صفحات الناس

معركة حمص/ أنّـا ماريـا لوكـا

 

 

منذ قرابة أسبوعين وداعش يقاتل قوات النظام السوري في منطقة حمص، جاهداً من أجل السيطرة على العديد من حقول ومصافي الغاز، بالإضافة الى قواعد جوية وأهداف عسكرية أخرى. وفي حين ينشغل الإئتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بمشاهدة معركة كوباني، تدور في حمص معركة قد تزيد الحرب السورية وسياسة المنطقة تعقيداً.

سوريا هي البلد الوحيد في المشرق الذي ينتج الغاز الخام. وتوجد احتياطات البلد الأساسية من النفط بشكل أساسي في القسم الشرقي من البلد، في محافظة دير الزور قرب الحدود العراقية على طول نهر الفرات. وتوجد حقول أصغر بين ديرالزور وتدمر، وهي منطقة أغنى بالغاز الطبيعي.

قبل الحرب في سوريا، كانت سوريا تصدّر معظم نفطها الى أوروبا، وكانت إيطاليا وألمانيا أبرز زبائنها، ولكن نشاطات استخراج النفط توقفت بعد بدء الحرب الأهلية. غير أنّ الغاز الطبيعي هو عنصر حيوي لإنتاج الكهرباء في البلد. فحمص تؤمّن الوقود لإنارة دمشق، التي تأثرّت لتشهد انقطاع للكهرباء فيها لساعات طويلة زادت عن العشر ساعات. فإن اختار داعش السيطرة على حقول الغاز في حمص، يمكن لذلك أن يشلّ النظام.

وفقاً لتقرير أخير لوكالة الطاقة الدولية، رغم تفجيرات الإئتلاف في أيلول الماضي، يستمر “داعش” في السيطرة على المنطقة النفطية في دير الزور. “مع تقلّص ما يمتلكونه من نفط، المقاتلون مصممون على الوصول الى مصادر إضافية من الوقود والإيرادات”، حذّر التقرير. “ولهذه الغاية، يُكثّفون من هجماتهم على أكبر مصفاة في العراق “بيجي”، التي تقوم قوات النخبة العراقية بحراستها. فقد تعطّل العمل في هذه المنشأة التي كانت تُنتج 270000 برميل في اليوم منذ هجوم المقاتلين في أوّل حزيران الماضي.

وعلى نحو مماثل، في سوريا حيث دمّرت معظم قدرة المقاتلين على استخدام المصافي، يمكن أن تتعرّض مصفاتا البلد قرب بانياس وحمص اللتان لا تزالان تحت سيطرة حكومة الأسد للاستهداف في المستقبل القريب”.

النفط

في بداية الأسبوع الماضي، سيطر “داعش” على ستة حقول نفط في سوريا، بينها حقل العمر، وهو الحقل الأكبر في سوريا. إلاّ أنّه وفي نهاية أيلول، عندما استهدفت الضربات الجوية معظم المصافي الصغيرة المؤقتة في الأراضي التي يسيطر عليها “داعش”، واجه المتطرفون صعوبة بالغة في استخراج النفط وبيعه في السوق السوداء.

وحتى إن فعلوا ذلك، فإن التطورات على الجبهة السورية ليس بالأهمية نفسها بالنسبة لسوق الطاقة الدولي. فوفقاً لرضا طاهري، البروفسور المساعد في قسم هندسة البترول في الجامعة اللبنانية الأميركية، لا تمتلك سوريا سوى 0.5% من سوق الطاقة الدولي. “هذا أفضل سيناريو لهذه القضية!”، قال لـ NOW. “تلك كانت الحال عام 2010، عندما كان البلد يضخ 400000 برميل في اليوم. وبحلول عام 2013، وصل الانتاج الى 70000 برميل في اليوم”.

الدولة الاسلامية بعيدة كل البعد عن أن تكون دولة نفطية. “فهم يضخون 10000 الى 20000 برميل في اليوم، ما يساوي 1-2 مليون دولار. ونظراً الى مصاريف هذه المجموعة، أعتقد أنّ هذا لا يُعدّ مبلغاً كبيراً من المال”، قال طاهري. “ومن أسباب ذلك أيضاً أنهم لا يبيعونه بسعر السوق. يبيعونه فقط من أجل تغطية مصاريفهم، ليس أكثر”. وشرح طاهري أيضاً أنّ المنظمة لا تمتلك لا الخبرة ولا الموارد البشرية لكي تشكّل خطراً على السوق، بما أنّ معظم موظفي الموقع هربوا.

إلاّ أنّ الحكومة السورية لم تنفذ من النفط عندما استولى “داعش” على حقولها النفطية. ولا تزال الدولة تسيطر على مصافي النفط في حمص وبانياس، رغم أنّ المنشأة الموجودة فقط في بانياس قادرة على العمل بكامل قدرتها على تصفية النفط الخام المستورد. أما المصفاة في حمص فقد ضربها الثوار عدة مرات وقصفتها القوات الجوية السورية عرضاً.

الغاز

أعلن “داعش” الاثنين ما قبل الماضي على تويتر أنّ مقاتليه سيطروا على مصفاة جهار في حمص، وهي ثاني أكبر مصفاة غاز في سوريا، بالإضافة الى حقلي غاز طبيعي آخرين، هما شاعر وجهار. فقام الجيش السوري بهجوم مضاد تمكّنت من خلاله قوات النظام من استعادة حقلي جهار وشاعر في غضون أيام. ولا يزال القتال الدائر هناك شرساً، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

قد يكون الانتقام هو الدافع الأساسي لهجوم “داعش” في حمص ورغبته بالسيطرة على تدمر، ولكنّ ثمة استراتيجة يتّبعها كذلك. “أهمية هذه المواقع لا تتعلق بما يمكن أن توفره لـ”داعش” بقدر ما تتعلق بقدرتها على الأخذ من طريق النظام” كما قال لـ NOW محلّل شؤون الطاقة دايفد باتر من شاذام هاوس. “اعتداءات التحالف الدولي على مصافي النفط “تسبّبت بمشاكل لداعش”، تابع باتر القول. “أولاً لم يكن لديهم الوقود لعملياتهم البرية. ثانياً، من الأصعب تسويق النفط الخام، فقد فضّلوا تسويق الديزل لأنّ بيعه أسهل. قد تكون هذه الهجمات على حقول الغاز التابعة للنظام انتقامية أو قد تكون طريقة للضغط على النظام واجباره على القيام بنوع من الصفقة حيث يبادلون الكهرباء والمنتجات الأخرى التي تأتي من مصفاتي حمص وبانياس [مقابل المال]”.

التجارة

وبدوره يقول غسان ياسين، وهو ناشط سوري مستقل، إنّ الدولة الاسلامية تدفع لمقاتليها 200-250 دولاراً في الشهر وهي بحاجة الى تمويل. “على مدى أشهر، لم يصطدم “داعش” مع قوات النظام السوري، وركّز على إخراج القوى المعتدلة من المناطق المحرّرة”، يقول. “لم يكن لدى حكومة الأسد أي مصلحة في التدخّل، وقد حافظت في الواقع على علاقة تجارية مع داعش”. فقد اشترت دمشق نفطاً رخيصاً من دير الزور لأشهر عقب استيلاء الجهاديين على حقول النفط.

في النهاية، سوف يتواجه الطرفان في حمص، ولكن في النهاية أيضاً تبقى التجارة تجارة. “صحيح أنّ “داعش” لا يمتلك الوسائل اللازمة لمعالجة الغاز الطبيعي، ولكن لا يزال بإمكانه الاستفادة من حقل الغاز، تماماً كما فعل في السابق بحقول النفط”، قال ياسين.

ميرا عبد الله ساهمت في إنجاز هذا المقال.

هذا المقال ترجمة للنص الأصلي بالإنكليزية

(ترجمة زينة أبو فاعور )

موقع لبنان ناو

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى