشرة، إنما بشكل يتفاعل بصدق مع محنته. وهذا يكون بتبني مطلب إيقاف سقوط ضحايا لبنانيين في سوريا كمطلب وطني أساسي، وليس أبداً الانزلاق الى منطق أن الحزب حرّ بناسه، لكن المشكلة معه أنه يعتدي على الشعب السوري، أو يعرّض اللبنانيين في الداخل للخطر. لا، الأولوية ينبغي أن تكون للمنطق المغاير: الشباب اللبناني الذي يضحى به في سوريا هم شبابنا، والدعوة الى تجنيب هذا الشباب التهلكة هي في آن واحد مصلحة مباشرة للطائفة الشيعية، ومصلحة مشتركة لكل اللبنانيين.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى